الوقاية من الإعاقة بالحد من حوادث المرور والأمراض المسببة للإعاقات وتكوين المكونين، أهم نقطتين استعرضهما وزير التضامن الوطني والأسرة السيد السعيد بركات من اجل الحد من معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر، وذلك سعيا إلى تحريرهم ومنحهم الاستقلالية التي تسهل عملية إدماجهم الاجتماعية بمعناها الشامل. وبمناسبة افتتاحه للمنتدى الجزائري الفرنسي حول ''الاستقلالية والوسائل التقنية وتسهيل وصول المعاقين إلى الأماكن العمومية'' أمس بالعاصمة، دعا السيد بركات الخبراء الفرنسيين إلى التعاون مع نظرائهم الجزائريين في إطار ''تكوين المكونين'' نظرا للنقص الذي تعرفه الجزائر في هذا المجال. وعبر عن استعداد الوزارة لتوقيع اتفاقيات تعاون في هذا المجال مع الجانب الفرنسي ودول أخرى، بشرط عمل الطرف الأجنبي على تحويل التكنولوجيات والتقنيات الحديثة في مجال التكفل بالمعاقين وإدماجهم. وقال الوزير ''محتاجون لمكونين، ومستعدون لعقد اتفاقيات في هذا المجال مع أي جهة تريد أن تعمل معنا، لاسيما في مجال تكوين التقنيين، لكن بشرط أن تكون التكنولوجيا المحولة دقيقة وحديثة، لا أريد أن يستمر المعاق الجزائري في استخدام تجهيزات تعود للعقود الماضية''. وفي هذا الصدد طالب بضرورة تطوير البحث العلمي وتقاسم المعرفة على المستوى العالمي. واعتبر السيد بركات أن تنظيم هذا المنتدى الذي يدوم ثلاثة أيام يهدف الى البحث في سبل تحرير المعاق ''ليس من الناحية الجسدية فقط، ولكن اقتصاديا كذلك، بغية تحقيق استقلاليته الكاملة''، مشيرا إلى وجود تطور كبير في التكنولوجيا، يفترض أن يستفيد منه جميع المعاقين في كل انحاء العالم، باعتبار أن الاستثمار في هذا المجال لايمكن بأي حال من الاحوال أن يكون تجاريا او ربحيا. وفي استعراضه لواقع المعاق بالجزائر، عاد الوزير الى التذكير بأن الاعاقة كانت غداة الاستقلال مرادفا للفقر والتسول، لكن الجهود التي بذلتها الدولة الجزائرية على المستوى التعليمي والصحي، مكنت من تغيير هذا الواقع - كما قال- مستشهدا باندثار عدة امراض كانت تسبب الاعاقة، وكذا بالنتائج الدراسية الجيدة للمعاقين، حيث اشار الى تسجيل نسبة نجاح لدى المعاقين في كافة الامتحانات العام الماضي بلغت 62 بالمائة ''وهي نفس النسبة المسجلة لدى الاسوياء''. كما ذكر بوجود 182 مركزا للمعاقين، و16 الف تلميذ متمدرس معاق (يشمل الرقم كل انواع الاعاقات). ولأن الجزائر تحصي نسبة كبيرة من المعاقين الحركيين بنسبة 44 بالمائة من اجمالي المعاقين البالغ عددهم 97,1 مليون شخص حسب آخر احصاء، فإن الوزير شدد على كون حوادث المرور من اهم اسباب الاعاقات في الجزائر، اذ كانت السنة الماضية وراء تسجيل 14 الف قتيل و74 الف جريح هم في واقع الامر ليسوا مجرد جرحى ولكن ''معاقون''. لذلك اعتبر أن استراتيجية الوقاية من حوادث المرور تعد سبيلا لخفض نسبة المعاقين في الجزائر، معتبرا أن ذلك لن يتم الا بتضافر جهود كل القطاعات المعنية داخل الدولة وفي المجتمع المدني. وكان المنتدى فرصة لوزير التضامن الوطني للتذكير كذلك بآخر اجراء هام اتخذته الحكومة لتسهيل عملية إدماج المعاقين في المجتمع، والمتعلق بالقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 6 مارس 2011 الخاص بالمقاييس التقنية لتسهيل وصول الأشخاص المعوقين الى المحيط المبني والتجهيزات المفتوحة للجمهور. القرار الذي صدر بالجريدة الرسمية ودخل بالتالي حيز التنفيذ ينص على ضرورة أن تتخذ مختلف القطاعات التدابير الرامية لجعل المحيط المبني والتجهيزات المفتوحة للجمهور سهلة الوصول للاشخاص المعاقين، وتقتصر هذه التدابير على البنايات الجديدة والاشغال المعنية بإعادة التأهيل عند الاقتضاء. وهو مايعني عدم منح رخصة البناء لاي جهة مالم تحترم في دفتر شروطها هذه المعايير. للإشارة؛ فإن المنتدى الذي بدأ اشغاله امس بحضور 150 مشاركا يهدف الى عرض التجربتين الجزائرية والفرنسية في مجال التكفل بالاعاقات، ويعرف إلقاء محاضرات تخص اربعة محاور هي: تسيير وتسهيل وصول المعاق الى الاماكن العمومية من اجل ادماج افضل، الاعاقة السمعية، اعادة التأهيل العملية والمساعدات التقنية للمكفوفين والمصابين بقصر النظر، تجارب مراكز المساعدة عن طريق الشغل.