تزينت الأزقة الضيقة والشوارع المتراصة المؤدية إلى ساحة الثورة بوسط مدينة عنابة، بمختلف ألوان العنبر والبخور وحتى الشموع المعطرة التي يعرضها الباعة المتجولين مقابل بعض الدنانير، حيث يكون الإقبال عليها كبيرا من طرف ربات البيوت اللواتي يتفنن في اقتناء مثل هذه اللواحق، تماشيا مع ديكور غرف المنزل التي تنظف ليلة قبل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والذي يعتبر بالنسبة لسكان عنابة الأصليين فرصة للم شمل الأهل والأصدقاء وتذكر قعدات زمان. تحضر النسوة في ليلة المولد النبوي الشريف طبق الشخشوخة المرصع ببنادق لحم الخروف أوالدجاج، بالإضافة إلى إضفاء لمسة سحرية للطبق، والذي ينكه ببعض المعطرات العشبية التي تفتح شهية الضيوف والأهالي الذين يزورون بونة في ليلة المولد، كما تضاف إلى المائدة بعض اللواحق الأخرى منها أقداح اللبن والتمر والفواكه المجففة، وهناك من العائلات من تفضل تقديم طبق الثريدة المتكون من رقائق العجينة الجافة والتي تشرف على صنعها امرأة مسنة تعرف تقاليد هذا الطبق، تستغل بعض كبيرات السن المولد النبوي الشريف للاسترزاق وجمع بعض ''الدريهمات''، حيث يعرض رقاق الشخشوخة والثريدة في الأسواق الشعبية التي يقبل عليها المواطنون بدورهم. بعد تناول هذه الأطباق التقليدية مع العائلة ليلا، يتوجه الآباء إلى المساجد لحضور حلقات الذكر، أين تصدح المآذن بصوت الآذان وتلاوة القرآن والتغني بمولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أما الأطفال فيحولون شوارع بونة الضيقة والمظلمة إلى نهار من خلال إشعال الشموع والمفرقعات التي تعيد نبض وحركية الحياة للمنطقة، خاصة أن السهرة خلال ليلة المولد النبوي الشريف تمتد حتى طلوع الفجر، أما النسوة والفتيات يجتمعن في صحن البيت الكبير الذي مازال متواجدا بالأحياء الشعبية بعنابة لتبادل الحديث والتمتع بالبوقالات وتخضيم أيديهن بالحناء المزركشة بمختلف الأشكال، كما تتزين مائدة السهرة بالمكسرات وأكواب الشاي وحلوى ''الزريرة'' وهوالطبق الرئيسي الذي تقدمه المرأة العنابية للفقراء والمساكين احتفالا بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام، ويتكون من الدقيق المحلى بالعسل وماء الزهر والزبدة والمكسرات، يتم تقديم حلوى الزريرة في الصباح للأطفال من أجل الفأل الخير والتبريكات، هذه هي تقاليد سكان عاصمة أبومروان الشريف بعنابة خلال المولد الشريف، والذي يعتبر فرصة للقاء ولم شمل الأحباب.
