جميع مصالح وأجهزة الدولة جاهزة لمرافقة المترشحين ودعمهم    التحضير لموسم الاصطياف، الحصاد والدرس واستقبال الجالية الوطنية…    إن أمناس: توقيف 3 أشخاص مسلحين من جنسية أجنبية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 55362 شهيدا    منع مواقد الشواء في الغابات لقلة الوعي البيئي    هذه فترة التسجيلات في مسابقة الدخول إلى مدارس أشبال الأمة    جاهزية تامة لإطلاق شركة النّقل الجوي الداخلي    استكمال المشاريع الهيكلية وتحسين القدرة الشرائية    لا استبدال لطريقة التصحيح.. و نزاهة البكالوريا أولوية    صواريخ إيران تزرع الرعب.. وتل أبيب تتوجّع    الرئيس غالي يثمن جهود الحركة التضامنية    استمرار الضربات المتبادلة بين إيران والكيان الصهيوني    طلبة جزائريون ينجحون في إطلاق صاروخ بأمريكا    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    مشكلة حراس "الخضر" مستمرة وتضع بيتكوفيتش في ورطة    إسلام منصوري يفتك القميص الأصفر    دورة تكوينية في المقاولاتية للطلبة ذوي الهمم    جهود مكثفة لحماية المناطق الرطبة    يوم دراسي حول المسؤولية الطبية    تعليمات لتسريع تسليم المشاريع السكنية الجديدة    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لسنة 2025    ذاكرة تُكرّم وأصوات تُخلد    تعادل مثير بين الأهلي وميامي    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    السيد بوغالي يستقبل وفدا عن برلمان عموم أمريكا الوسطى "البرلاسان"    تسريع الإجراءات اللازمة لإطلاق شركة النقل الجوي الداخلي للمسافرين    صحة: سايحي يتحادث مع نظيره التونسي    موسم الحصاد والدرس: رئيس الجمهورية يأمر بالعمل على تحقيق نتائج أعلى من الموسم الماضي    الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تحدد شروط الصعود والنزول للموسم 2025-2026    دفعة جديدة من الهجمات الصاروخية الإيرانية على الكيان الصهيوني    ورقلة : مشروع المرجع الوطني للعنونة ركيزة في مسار التنمية    6416 مخالفة لأصحاب الدرّاجات النارية    حملة وطنية للتبرع بالدم    عين تموشنت.. مساعي لتوسيع نشاط تربية المائيات في المياه العذبة    غليزان..جمع أزيد من 19 ألف وحدة من جلود الأضاحي    دراجات /طواف الكاميرون-2025 : الجزائري إسلام منصوري يفوز بالقميص الأصفر للنسخة 21    الرئيس الصحراوي يثمن مجهود الحركة التضامنية مع حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    تخيل.. عام واحد بلا كهرباء ولا آلات!    "واللَّه يعصمك من الناس"    شايب و واضح يشاركان في لقاء من تنظيم قنصلية الجزائر بنيس حول المقاولاتية    بسكرة : تخرج 12 دفعة جديدة بالمدرسة العليا للقوات الخاصة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    انهيار المحور المقاوم وصعود إسرائيل الكبرى"    بن جامع : الكيان "يتصرف وكأنّ القانون غير موجود، أو لا ينطبق عليه"    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    العرباوي يشرف على إحياء يوم الفنان    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    مونديال الأندية ينطلق اليوم    الكسكسي في مسابقة دولية    اختبار مفيد رغم الخسارة    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهد محمد الصالح بن عبد السلام شاهد على مجزرة ساقية سيدي يوسف
من الفداء إلى الجبال
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2012

رجال رفعوا التحدي ووضعوا أرواحهم على كف والحرية والإستقلال على الكف الآخر، شاهدوا أحباءهم ورفقاءهم يستشهدون وصمدوا حتى رأوا شمس الحرية ولم تكتب لهم الشهادة ولكن كتب لهم الأجر بإذن الله.
ومن هؤلاء الرجال الذين نقف لهم وقفة إجلال وإكبار عمي محمد الصالح بن عبد السلام المجاهد الذي ولد بحي سيدي جليس بقسنطينة العتيقة سنة 1936 وبها ترعرع وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط وترعرع في كنف جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها العلامة عبد الحميد بن باديس بحي الأربعين شريفا أين تعلم مبادئ الدين الإسلامي وتعلم أبجديات اللغة العربية وتشبع بمعاني الهوية الوطنية.
كان مند صغره يمقت الاستعمار الذي أذاق أبناء هذا الشعب كل أنواع الظلم والاضطهاد وهو ما ولد لديه الرغبة في الثأر لأبناء شعبه ليقرر الالتحاق بجبهة التحرير الوطني سنة 1955 وهو في ال19 من عمره، بعد اندلاع الثورة بدأ رحلة الكفاح الشاقة والمشرفة التي لم تتوقف إلا مع حصول الجزائر على استقلالها الكامل الذي نحتفل بذكراه ال50 هذه السنة ونحن لا نزال نجهل الكثير عن أبطال وصناع الاستقلال الذي ننعم به اليوم.
رحلة الفداء والحكم بالإعدام غيابيا
بعد انضمامه سنة 1955 لصفوف جبهة التحرير الوطني كلف بأول عملية مع المجاهد السعيد بولحليب من أجل القضاء على أحد الشخصيات المعروفة بانتمائها للاستعمار الفرنسي وذلك بمنطقة “رحبة الصوف” وهي العملية التي أحدثت ضجة كبيرة وتناولتها الصحافة الفرنسية الصادرة في الجزائر بشكل كبير لدقة العملية وأهمية الشخصية وكذا مكان وقوعها أمام مركز الأمن الثاني برحبة الصوف لتليها عمليات أخرى ناجحة ضد المستعمر وأتباعه إضافة إلى العمل على توزيع المنشورات وجمع الأموال والسلاح لدعم الجبهة.
وروى لنا المجاهد بن عبد السلام كيف كان يتم جمع السلاح والذخيرة وإرسالها إلى المزرعة المسماة “فيرمة لمغايش” بديدوش مراد والتي تعتبر أحد مراكز جيش التحرير بالولاية الثانية التاريخية لتستمر العملية حتى سنة 1956 أين تم إلقاء القبض على احد رفقائه في النضال بقسنطينة وهو “السعيد بولحليب”، بعدها قامت الإدارة الفرنسية بمطاردته إلا أنها فشلت في وضع يدها عليه فأصدرت في حقه 3 أحكام غيابية، الأول في 15 ماي 1959 بالسجن لمدة 20 سنة نافذة مع الأشغال الشاقة وحكمين غيابيين بالإعدام في سبتمبر 1960 وقبلها في نوفمبر 1957، مع مصادرة جميع أملاكه وهنا وصف لنا المجاهد سي الصالح كما كان معروفا لدى رفقاء دربه معاناة أهله الذين تعرضوا إلى العديد من المضايقات مما اضطرهم إلى تغيير السكن عدة مرات نتيجة الاقتحامات المفاجئة وشبه اليومية لمنزله الذي كان وقتها بحي الفوبور، ليلتحق بعدها بجيش التحرير الوطني وتبدأ مرحلة الجهاد بجبال الولاية الثانية التاريخية.
الالتحاق بالجبال والمشاركة في العديد من العمليات
بعد انكشاف أمره من طرف الإدارة الفرنسية التحق سي الصالح بالجبل بالولاية الثانية وانضم إلى الكتيبة التي كانت تحت قيادة الشهيد البطل مسعود بوجريو المدعو «سي مسعود لقسمطيني” وشارك في الهجومات على المستعمر والتي مست العديد من معاقل جنود الاستعمار بولاية قسنطينة خاصة في شطابة، بوسط المدينة ومنطقة الغراب (صالح باي حاليا)، حيث نفذ رفقة اثنين من المجاهدين أحدهما دوبالي عبد المجيد عملية هجوم على حانة بمنطقة الشالي إذ يروي لنا المجاهد أنه وبأمر من سي مسعود لقسنطيني تم التنقل وقت المغرب في احدى ليالي رمضان من سنة 1957 إلى منطقة الشالي للقيام بعملية تفجير حانة بها عشرات من الجنود الفرنسيين، حيث فقد المستعمر عددا معتبرا من الجنود خلال هذه العملية التي كانت واحدة من سلسلة عمليات نفذت في نفس الليلة، كما شارك المجاهد في معركة واد سقان في 1957 في مواجهة الحركى والعساكر الفرنسيين الذين حاولوا محاصرة حوالي 20 مجاهدا كانوا بالمنطقة وتم خلالها إلحاق خسائر في صفوف العدو الفرنسي كما استشهد خلالها عدد من المجاهدين.
كما تحدث عمي صالح عن معركة المايدة التي وقعت بنواحي الميلية إثر قيام الجيش الاستعماري بعملية مسح للمنطقة باستخدام الطائرات، ورغم أن المعركة غير متكافئة القوى إلا أن المجاهدين تمكنوا من إسقاط طائرة استطلاع فرنسية في مكان يدعى “دار الوادي” بنواحي الميلية، بالإضافة إلى معركة “الشكايل” ببلدية القل.
عبور خط موريس والإشراف على أول مصنع للمتفجرات
كان المجاهد عمي صالح من بين مجموعة المجاهدين الذين تحدوا الأسلاك الشائكة التي وضعها المستعمر الفرنسي على طول الحدود التونسية- الجزائرية فيما يعرف بخط موريس، حيث تم عبوره نحو الشقيقة تونس نحو منطقة غار ديماو الحدودية ليتجهوا بعدها إلى ساقية سيدي يوسف وهناك حصلت المجزرة الرهيبة التي حضر أحداثها المجاهد وروى لنا شهادته في الحدث الذي اختلطت فيه دماء الجزائريين والتونسيين بساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، حيث ارتكب الاستعمار مجازر بضرب العديد من الأهداف المدنية كعقاب جماعي لهذه القرية الحدودية كرد فعل عن الدعم التونسي للثورة وكذا بعد القرار الفرنسي القاضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي، وذكر المتحدث أن القصف المتواصل استمر حوالي ساعة من الزمن، وكان اليوم يوم تسوق.
بعدها، تلقى المجاهد ورفقاؤه تدريبا عسكريا متطورا من قبل الجنود الجزائريين الذي فروا من الجيش الفرنسي من أمثال المجاهد زرقيني، سي مصطفى شلوفي وغيرهم ليكلف بعدها بمهمة تدريب فرقة من المجاهدين، وتنقل بعدها إلى العاصمة التونسية والتي تكفل فيها بتجميع المؤونة والأسلحة وتخزينها قبل شحنها باتجاه الحدود لإدخالها إلى الوطن.ومن بين المهام النبيلة والشديدة الخطورة التي تكفل بها المجاهد سنة 1960 الإشراف على أول مخزن للبارود الذي كان يستعمل لتركيب متفجرات خاصة لتفجير خطي شال وموريس وذكر المجاهد أن مكان هذا المخزن كان بإحدى الفيلات السرية بالعاصمة التونسية، حيث عمل به رفقة 8 من المجاهدين منهم المجاهد مسلم الطيب وعبد الواحد الشريف وعبد الوهاب والمجاهد مصطفى معنصري وغيرهم.
أما عن تفاصيل هذا العمل الدقيق الذي كان يقوم به هذا الفريق تحدث المجاهد عن كيفية صنع وتجهيز هذه المتفجرات التي يبلغ طول الواحدة منها حوالي 1.5 متر،
وهي المهمة الأخيرة أداها المجاهد قبل الاستقلال ليعود بعدها إلى أرض الوطن المستقل بفضل رجال ونساء آمنوا بقضيتهم وضحوا بكل ما يملكون من أجل هدف وحيد وهو أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.