مجلس الأمة: وزير العدل يعرض نص القانون المتعلق بالتعبئة العامة أمام اللجنة المختصة    يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بشكل جماعي لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    المغرب: 232 باحث يعلنون مقاطعة المنتدى الخامس لعلم الاجتماع بالرباط بسبب مشاركة الصهاينة    توزيع أزيد من 13000 وحدة سكنية بمختلف الصيغ بست ولايات من جنوب الوطن    كرة القدم/نهائي كأس الجزائر-2025 (اتحاد الجزائر-شباب بلوزداد): طرح 20 ألف تذكرة للبيع يوم غد الاربعاء    عيد الاستقلال : يوم السبت 5 يوليوعطلة مدفوعة الأجر    وزير الثقافة والفنون يشيد بنتائج دراسة هادفة لإنعاش الصناعة السينمائية الجزائرية    الاتحادية الجزائرية تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة عن النسبة المعتادة    الرابطة الأولى موبيليس 2025-2026 : افتتاح الميركاتو الصيفي    طاقة و مناجم: عرقاب يتباحث مع السفير السعودي لدى الجزائر فرص التعاون و الاستثمار    قسنطينة: إعادة فتح مصالح مستشفى "محمد بوضياف" بالخروب بعد تأهيلها بالكامل    حوادث المرور: وفاة 37 شخصا وإصابة 1915 آخرين خلال أسبوع    جرائم الاستعمار: الجزائر تؤيد كل المساعي المطالبة بالعدالة    خنشلة: الطبعة الثانية للمهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية من 6 إلى 9 يوليو    الجريمة الإلكترونية تستنفر البرلمان    تأكيد أهمية التشاور للوصول إلى حلول ناجعة    حملة وطنية للوقاية من حوادث المرور    توقيع اتفاقية بين وزارتي البيئة والصناعة    غزّة تنزف حتّى الموت!    إيساكوم تندد بالخطوة الانتقامية للاحتلال المغربي    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    بورصة الجزائر: إدراج سندات قرض الشركة العربية للإيجار المالي بقيمة 3 مليار دج    المغير: استفادة التلاميذ النجباء من رحلة استجمامية إلى ولاية وهران    المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة: الأصالة والتجديد في اختتام الطبعة ال11    الأمين العام للأمم المتحدة يعرب عن القلق إزاء أوامر إخلاء جديدة أصدرها الاحتلال شمال غزة    المشاريع المُصادَرة.. العودة؟    هذا جديد الوفاق    نتائج مُشرّفة لعسكر الجزائر    العرباوي يتحادث مع رئيسة حكومة تونس    غوتيريس وملك إسبانيا يحمّلان العرباوي نقل تحياتهما للرئيس تبون    خطوة هامة في مسار استرداد أموال الجزائريين    السيادة على ثرواتنا الطبيعية مبدأ مقدّس    النعامة.. تدشين وإطلاق عدة مشاريع تنموية    رفع قابلية توظيف متخرّجي التكوين المهني ب50 %    سفينة "الفينيزيلوس" تستأنف نشاطها    دورات تكوينية لمتصرفي الشواطئ بوهران    فتح المسبح الخارجي لمركّب "ميلود هدفي" أمام المواطنين    عرض عراقي خيالي لضم بغداد بونجاح    بن دبكة باق في السعودية.. والوجهة مزاملة سعيود في الحزم    ثلاث ميداليات للجزائر في المرحلة الثانية    "قطار الصيف" ينطلق نحو شواطئ سكيكدة    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    "الغابة النظيفة" أولى ثمار تكوين مسرحي بالقليعة    المنافسة على "العنقود الذهبي" تنطلق    مرضى السكري أكثر عرضة لانسداد الشرايين    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    بللو يشرف على إطلاق برنامج "هي"    أورنوا : نظام توزيع المساعدات للفلسطينيين بقطاع غزة    تصعيد خطير يستهدف الطلبة الصحراويين    قضية الصحراء الغربية واحدة من أكبر المظالم    بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.. صوت الإسلام الأول    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    التاريخ الهجري.. هوية المسلمين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهد محمد الصالح بن عبد السلام شاهد على مجزرة ساقية سيدي يوسف
من الفداء إلى الجبال
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2012

رجال رفعوا التحدي ووضعوا أرواحهم على كف والحرية والإستقلال على الكف الآخر، شاهدوا أحباءهم ورفقاءهم يستشهدون وصمدوا حتى رأوا شمس الحرية ولم تكتب لهم الشهادة ولكن كتب لهم الأجر بإذن الله.
ومن هؤلاء الرجال الذين نقف لهم وقفة إجلال وإكبار عمي محمد الصالح بن عبد السلام المجاهد الذي ولد بحي سيدي جليس بقسنطينة العتيقة سنة 1936 وبها ترعرع وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط وترعرع في كنف جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها العلامة عبد الحميد بن باديس بحي الأربعين شريفا أين تعلم مبادئ الدين الإسلامي وتعلم أبجديات اللغة العربية وتشبع بمعاني الهوية الوطنية.
كان مند صغره يمقت الاستعمار الذي أذاق أبناء هذا الشعب كل أنواع الظلم والاضطهاد وهو ما ولد لديه الرغبة في الثأر لأبناء شعبه ليقرر الالتحاق بجبهة التحرير الوطني سنة 1955 وهو في ال19 من عمره، بعد اندلاع الثورة بدأ رحلة الكفاح الشاقة والمشرفة التي لم تتوقف إلا مع حصول الجزائر على استقلالها الكامل الذي نحتفل بذكراه ال50 هذه السنة ونحن لا نزال نجهل الكثير عن أبطال وصناع الاستقلال الذي ننعم به اليوم.
رحلة الفداء والحكم بالإعدام غيابيا
بعد انضمامه سنة 1955 لصفوف جبهة التحرير الوطني كلف بأول عملية مع المجاهد السعيد بولحليب من أجل القضاء على أحد الشخصيات المعروفة بانتمائها للاستعمار الفرنسي وذلك بمنطقة “رحبة الصوف” وهي العملية التي أحدثت ضجة كبيرة وتناولتها الصحافة الفرنسية الصادرة في الجزائر بشكل كبير لدقة العملية وأهمية الشخصية وكذا مكان وقوعها أمام مركز الأمن الثاني برحبة الصوف لتليها عمليات أخرى ناجحة ضد المستعمر وأتباعه إضافة إلى العمل على توزيع المنشورات وجمع الأموال والسلاح لدعم الجبهة.
وروى لنا المجاهد بن عبد السلام كيف كان يتم جمع السلاح والذخيرة وإرسالها إلى المزرعة المسماة “فيرمة لمغايش” بديدوش مراد والتي تعتبر أحد مراكز جيش التحرير بالولاية الثانية التاريخية لتستمر العملية حتى سنة 1956 أين تم إلقاء القبض على احد رفقائه في النضال بقسنطينة وهو “السعيد بولحليب”، بعدها قامت الإدارة الفرنسية بمطاردته إلا أنها فشلت في وضع يدها عليه فأصدرت في حقه 3 أحكام غيابية، الأول في 15 ماي 1959 بالسجن لمدة 20 سنة نافذة مع الأشغال الشاقة وحكمين غيابيين بالإعدام في سبتمبر 1960 وقبلها في نوفمبر 1957، مع مصادرة جميع أملاكه وهنا وصف لنا المجاهد سي الصالح كما كان معروفا لدى رفقاء دربه معاناة أهله الذين تعرضوا إلى العديد من المضايقات مما اضطرهم إلى تغيير السكن عدة مرات نتيجة الاقتحامات المفاجئة وشبه اليومية لمنزله الذي كان وقتها بحي الفوبور، ليلتحق بعدها بجيش التحرير الوطني وتبدأ مرحلة الجهاد بجبال الولاية الثانية التاريخية.
الالتحاق بالجبال والمشاركة في العديد من العمليات
بعد انكشاف أمره من طرف الإدارة الفرنسية التحق سي الصالح بالجبل بالولاية الثانية وانضم إلى الكتيبة التي كانت تحت قيادة الشهيد البطل مسعود بوجريو المدعو «سي مسعود لقسمطيني” وشارك في الهجومات على المستعمر والتي مست العديد من معاقل جنود الاستعمار بولاية قسنطينة خاصة في شطابة، بوسط المدينة ومنطقة الغراب (صالح باي حاليا)، حيث نفذ رفقة اثنين من المجاهدين أحدهما دوبالي عبد المجيد عملية هجوم على حانة بمنطقة الشالي إذ يروي لنا المجاهد أنه وبأمر من سي مسعود لقسنطيني تم التنقل وقت المغرب في احدى ليالي رمضان من سنة 1957 إلى منطقة الشالي للقيام بعملية تفجير حانة بها عشرات من الجنود الفرنسيين، حيث فقد المستعمر عددا معتبرا من الجنود خلال هذه العملية التي كانت واحدة من سلسلة عمليات نفذت في نفس الليلة، كما شارك المجاهد في معركة واد سقان في 1957 في مواجهة الحركى والعساكر الفرنسيين الذين حاولوا محاصرة حوالي 20 مجاهدا كانوا بالمنطقة وتم خلالها إلحاق خسائر في صفوف العدو الفرنسي كما استشهد خلالها عدد من المجاهدين.
كما تحدث عمي صالح عن معركة المايدة التي وقعت بنواحي الميلية إثر قيام الجيش الاستعماري بعملية مسح للمنطقة باستخدام الطائرات، ورغم أن المعركة غير متكافئة القوى إلا أن المجاهدين تمكنوا من إسقاط طائرة استطلاع فرنسية في مكان يدعى “دار الوادي” بنواحي الميلية، بالإضافة إلى معركة “الشكايل” ببلدية القل.
عبور خط موريس والإشراف على أول مصنع للمتفجرات
كان المجاهد عمي صالح من بين مجموعة المجاهدين الذين تحدوا الأسلاك الشائكة التي وضعها المستعمر الفرنسي على طول الحدود التونسية- الجزائرية فيما يعرف بخط موريس، حيث تم عبوره نحو الشقيقة تونس نحو منطقة غار ديماو الحدودية ليتجهوا بعدها إلى ساقية سيدي يوسف وهناك حصلت المجزرة الرهيبة التي حضر أحداثها المجاهد وروى لنا شهادته في الحدث الذي اختلطت فيه دماء الجزائريين والتونسيين بساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، حيث ارتكب الاستعمار مجازر بضرب العديد من الأهداف المدنية كعقاب جماعي لهذه القرية الحدودية كرد فعل عن الدعم التونسي للثورة وكذا بعد القرار الفرنسي القاضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي، وذكر المتحدث أن القصف المتواصل استمر حوالي ساعة من الزمن، وكان اليوم يوم تسوق.
بعدها، تلقى المجاهد ورفقاؤه تدريبا عسكريا متطورا من قبل الجنود الجزائريين الذي فروا من الجيش الفرنسي من أمثال المجاهد زرقيني، سي مصطفى شلوفي وغيرهم ليكلف بعدها بمهمة تدريب فرقة من المجاهدين، وتنقل بعدها إلى العاصمة التونسية والتي تكفل فيها بتجميع المؤونة والأسلحة وتخزينها قبل شحنها باتجاه الحدود لإدخالها إلى الوطن.ومن بين المهام النبيلة والشديدة الخطورة التي تكفل بها المجاهد سنة 1960 الإشراف على أول مخزن للبارود الذي كان يستعمل لتركيب متفجرات خاصة لتفجير خطي شال وموريس وذكر المجاهد أن مكان هذا المخزن كان بإحدى الفيلات السرية بالعاصمة التونسية، حيث عمل به رفقة 8 من المجاهدين منهم المجاهد مسلم الطيب وعبد الواحد الشريف وعبد الوهاب والمجاهد مصطفى معنصري وغيرهم.
أما عن تفاصيل هذا العمل الدقيق الذي كان يقوم به هذا الفريق تحدث المجاهد عن كيفية صنع وتجهيز هذه المتفجرات التي يبلغ طول الواحدة منها حوالي 1.5 متر،
وهي المهمة الأخيرة أداها المجاهد قبل الاستقلال ليعود بعدها إلى أرض الوطن المستقل بفضل رجال ونساء آمنوا بقضيتهم وضحوا بكل ما يملكون من أجل هدف وحيد وهو أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.