على هامش أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يلتقي بالرئيس السنغالي    امتحانا التعليم المتوسط والبكالوريا: تحديد تواريخ سحب الاستدعاءات    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    في حملة وطنية أطلقت أمس للتوعية بمخاطرها: تحذير من الاستعمال السيّئ لوسائط التواصل الاجتماعي    الرئيس الصحراوي يؤكد مواصلة الكفاح لغاية نيل الحرية    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    ما سيسمح بوصول التغطية إلى 100 بالمئة: مساع لربط 467 سكنا بالغاز في بوراوي بلهادف بجيجل    الرئيس تبون يدعو منظمة التعاون الإسلامي إلى تحمّل مسؤوليتها أمام التاريخ ويؤكد: البشرية فقدت في فلسطين المحتلة كل مظاهر الإنسانية    تواصل مساعيها الدبلوماسية لفضح الصهاينة و وقف العدوان على غزة    باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    الرئيس تبون.. جهود كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي    الجزائر الجديدة.. حركية كبيرة وتدابير تشجيعية    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    الصحافة الوطنية تلعب دورا كبيرا في المشهد الإعلامي    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    وسام مالي لمصطفى براف    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية        الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    26 مراقبا في دورة تكوينية    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    رخروخ: الجزائر مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز حضورها الاقتصادي اقليميا وقاريا    السيدة كريكو تبرز "المكانة المرموقة" التي تحظى بها المرأة ضمن المشروع المؤسساتي لرئيس الجمهورية    الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهد محمد الصالح بن عبد السلام شاهد على مجزرة ساقية سيدي يوسف
من الفداء إلى الجبال
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2012

رجال رفعوا التحدي ووضعوا أرواحهم على كف والحرية والإستقلال على الكف الآخر، شاهدوا أحباءهم ورفقاءهم يستشهدون وصمدوا حتى رأوا شمس الحرية ولم تكتب لهم الشهادة ولكن كتب لهم الأجر بإذن الله.
ومن هؤلاء الرجال الذين نقف لهم وقفة إجلال وإكبار عمي محمد الصالح بن عبد السلام المجاهد الذي ولد بحي سيدي جليس بقسنطينة العتيقة سنة 1936 وبها ترعرع وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط وترعرع في كنف جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها العلامة عبد الحميد بن باديس بحي الأربعين شريفا أين تعلم مبادئ الدين الإسلامي وتعلم أبجديات اللغة العربية وتشبع بمعاني الهوية الوطنية.
كان مند صغره يمقت الاستعمار الذي أذاق أبناء هذا الشعب كل أنواع الظلم والاضطهاد وهو ما ولد لديه الرغبة في الثأر لأبناء شعبه ليقرر الالتحاق بجبهة التحرير الوطني سنة 1955 وهو في ال19 من عمره، بعد اندلاع الثورة بدأ رحلة الكفاح الشاقة والمشرفة التي لم تتوقف إلا مع حصول الجزائر على استقلالها الكامل الذي نحتفل بذكراه ال50 هذه السنة ونحن لا نزال نجهل الكثير عن أبطال وصناع الاستقلال الذي ننعم به اليوم.
رحلة الفداء والحكم بالإعدام غيابيا
بعد انضمامه سنة 1955 لصفوف جبهة التحرير الوطني كلف بأول عملية مع المجاهد السعيد بولحليب من أجل القضاء على أحد الشخصيات المعروفة بانتمائها للاستعمار الفرنسي وذلك بمنطقة “رحبة الصوف” وهي العملية التي أحدثت ضجة كبيرة وتناولتها الصحافة الفرنسية الصادرة في الجزائر بشكل كبير لدقة العملية وأهمية الشخصية وكذا مكان وقوعها أمام مركز الأمن الثاني برحبة الصوف لتليها عمليات أخرى ناجحة ضد المستعمر وأتباعه إضافة إلى العمل على توزيع المنشورات وجمع الأموال والسلاح لدعم الجبهة.
وروى لنا المجاهد بن عبد السلام كيف كان يتم جمع السلاح والذخيرة وإرسالها إلى المزرعة المسماة “فيرمة لمغايش” بديدوش مراد والتي تعتبر أحد مراكز جيش التحرير بالولاية الثانية التاريخية لتستمر العملية حتى سنة 1956 أين تم إلقاء القبض على احد رفقائه في النضال بقسنطينة وهو “السعيد بولحليب”، بعدها قامت الإدارة الفرنسية بمطاردته إلا أنها فشلت في وضع يدها عليه فأصدرت في حقه 3 أحكام غيابية، الأول في 15 ماي 1959 بالسجن لمدة 20 سنة نافذة مع الأشغال الشاقة وحكمين غيابيين بالإعدام في سبتمبر 1960 وقبلها في نوفمبر 1957، مع مصادرة جميع أملاكه وهنا وصف لنا المجاهد سي الصالح كما كان معروفا لدى رفقاء دربه معاناة أهله الذين تعرضوا إلى العديد من المضايقات مما اضطرهم إلى تغيير السكن عدة مرات نتيجة الاقتحامات المفاجئة وشبه اليومية لمنزله الذي كان وقتها بحي الفوبور، ليلتحق بعدها بجيش التحرير الوطني وتبدأ مرحلة الجهاد بجبال الولاية الثانية التاريخية.
الالتحاق بالجبال والمشاركة في العديد من العمليات
بعد انكشاف أمره من طرف الإدارة الفرنسية التحق سي الصالح بالجبل بالولاية الثانية وانضم إلى الكتيبة التي كانت تحت قيادة الشهيد البطل مسعود بوجريو المدعو «سي مسعود لقسمطيني” وشارك في الهجومات على المستعمر والتي مست العديد من معاقل جنود الاستعمار بولاية قسنطينة خاصة في شطابة، بوسط المدينة ومنطقة الغراب (صالح باي حاليا)، حيث نفذ رفقة اثنين من المجاهدين أحدهما دوبالي عبد المجيد عملية هجوم على حانة بمنطقة الشالي إذ يروي لنا المجاهد أنه وبأمر من سي مسعود لقسنطيني تم التنقل وقت المغرب في احدى ليالي رمضان من سنة 1957 إلى منطقة الشالي للقيام بعملية تفجير حانة بها عشرات من الجنود الفرنسيين، حيث فقد المستعمر عددا معتبرا من الجنود خلال هذه العملية التي كانت واحدة من سلسلة عمليات نفذت في نفس الليلة، كما شارك المجاهد في معركة واد سقان في 1957 في مواجهة الحركى والعساكر الفرنسيين الذين حاولوا محاصرة حوالي 20 مجاهدا كانوا بالمنطقة وتم خلالها إلحاق خسائر في صفوف العدو الفرنسي كما استشهد خلالها عدد من المجاهدين.
كما تحدث عمي صالح عن معركة المايدة التي وقعت بنواحي الميلية إثر قيام الجيش الاستعماري بعملية مسح للمنطقة باستخدام الطائرات، ورغم أن المعركة غير متكافئة القوى إلا أن المجاهدين تمكنوا من إسقاط طائرة استطلاع فرنسية في مكان يدعى “دار الوادي” بنواحي الميلية، بالإضافة إلى معركة “الشكايل” ببلدية القل.
عبور خط موريس والإشراف على أول مصنع للمتفجرات
كان المجاهد عمي صالح من بين مجموعة المجاهدين الذين تحدوا الأسلاك الشائكة التي وضعها المستعمر الفرنسي على طول الحدود التونسية- الجزائرية فيما يعرف بخط موريس، حيث تم عبوره نحو الشقيقة تونس نحو منطقة غار ديماو الحدودية ليتجهوا بعدها إلى ساقية سيدي يوسف وهناك حصلت المجزرة الرهيبة التي حضر أحداثها المجاهد وروى لنا شهادته في الحدث الذي اختلطت فيه دماء الجزائريين والتونسيين بساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، حيث ارتكب الاستعمار مجازر بضرب العديد من الأهداف المدنية كعقاب جماعي لهذه القرية الحدودية كرد فعل عن الدعم التونسي للثورة وكذا بعد القرار الفرنسي القاضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي، وذكر المتحدث أن القصف المتواصل استمر حوالي ساعة من الزمن، وكان اليوم يوم تسوق.
بعدها، تلقى المجاهد ورفقاؤه تدريبا عسكريا متطورا من قبل الجنود الجزائريين الذي فروا من الجيش الفرنسي من أمثال المجاهد زرقيني، سي مصطفى شلوفي وغيرهم ليكلف بعدها بمهمة تدريب فرقة من المجاهدين، وتنقل بعدها إلى العاصمة التونسية والتي تكفل فيها بتجميع المؤونة والأسلحة وتخزينها قبل شحنها باتجاه الحدود لإدخالها إلى الوطن.ومن بين المهام النبيلة والشديدة الخطورة التي تكفل بها المجاهد سنة 1960 الإشراف على أول مخزن للبارود الذي كان يستعمل لتركيب متفجرات خاصة لتفجير خطي شال وموريس وذكر المجاهد أن مكان هذا المخزن كان بإحدى الفيلات السرية بالعاصمة التونسية، حيث عمل به رفقة 8 من المجاهدين منهم المجاهد مسلم الطيب وعبد الواحد الشريف وعبد الوهاب والمجاهد مصطفى معنصري وغيرهم.
أما عن تفاصيل هذا العمل الدقيق الذي كان يقوم به هذا الفريق تحدث المجاهد عن كيفية صنع وتجهيز هذه المتفجرات التي يبلغ طول الواحدة منها حوالي 1.5 متر،
وهي المهمة الأخيرة أداها المجاهد قبل الاستقلال ليعود بعدها إلى أرض الوطن المستقل بفضل رجال ونساء آمنوا بقضيتهم وضحوا بكل ما يملكون من أجل هدف وحيد وهو أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.