يعتقد الكثير من المواطنين والفاعلين في المشهد السياسي المحلي، إضافة إلى رؤساء العديد من الجمعيات المختلفة، أن الإنتخابات المحلية القادمة ذات أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المحلية التي ينشدها المواطن، كما يشدد العديد من الفاعلين في الساحة الثقافية بولاية وهران أن الانتخابات المحلية بعيدة جدا في معناها ومغزاها عن الانتخابات التشريعية، كونها تمكن المنتخبين المحليين من المساهمة الفعلية في تحقيق الكثير من الإنجازات ذات الصلة المباشرة بالمواطن في مكان تواجده وسكنه، ومن هذا المنطلق، أصبح من الضروري على المنتخبين من المواطنين حسن اختيار الممثلين من المترشحين للمجالس المنتخبة على المستوى البلدي أو الولائي. ففي ولاية وهران، مثلا، تم بها تسجيل ما لا يقل عن 52 قائمة انتخابية للمجالس الشعبية البلدية ال 26، إضافة إلى قائمة واحدة حرة ببلدية أرزيو وكذا 15 قائمة خاصة بالترشح للمجلس الشعبي الولائي. وعن هذه الإستحقاقات المحلية، أكد السيد بن شاعة الهواري رئيس جمعية محلية تعنى بالمحافظة على البيئة والمحيط، على وجوب حسن الاختيار من بين المترشحين والقوائم كذلك، لأن الانتخاب في هذه الحالة ليس واجبا فقط، وإنما هو حق لا بد من القيام به بكل روح مسؤولية من أجل النهوض بالبلدية، ومن ثم بالمستوى المعيشي للمواطن. ويقول السيد عبد الوهاب بونعناعة، بصفته رئيس جمعية ثقافية، إنه من واجب كل مواطن الإدلاء برأيه، ليس حبا في فلان وإنما من أجل المساهمة الفعلية والحقيقية في تحريك عجلة التنمية، ولعل الشيء الإيجابي جدا في هذه الانتخابات المحلية يتمثل في الحماس الكبير الذي يميز المترشحين من أجل المساهمة في البناء، وهو أمر لا بد من تثمينه وتفعيله واعتباره من الإيجابيات التي يجب من خلالها إعطاء الفرصة للمترشحين الأكفاء من أجل إظهار إمكانياتهم وإبراز قدراتهم في التسيير الفعلي، ومن ثم تحريك عجلة التنمية المحلية لتجسيد الكثير من البرامج التنموية المسطرة والمسجلة لفائدة المواطنين الذين يطمحون إلى حياة أفضل وغد أمثل، يكون فيه المواطنون على قدر من الوعي السياسي والثقافي والتربوي الذي يمكنهم من رؤية جديدة هدفها الازدهار المحلي الشامل ذي البعد الوطني. وفي نفس الإطار، يقول أحد المترشحين إنه أراد أن يخوض هذه التجربة لأول مرة في حياته، كونه واحدا من الشبان الذين يهدفون إلى توسيع العمل الجمعوي الخيري إلى ما هو أكبر وأحسن، ولم يجد لتحقيق هذا الهدف السامي سوى الترشح للانتخابات المحلية على المستوى البلدي، من أجل التعرف الفعلي والكلي على جملة المشاكل التي تواجه المواطن وكيفيات معالجتها في الميدان، خاصة وأن هذه التجربة هي التي تمكن الكثير من المترشحين الشباب من صقل مواهبهم والتعرف على خبايا التسيير الميداني للمشاكل المطروحة، مع ضرورة مواجهتها ليس لتحقيق مصالح ونزوات شخصية، وإنما من أجل الإحساس والشعور بآلام المواطنين الذين كانوا وما زال الكثير منهم يشتكي من نقص الكثير من ضروريات الحياة العصرية، مثل الإنارة العمومية التي يجب التغلب عليها أو توفير غاز المدينة والماء الشروب للعديد من المداشر والقرى النائية، وما يتطلبه ذلك من تضحيات وأعمال جبارة رفقة المسؤولين التنفيذيين الذين يبحث الكثير منهم على المساعدة في تحقيق هذه البرامج التنموية، بعيدا عن لغة الخطابات الجافة المبنية على الوعود الكاذبة التي لا تزيد ولا تقصر في الأمور شيئا. وإلى جانب ذلك الواقع، لفت انتباهنا الكثير من المواطنين الذين حاورناهم، وأكدوا أنهم لم ولا يفهمون سبب تنقل الكثير من الأشخاص المعروفين ما بين العديد من القوائم الحزبية، أو حتى تشكيل قوائم حرة فقط من أجل الترشح والبحث عن ود الناخبين وأصواتهم للحصول على منصب يمكنهم من تحقيق مآربهم الشخصية، ولو على حساب المصلحة العامة، لأنهم اعتادوا وتعودوا على ذلك في السابق، غير أن الأمور - كما يقول الكثير من المواطنين العاديين غير المتحزبين - اختلفت الآن وتم كشف المستور أمام الملأ، وأنه لم يعد بمقدور أي واحد تغليط الرأي العام المحلي على وجه الخصوص، من منطلق أن الإعلام أصبح يمارس بكل حرية وأكثر شفافية، وعليه فإنه ليس بمقدور أي فائز في الانتخابات مهما كان وزنه، أن يغش زملاءه في المجلس البلدي المنتخب الذي سيتميز بالعديد من الرؤى والبرامج السياسية، ومن ثم فإن المترشحين الذين تم قبول ملفاتهم مقابل إكراميات، ليس بمقدورهم فعل أي شيء، اللهم إلا خدمة البلدية والعمل على الارتقاء بها إلى ما هو أحسن أو الانسحاب والوصول إلى حالة انسداد، كما سبق أن عاشته الكثير من البلديات التي تعطلت فيها مصالح المواطنين، وبالتالي التنمية المحلية لم تتحرك بها عجلتها، الأمر الذي زاد من تأخرها عن الركب، وهو الأمر الذي يرفضه الكثير من المترشحين الحاليين للانتخابات البلدية على وجه الخصوص، من منطلق أن البلدية هي النواة الحقيقية التي تبنى عليها التنمية الوطنية الشاملة، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة للاهتمامات اليومية للمواطن الذي يعرف كيف يميز ما بين المشاريع المحلية التي توفر له الخدمة المباشرة والمشاريع الوطنية الكبرى التي قد تفيد مجموعة كبيرة من الناس في حركية التحرر الشامل، دون أن تهم البسطاء من المواطنين في شيء، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا داعي لذكرها، كما يقول المسرحي المعروف محمد ميهوبي، رئيس جمعية الآمل الثقافية ل “المساء”.