توافد عدد ملفت من الأطفال رفقة أسرهم نهاية الأسبوع المنصرم على بهو رياض الفتح، ليستمتعوا بمختلف الأنشطة الترفيهية والتثقيفية المنظمة من أجلهم بأروقة المكان، وإذا اختار البعض منهم الاستمتاع بألعاب ”الطوبوقون” العملاق الذي نصب في الساحة المفتوحة هناك، فإن آخرين فضلوا حضور العرض المسرحي للفكاهي حميد عاشوري الذي لم تظهر عليه علامات التعب وهو يدعو هذا الطفل أو تلك الطفلة إلى الصعود على المنصة وطرح بعض الأسئلة الفكاهية عليهم، أو حتى جعلهم يشاركون في الألعاب التي حضرها بالمناسبة من أجلهم، حيث سمح عالم الطفولة والطبيعة بشحن طاقة الصغار لفصل دراسي جديد. ”جيري” و”شارلو” و”الشبح” يلفتون الانتباه أينما حلّوا من الجانب الآخر، اصطف عدد من المهرجين الذين اختار كل واحد منهم زيا مختلفا عن الآخر، في انتظار انطلاق جولة أخرى لهم في تهريج الأطفال وملاعبتهم، فاختار عبد الرؤوف زى ”ميكي ماوس” واختار عبد السلام زي الفأر المشاكس ”جيري”، أما سفيان فقد اختار ارتداء زي ابيض وإخفاء رأسه بطاقيةٍ بيضاء ملونا محيط عينيه باللون الأبيض حتى ينجح في لعبة التخفي، فمن الأطفال من أفزعته حركات ”الشبح” وهو يصول ويجول، أما شهرزاد فقد اختارت ان تكون الساحرة، فظهرت في زيها الأسود وقبعتها السوداء، حملت عصا طويلة ولونت وجهها بالأحمر والأبيض وبعض من الأسود يخيل لمن يراها وأولئك المهرجين حقا أنهم قد هربوا من إحدى لقطات عالم ديزني الشهير برسوم الكارتون المسلية، ولكن بعض الأطفال قد يستمتعون برؤيتهم على شاشة التلفاز ويهابونهم في الحقيقة، وهذا ما حدث في بعض أجنحة ”عالم الطفولة والطبيعة” عندما تفرق جمع من الأطفال من أمام ”الساحرة والشبح” وهما يصولان هنا وهناك. أما ”ميكي ماوس” والفأر ”جيري” والمهرج ”ميمو”، فقد رسما الضحكات على وجوه محبي المهرجين طيلة عروضهم الفكاهية. لما سألنا المهرجين عن مصدر عروضهم الترفيهية، اتفقوا على القول أنها تلقائية ولا تحتاج إلى كتابة سيناريو مسبقا، فقال يوسف الذي ارتدى زي ”راعي البقر” بطريقة ملفتة، أنه يعتمد في جولاته على استغلال نظرات الأطفال المحدقين إليه حتى يستوحي بعض الحركات المضحكة، وما يلبث الأطفال أن يستديروا حوله ثم يستمر في بعض الحركات البهلوانية وسط تصفيق هؤلاء. من جهتهما، اتفق المهرجان عبد الرؤوف وسفيان على القول أن تسلية الأطفال ليست بالأمر الصعب كما قد يخيل للبعض، يكفي فقط الاقتراب منهم وجعلهم يتفاعلون مع الألعاب المقترحة وبحركات بسيطة جدا قد تبدو للبعض تافهة، ولكنها مُسلية بالنسبة للأطفال الذين يفتقد الكثير منهم لفضاءات التسلية والمرح. وتفاعل الأطفال مع المهرجين الذين اختار كل واحد منهم زاوية له ليخلق دائرة يستقطب من خلالها عددا من الأطفال وتسليتهم. لما سألنا الطفل إسلام ذي السبع سنوات الذي راح يتباهي أمام والديه بأنه يستطيع المشي مثل ”ميمو” الذي ارتدى زي ”شارلو” بطقمه الأسود الطويل وقبعته الطويلة أيضا وعصاه التي يضعها حتى إبطه ويتبختر بمشيته وهو يستعمل وجهه في التعبير بطرق مضحكة، قال إنه يتمنى أن لا تنتهي العروض الترفيهية ولا تنقضي معها كل تلك اللحظات الترفيهية التي لم يعشها من قبل. فيما قالت الطفلة سيلين ذات العشر سنوات أنها استمتعت بكل عروض المهرجين والتقاط الصور معهم...
ورشة الرسم.. عالم من الإبداع الطفولي ولم يقتصر تفاعل زوار ديوان رياض الفتح الصغار مع عروض المهرجين أو بعض ألعاب الخفة، وإنما أظهروا تفاعلا كبيرا مع ورشات الرسم التي أقيمت بخيمتين كبيرتين جلبت كل واحدة منهما مئات الأطفال ممن التقوا مجددا مع الأوراق والألوان، ولكن ليس بين جدران الأقسام وإنما بين مدربين شباب من كلية الفنون الجميلة حضورا للمكان لتلقين محبي الرسم بعض التقينات الصحيحة للرسم واستعمال الألوان أيضا. بإحدى الخيم شاركنا بعض الأطفال خربشاتهم، حيث وضعت ست طاولات واستدار حول كل طاولة ستة أطفال من الجنسين، قدمت لهم أوراق الرسم وعلى الطاولات وضعت مجموعة من اقلام التلوين وبعض أوراق اللصق، وأخذ كل طفل يرسم ما رآه مناسبا لموضوع المسابقة التي قدمت بمناسبة الصالون، حيث أوضحت ل” المساء” الآنسة ريمة بن أحمد إحدى القائمات على ورشة الرسم، أن ”عالم الشباب، الطفولة والطبيعة” اختار محور ”الطفل والبيئة” وجعل من العلاقة بينهما عنوانا لجذب الأطفال ليرسموا أشكالا عن الطبيعة وكيفية الحفاظ عليها. موضحة أن إدارة ”بريد الجزائر” المشاركة في فعاليات الصالون، ستختار أحسن رسم في المسابقة لتجعله طابعا بريديا. وكان الأطفال منهمكين في رسم ما رأوه مناسبا، وقال الطفل ايوب باني ذي 8 سنوات انه يحب الرسم كثيرا ويعتبره احسن تسلية واختار ورشة الرسم بعد أن طاف بمختلف أجنحة الديوان واستمتع بعروض التسلية المختلفة. فيما قالت الطفلة عائشة بن كواس ذات الست سنوات، أنها قد ملت المكوث في البيت أيام العطلة واختارت ورشة الرسم، لأنها هادئة وبعيدة عن صراخ الأطفال في الأجنحة الأخرى. أما أميمة باني بنت العشر سنوات التي أظهرت في حديثها إلينا بعض النضج الذي يسبق عمرها، فاختارت أن تظهر في رسمها حيّا سكنيا به عديد المحلات التجارية التي تعرض منتوجات مختلفة، ورسمت نسوة يتسوقن بكل ارتياح، وعبرت عن رسمها بقولها أن النساء يمكنهن فعل أي شيء والنجاح فيه، لأن إرادتهن قوية جدا. أما حظ الطبيعة الوافر فكان مع الطفل عز الدين قرشيش 9 سنوات، الذي أتى من مدينة حاسي مسعود الصحراوية ليمضي بعض اوقات المتعة والتسلية بالجزائر العاصمة ، واختار أن يرسم مجموعة من الأشجار والأزهار على بساط أخضر، متمنيا أن ينال الجائزة الأولى، وهو الذي سبق له أن احتل المرتبة الاولى في الرسم بدار الشباب بمدينته. أما عن الورشة التي كان أحد الفاعلين فيها، فيقول الطفل أنه استمع للنصائح المقدمة من طرف المساعدين حتى يفقه أكثر تقنيات الرسم، وهو نفس ما ذهبت إليه أخته ذكرى إيناس -11 سنة - التي تفننت في مسك قلم الرصاص وجعلته يخط بعض أحاسيسها على ورقة بيضاء ضمت إليها طبيعة ميتة، أو هكذا تعرف في عالم الرسم مثلما يشير إليه السيد مالك دفار أستاذ في مدرسة الفنون الجميلة، الذي قال في دردشته معنا، أنه أعجب كثيرا بالمبادرة التي قدمها ديوان رياض الفتح للمواهب الصغيرة التي لمس إقبالها الكبير على ورشات الرسم، وهي الفرص التي تسمح باكتشاف المواهب وتنميتهاو وهنا يؤكد أمر تفاجئه بما أظهره الأطفال من مهارات ملحوظة في فن الرسم، وما كان عليه إلا أن يوجهها نحو الاستعمال الصحيح لأقلام الرصاص والتلوين وحتى استعمال الزوايا الصحيحة لورقة الرسم. من جهته، قال الشاب فريد بلقاسم من ذات المدرسة، أن أحسن أنواع الترفيه بالنسبة للطفل هي ورشات الرسم، لأنها تنمي عقله ”أعتقد أن الأطفال حينما يرسمون إنما يفكرون بصوت عالٍ، وهو ما نراه من خلال استعمالهم للالوان التي يرونها امامهم، فأكثر ما يجلب نظرهم الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر، وهي نفس الألوان الطاغية في الطبيعة، وبتوجيه مستمر قد ينشأ جيل محترف للرسم بالفعل، وهذا أراه أحسن من المكوث أمام التلفاز أو وراء لعب البلاي استايشن”.