مشروع جمع البيانات اللغوية لأطلس اللغات لليونسكو في طور الانتهاء    تلمسان … الإطاحة بشبكة منظمة يقودها مغربيان وحجز أزيد من قنطار كيف    الوزير الأول يستقبل السفير الإيطالي بقصر الحكومة    صيد بحري: بداني يؤكد سهر القطاع على تحسين الظروف المهنية للصيادين    الجالية الوطنية بالخارج: الحركة الديناميكية للجزائريين في فرنسا تنوه بالإجراءات التي اقرها رئيس الجمهورية    سونلغاز و شركة هيونداي للهندسة يبحثان وضعية تقدم المشاريع المشتركة    صورية مولوجي تفتتح الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة بالجزائر العاصمة    التزام السلطات العمومية بترقية الخدمات الصحية بالجنوب    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    أولاد جلال: انطلاق الأيام الوطنية الأولى لمسرح الطفل    البطولة المحترفة الأولى "موبيليس": نقل مباراتي إ.الجزائر/م. البيض و ش.بلوزداد/ ن. بن عكنون إلى ملعب 5 جويلية    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    بن سبعيني على خطى ماجر ومحرز..    توقيف 289 حراقاً من جنسيات مختلفة    الحملة الوطنية التحسيسية تتواصل    قالمة.. وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور عددا من الهياكل الثقافية والسياحية والمواقع الأثرية بالولاية    بن طالب: الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية في منح المتقاعدين لم تعرفها منظومة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها    تقديم أول طاولة افتراضية ابتكارية جزائرية    مسيرة حاشدة في ذكرى مجازر 8 ماي    بوغالي: عار المُستدمِر لا يغسله الزمن    انطلاق لقافلة شبّانية من العاصمة..    مجازر 8 ماي عكست الهمجية الاستعمارية    توقرت: أبواب مفتوحة حول مدرسة ضباط الصف للإشارة    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف حول استخدام تقنية ال"فار" في الجزائر    دربال: قطاع الري سطر سلم أولويات لتنفيذ برنامج استعمال المياه المصفاة في الفلاحة والصناعة وسيتم احترامه    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : تنظيم معرض ثري للدراجات النارية بالخروبة للتحسيس بحوادث المرور    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان    منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد أنه لا بديل عن الدور الحيوي لوكالة "الأونروا" في دعمها وإغاثتها للاجئين    شبكة الموزعات الآلية لبريد الجزائر ستتدعم ب 1000 جهاز جديد    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    "الأونروا": الاحتلال الصهيوني هجر قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال 3 أيام    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة: الجزائر تفتك خمس ميداليات، منها ذهبيتان    إحياء ذكرى ماي الأسود: تدشين مرافق صحية وسياحية بقالمة    ساهمت في تقليل نسب ضياع المياه: تجديد شبكات التوزيع بأحياء مدينة البُرج    المطلوب تحقيق دولي مستقل والوصول للمقابر الجماعية بغزة    المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة: انطلاق عملية الحجز الإلكتروني للغرف للحجاج    أكاديميون ومهنيون يشرحون واقع الصحافة والرقمنة    لقاءات بين "ملائكة الأعمال" والطلبة المقاولين في الأفق    وفد وكالة "ناسا" بجامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين    أولمبيك مرسيليا يبدي اهتمامه بضم عمورة    زحافي يؤكد أن حظوظ التأهل إلى الألعاب قائمة    التزام المتعاملين في السياحة بتقديم أسعار ترويجية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    قافلة شبانية لزيارة المجاهدين عبر 19 ولاية    استزراع صغار سمك "الدوراد" بسواحل العاصمة    ليفركوزن يبحث عن بطاقة نهائي البطولة الأوروبية    نساء سيرتا يتوشحن "الملايا" و"الحايك"    تراث حي ينتظر الحماية والمشاركة في مسار التنمية    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 ملايين مسلم يقفون بعرفة اليوم
نشر في المستقبل يوم 06 - 12 - 2008

على وقع دعاء التلبية "لبيك اللهم لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك" تقف جموع حجاج بيت الله الحرام اليوم الأحد 9 من ذي الحجة في عرفة للوقوف على صعيدها الطاهر لأداء ركن الحج الأعظم، وذلك بعد أن قضوا يوم التروية أمس السبت في مشعر منى منشغلين بالصلاة‮ والتأمل‮ والدعاء؛‮ اقتداء‮ بسنة‮ المصطفى‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم‮.
وسمي يوم التروية الموافق ل 8 ذي الحجة بهذا الاسم؛ لأن الحجاج منذ عقود طويلة كانوا يرتوون فيه ويسقون إبلهم في مكة المكرمة، وينقلون ما يكفيهم منها من المياه حتى اليوم الأخير من أيام الحج إلى منى التي تبعد نحو سبعة كيلومترات عن مكة؛ وذلك لانعدام الماء في وادي‮ منى‮ آنذاك‮.‬
وعن صعيد الحجاج المرضى، قال المتحدث الرسمي بوزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني: إن وزارة الصحة "وفرت قوافل طبية تضم حافلات مدعمة بطواقم وأجهزة طبية لتمكين الحجاج المرضى المنومين بالمستشفيات من الصعود إلى مشعر عرفات وإكمال مناسك حجهم". وعن الوضع الصحي للحجاج أكد أن "الوضع الصحي مطمئن"، مشيرا إلى أنه لم "يكشف حتى الآن عن أي حالات وبائية أو محجرية". وكان جموع حجاج بيت الله الحرام قد توافدوا أمس الثامن من شهر ذي الحجة على مشعر منى لقضاء يوم التروية بها اقتداءً بالهادي المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم قدم في العام العاشر من الهجرة في حجة الوداع ليوضح للمسلمين نسكهم ليسيروا عليها في كل عام. وارتفعت أصوات ضيوف الرحمن بالتلبية، مرددين: "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".
واتسمت رحلة الحجيج في مرحلتها الأولى من التصعيد من مكة المكرمة إلى منى باليسر بفضل ما تم تهيئته من إمكانات في مختلف المجالات وفي مقدمتها شبكة الطرق السريعة الحديثة بما اشتملت عليه من أنفاق وجسور خصص بعضها للمشاة والبعض الآخر للسيارات.
وبعد‮ شروق‮ شمس‮ اليوم‮ الأحد‮ يتوجه‮ الحجاج‮ إلى‮ صعيد‮ عرفات‮ ليشهدوا‮ الوقفة‮ الكبرى‮ وقضاء‮ الركن‮ الأعظم‮ من‮ أركان‮ الحج،‮ ويصلون‮ هناك‮ الظهر‮ والعصر‮ جمعا‮ وقصرا‮.
وبعد أدائهم ركن الحج الأعظم على صعيد عرفات الطاهر يتوجه وفود حجاج بيت الله الحرام غدا الإثنين 8-12-2008 الموافق للعاشر من ذي الحجة 1429ه، أول أيام عيد الأضحى المبارك، إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى.
ويقوم الحجاج من المتمتعين والقارنين بذبح الهدي قبل الحلق أو التقصير، كما يؤدون طواف الإفاضة مع السعي بين الصفا والمروة، وبأداء اثنين من هذه الشعائر يتحلل الحجاج التحلل الأصغر وبإكمالها يتحللون التحلل الأكبر.
واتباعا‮ لسنة‮ النبي‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم‮ يبيت‮ الحجاج‮ في‮ صعيد‮ منى‮ ثلاثة‮ أيام،‮ أو‮ يومين‮ لمن‮ تعجل،‮ لرمي‮ الجمرات‮ الثلاث‮ (‬الصغرى‮ والوسطى‮ والكبرى‮).‬
الأطفال‮ ومكانتهم‮ في‮ الحج‮ وعيد‮ الأضحى
أطفالنا أغلى ما عندنا وديننا العظيم يؤسس لرعايتهم أعظم تأسيس كذلك يهتم بهم أفضل اهتمام فما من شعيرة من الشعائر ولا عبادة من العبادات ولا محفل من المحافل إلا وتجد اهتماماً بالطفولة ورعايتها، وقد هلت علينا نفحات الحج المباركة وعيد الأضحى والتي نجد من خلالها قدر‮ الأطفال‮ وقيمتهم‮ ومكانتهم‮ وصورتهم‮ الراقيةً‮ العزيزةً‮ الغاليةً،‮ ويمكن‮ توضيح‮ ذلك‮ من‮ خلال‮ بعض‮ الاستدلالات‮ الآتية‮:‬
1 - حب‮ الطفولة‮ والشوق‮ إليها‮:
تبدأ قصة الحج حول حب الطفولة والشوق إليها من قبل سيدنا إبراهيم الذي ظل سنوات كثيرة يدعو ربه (رب هب لي من الصالحين) ثم يرزق بالولد عندما بلغ من العمر 86 عامًا، ويفرح به أيما فرح، ويشكر الله عليه وعندها أتى الاختبار الأول للأب في ابنه أن يذهب به إلى الواد الخالي‮ من‮ الزرع‮ ويتركه‮ ويذهب‮ لفلسطين‮ لمهمة‮ الدعوة‮ إلى‮ الله‮ تعالى‮!.
2 - احتفالية‮ رائعة‮ لرعاية‮ الطفولة‮:
السعي بين الصفا والمروة رمز عظيم لرعاية الطفولة، فأمُّنا هاجر عليها السلام بعد أن انتهى طعامها وانقطع لبنُها ورأت ابنَها الحبيب سيدنا إسماعيل يتشحَّط من شدة عطشه؛ فزِعت لرعايته وظلَّت تسعى مئات الأمتار بين جبلي الصفا والمروة بحثًا عن ماء؛ طلبًا لرعاية فلذة‮ كبدها‮.‬
طول‮ المسافة‮ بين‮ الصفا‮ والمروة‮ (‬375‮ مترًا‮) _‬‮ 7‮ أشواط‮ = 2625‮ مترًا‮ أي‮ ما‮ يقرب‮ من‮ ثلاثة‮ كيلو‮ مترات‮.‬
فالسعي بهذه المسافة الطويلة عبر سبعة أشواط من أمٍّ عظيمة تسعى لرعاية طفلها خلَّده الله تبارك وتعالى وجعله ركنًا من أركان الحج أحد الأركان الخمسة للإسلام، وأمرَ الحُجاج أن يحاكوا فعلَ هذه الأمِّ العظيمة ويقطعوا هذه المسافات، فهو إشعارٌ بأهمية الأطفال، وهو كذلك‮ تربيةٌ‮ عمليةٌ‮ وتدريبٌ‮ رائعٌ‮ على‮ أهمية‮ رعاية‮ الطفولة‮ لكل‮ من‮ يريد‮ أن‮ يستكمل‮ أركان‮ الإسلام‮.‬
3 - ماء‮ زمزم‮ تكريمٌ‮ لأثر‮ من‮ آثار‮ الطفل‮:‬
فماء زمزم الذي تفجَّر من تحت قدمَي سيدنا إسماعيل وهو رضيع وبقي للبشرية حتى تقوم الساعة أصبح معلما من معالم الحج الأعظم وسنناً من سنن الحج والعمرة ومن ثم فهو تكريمٌ لأثر من آثار الطفل الناشئ في طاعة الله تبارك وتعالى.
4 - المكان‮ الذي‮ أطاع‮ فيه‮ الابن‮ أباه‮:
يعود الأب (سيدنا إبراهيم ) من مهمته بعد 15 عاماً مشتاقاً لابنه الحبيب فيؤمر بذبحه ويستجيب الأب ويطيع الابن في نحو رائع كما نعلم جميعاً (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين).
ويؤسس في هذا المكان شعيرة من شعائر الحج ويقيم الحجيج في هذا المكان من يوم العيد إلى ثاني أو ثالث أيام التشريق ليحاكوا فعل الأسرة العظيمة التي استجابت لأمر الله تعالى ورجمت الشيطان الرجيم الذي كان يحرض الابن على عصيان أبيه ويحرض الزوجة على عصيان زوجها وليتعلموا‮ ويعلموا‮ أبناءهم‮ طاعة‮ الابن‮ لأبيه‮ واستجابة‮ الأب‮ لأمر‮ الله‮ تعالى‮ وانسجام‮ الأم‮ مع‮ تعاليم‮ السماء‮.
5 - الأضحية‮ احتفالية‮ لفداء‮ الأبناء‮:‬
الأضحية رمزيةٌ عظيمةٌ لقيمة الأبناء وقدرهم في نفوس الأسرة التي توفر المال وتشتري الأضحية فداءً للأبناء كل عام، والذين كانوا طبقًا لما أُمر به سيدنا إبراهيم في أول الأمر سيُذبح واحدٌ منهم كل عام، ولكن جاء الفداء من السماء بعد الطاعة والتسليم "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" (الصافات: 107) ما أجمل أن نقول لأبنائنا إننا نحبكم ونحرص كل الحرص عليكم ونفديكم كل عام بهذه الأضحية التي نشتريها من أجلكم امتثالاً لأمر الله تعالى، فيزيد حبُّهم لنا ولشعائر الدين العظيمة ويحسُّون بقيمتهم وقدرهم فيشاركوننا في حمل الرسالة وأداء‮ الأمانة‮.
6 - إكرام‮ الإسلام‮ للصبي‮ بأجر‮ الحج‮:
لم‮ يحرم‮ الإسلام‮ الصبي‮ من‮ أجر‮ الحج‮ فحينما‮ يصاحب‮ الطفل‮ والديه‮ يكتب‮ له‮ أجر‮ حجة‮ دون‮ الفريضة‮ ويضاء‮ سجل‮ حسناته‮ بأجر‮ الحج‮ الذي‮ يكتب‮ له‮ ولوالديه‮:
لذا‮ علمنا‮ الإسلام‮ أن‮ الطفل‮ غير‮ المميز‮ (‬قبل‮ 7‮ سنوات‮ ): ينوي‮ عنه‮ وليه‮ الإحرام‮ بعمرة‮ أو‮ حج،‮ ويطوف‮ ويسعى‮ به‮ ويحضره‮ معه‮ بقية‮ المناسك،‮ ويرمي‮ عنه‮.
أما الطفل المميز (بعد 7 سنوات) إذا أراد وليه أن يحج به فإنه يأمره أن يلبس ملابس الإحرام، ويفعل بنفسه جميع مناسك الحج، ويرمي عنه إن لم يستطع الرمي بنفسه، ويأمره أن يجتنب المحظورات في الإحرام.
لذا ينبغي علينا ونحن في الأيام المباركة التي يؤدي فيها الحجيج مناسك الحج، ونحن نعيش كذلك غمرة الفرحة بالعيد أن نوضح هذه المعاني لأبنائنا ونبيِّن لهم قدرَهم الكبير في ديننا الحنيف وشريعتنا الغرَّاء ومكانتهم العزيزة في نفوسنا، فتزداد محبتُهم لدينهم وتمسكهم بشريعتهم‮ وارتباطهم‮ بوالديهم‮ وبرّهم‮ لهم،‮ وتنبني‮ علاقةٌ‮ قويةٌ‮ ومتينةٌ‮ في‮ ظلال‮ مبادئنا‮ العظيمة‮.

الأضحية‮. ما‮ وقتها‮ ؟‮ وما‮ الذي‮ يجزأ‮ منها؟‮ وهل‮ تكفي‮ الأسرة‮ شاة‮ واحدة‮ ؟‮ أم‮ لابد‮ لكل‮ شخص‮ من‮ ذبيحة‮ ؟‮ وأيهما‮ أفضل،‮ الذبح‮ أم‮ الصدقة‮ بثمن‮ الضحية‮ ؟‮

الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضحى عليه الصلاة والسلام عن نفسه بكبشين أملحين أقرنين، عنه وعن آل بيته، قال: اللهم هذا عن محمد وآله وضحى عمن لم يضح من أمته صلى الله عليه وسلم . ويقول الإمام أبو حنيفة: إن الأضحية واجب، والواجب عنده فوق‮ السنة‮ ودون‮ الفرض،‮ فيرى‮ أنها‮ واجب‮ على‮ ذوي‮ اليسار،‮ والسعة،‮ لحديث‮ " من‮ كان‮ عنده‮ سعة‮ ولم‮ يضح‮ فلا‮ يقربن‮ مصلانا‮" فأخذ‮ من‮ هذا‮ أنها‮ واجبة‮ .‬
فإن‮ لم‮ يثبت‮ وجوبها‮ فهي‮ سنة‮ مؤكدة‮ وفيها‮ فضل‮ عظيم‮.
وقت‮ الأضحية
ووقتها يبدأ من بعد صلاة العيد، وقبل ذلك لا تكون أضحية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل صلاة العيد أن يعتبر شاته شاة لحم، ليست شاة نسك، وليست شاة عبادة قربة .. حتى لو تصدق بها كلها، فإنه يكتب له ثواب الصدقة ولا يكتب له ثواب الضحية، لأن التضحية عبادة، والعبادات إذا حد الشارع لها حدًا، ووقت لها ميقاتًا، لا ينبغي أن نتجاوزه أو نتقدم عليه، كالصلاة، هل يجوز أن تصلي الظهر قبل وقتها؟ لا يجوز .. كذلك الأضحية لها وقت معين. هناك بعض الناس في بعض البلاد يذبحون في ليلة العيد، وهذا خطأ. وتضييع للسنة وتضييع لثواب الأضحية. وإذا عرف عليه أن يعيد الأضحية، خاصة إذا كان عليه نذر فيجب عليه وجوبًا أن يعيد ..فيبدأ من بعد صلاة العيد . ويجوز أن يذبح في يوم العيد نفسه، وفي ثاني يوم وفي ثالث يوم العيد .. بل هناك قول بالجواز في رابع أيام العيد.. أخر أيام التشريق . والأولى أن‮ يذبح‮ إلى‮ الزوال،‮ فإذا‮ جاء‮ وقت‮ الظهر‮ ولم‮ يذبح،‮ يؤخر‮ لليوم‮ الثاني،‮ وبعض‮ الأئمة‮ يقولون‮: حتى‮ بعد‮ ذلك‮ يصح‮ الذبح‮ ليلا‮ ونهارًا‮
‮ ما‮ يجزأ‮ في‮ الأضحية
هو‮: الإبل‮ والبقر‮ والغنم‮.. لأنها‮ هي‮ الأنعام‮ .. فيصح‮ أن‮ يذبح‮ أيًا‮ من‮ هذه‮ الأصناف‮. والشاة‮ عن‮ الواحد‮ .. والمقصود‮ بالواحد‮: الرجل‮ وأهل‮ بيته‮ . كما‮ قال‮ النبي‮ عليه‮ الصلاة‮ والسلام‮: هذا‮ عن‮ محمد‮ وآله‮.‬
وقال‮ أبو‮ أيوب‮: كنا‮ في‮ عهد‮ النبي‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم‮ يذبح‮ الرجل‮ عن‮ نفسه‮ وأهله‮ شاة‮ واحدة،‮ حتى‮ تباهي‮ القوم‮ فصاروا‮ إلى‮ ما‮ ترى‮. فهذه‮ هي‮ السنة‮.‬
وبالنسبة للبقر والإبل، فيكفي سبع البقرة أو سبع الناقة عن الواحد، فيستطيع أن يشترك سبعة أشخاص في البقرة، أو في الناقة، بشرط ألا تقل البقرة عن سنتين والناقة عن خمس سنوات، والماعز عن سنة، والضأن عن ستة أشهر .
أوصاف‮ الأضحية‮
وكلما كانت أسمن وأحسن كان ذلك أفضل، لأنها هدية إلى الله عز وجل .. فينبغي على المسلم أن يقدم إلى الله أفضل شيء، أما أن يجعل لله ما يكره.. فلا، ولهذا لا يجوز أن يضحي بشاة عجفاء هزيلة شديدة الهزال، أو عوراء بين عورها، أو عرجاء بين عرجها، أو ذهب أكثر قرنها، أو كانت أذنها مشوهة، أو ذات عاهة أيًا كانت هذه العاهة .. لا ! إنما ينبغي على المسلم أن يقدم الشيء النظيف لأنه - كما قلت - هدية إلى الله سبحانه وتعالى .. فليتخير العبد ما يهديه إلى ربه ..وذلك من الذوق السليم والله سبحانه لن يناله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى‮ منكم‮.‬
هل‮ يتصدق‮ بثمن‮ الضحية‮ ؟‮
بالنسبة للحي، فإن الذبح أولى، لأن الذبح شعيرة وقربة إلى الله عز وجل (فصل لربك وانحر) فنحن ننحر اقتداء بسنة أبينا إبراهيم، وتذكيرًا بذلك الحدث الجليل، حدث التضحية. إبراهيم حين جاءه الوحي في الرؤيا، بأن يذبح ولده إسماعيل واستجاب لهذا الوحي، وذهب إلى ابنه وفلذة كبده، إسماعيل بكره الوحيد الذي جاءه على الكبر، وعلى شوق وفي غربة، فبعد هذا كله، وبعد أن رزقه الله، وبشره بغلام حليم، وبلغ معه السعي، وأصبح يرجى منه، جاءه الوحي عن طريق الرؤيا الصادقة ليذبحه إنه امتحان .. وامتحان عسير .. على أب في مثل هذه السن، وفي مثل هذه الحال، وفي ولد ذكر نجيب حليم، وبعد أن بلغ معه السعي، في سن أصبح يرجى منه، كل هذا ويأتيه الأمر الإلهي: اذبحه ! يريد الله أن يختبر .. قلب خليله إبراهيم ؟؟ أما زال خالصًا لله عز وجل ؟ أم أ صبح متعلقًا مشغولاً بهذا الولد؟ هذا هو البلاء المبين .. والامتحان الدقيق‮ العسير‮ .....‬
الأمم دائمًا تحاول أن تخلد أحداثها، وتجسد ذكرياتها العظيمة وتحتفل بأيام مجدها .. يوم الاستقلال يوم الجلاء .. يوم النصر..الخ، فكذلك هذا اليوم من أيام الله، من أيام الإنسانية، من أيام الإيمان هذا يوم بطولة خالدة، خلده الله بشعيرة الأضحية .. فالمسلم يضحي بهذا اليوم، وذلك سنة وهو أفضل من التصدق بثمنها، لأنه لو تصدق كل الناس بثمن أضاحيهم، فمعنى ذلك أن هذه الشعيرة تموت، والإسلام يريد أن يحيها، فلاشك أن الذبح أفضل . ولكن هذا في حق الحي .. وهو من يضحي عن نفسه وعن أولاده.
ولكن‮ إذا‮ كان‮ للإنسان‮ ميت،‮ ويريد‮ أن‮ يهدي‮ إليه‮ في‮ قبره‮ ثوابًا،‮ فماذا‮ يصنع‮ ؟‮ هل‮ يذبح‮ ؟‮ أم‮ يتصدق‮ بالثمن؟‮
القول الذي أرجحه وأرتاح إليه، أنه في البلد الذي تكثر فيه الذبائح ويكون الناس في غني عن اللحم، يكون في هذه الحالة التصدق بثمن الأضحية عن الميت أفضل .. لأن الناس كلهم عندهم لحوم، وكلهم مستغنون يوم العيد وفي اليومين التاليين له، ولكن لعل أكثرهم بحاجة إلى دراهم يشتري بها ثوبًا لابنته، أو لعبة لابنه، أو حلوى لأطفاله أو غير ذلك، فهم في حاجة إلى من يوسع عليهم في هذه الأيام المباركة أيام العيد وأيام التشريق، فلهذا تكون الصدقة عن الميت أفضل من الضحية .
أما‮ في‮ البلاد‮ التي‮ يقل‮ فيها‮ اللحم،‮ ويكون‮ الناس‮ في‮ حاجة‮ إلى‮ اللحوم،‮ ففي‮ هذه‮ الحالة،‮ إذا‮ ضحى‮ الإنسان‮ عن‮ الميت‮ ووزع‮ لحم‮ الأضحية‮ عن‮ ميته‮ يكون‮ أفضل‮.‬هذا‮ هو‮ الذي‮ أختاره‮ في‮ هذه‮ الناحية‮.‬
ثم هناك أمر آخر، وهو أن الميت تشرع الصدقة عنه بإجماع المسلمين، لم يخالف فيها أحد. فهنا أمران لم يخالف فيهما مذهب: الصدقة عن الميت، والدعاء والاستغفار له . أما ما بعد ذلك مثل: أن تقرأ عنه القرآن، أو تذبح عنه، أو غير ذلك، وكل هذه الأمور فيها خلاف.
ولذا‮ فالمتفق‮ عليه‮ خير‮ من‮ المختلف‮ فيه‮. ولهذا‮ : بالنسبة‮ للحي،‮ الأفضل‮ أن‮ يذبح‮ عن‮ نفسه‮ وأهله‮.‬
وبالنسبة‮ للميت،‮ إذا‮ كان‮ البلد‮ في‮ حاجة‮ إلى‮ اللحم‮ يذبح‮ عن‮ الميت‮ ويضحي‮ عنه‮. وإذا‮ كان‮ البلد‮ في‮ غير‮ حاجة‮ إلى‮ اللحم،‮ فالأولى‮ أن‮ يتصدق‮ بالثمن‮.‬
من‮ حيث‮ توزيع‮ الأضحية
معلوم أن الأولى توزيعها أثلاثًا، ثلث يأكله الإنسان، هو وأهل بيته (فكلوا منها ) وثلث لجيرانه من حوله، وخاصة إذا كانوا من أهل الإعسار أو ليسوا من أهل السعة، وثلث للفقراء .. ولو فرض أنه تصدق بها كلها، لكان أفضل وأولى، على شرط أن يأخذ منها قليلاً للسنة والتبرك،‮ كأن‮ يأكل‮ من‮ الكبد‮ أو‮ من‮ سواها،‮ ليصدق‮ عليه‮ أنه‮ أكل‮ منها،‮ كما‮ فعل‮ النبي‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم‮ وكما‮ كان‮ يفعل‮ أصحابه‮.‬
والله‮ أعلم

ميناء‮ جدّة‮ الإسلامي‮.. المنفذ‮ الوحيد‮ لأغنام‮ الأضاحي
تعتبر المملكة العربية السعودية أ ول بلد خليجي من حيث عدد الموانىء حيث تحوز على ثمانية موانىء كبرى وتاسعها ميناء رأس الزور، الذي هو قيد الإنشاء ، وأهم هذه الموانىء على الإطلاق "ميناء جدة الإسلامي" الذي يصفه السعوديون بالرئة التي تتنفس بها المملكة وبوابتها نحو‮ العالم‮ الخارجي،‮ كما‮ يعتبر‮ الميناء‮ منفذا‮ تاريخيا‮ لحجاج‮ بيت‮ الله‮ الحرام‮ منذ‮ قرون‮ خلت،‮ وفضلا‮ عن‮ كل‮ ذلك‮ فهو‮ مقصد‮ سياحي‮ للوفود‮ الإسلامية‮ التي‮ تزور‮ المملكة‮ سنويا،‮ على‮ هامش‮ موسم‮ الحج‮.‬
وأما أبرز معلم يميز هذا الميناء العملاق، فهو البرج البحري ذي الهندسة المعمارية المتميزة، والذي يعتبر من المعالم السياحية لمدينة جدة أو عروس البحر الأحمر كما يسميها أهلها، حيث يطل بارتفاعه الذي يقارب 150 مترا على كل كافة أنحاء المدينة من الكورنيش الجميل إلى‮ الجزر‮ المرجانية‮ إلى‮ طريق‮ مكة‮ القديم،‮ فضلا‮ عن‮ أهم‮ محاور‮ المدينة‮ من‮ مساجد‮ وأسواق‮ وعقارات‮ مشهورة‮.‬
وإن الملفت للأنظار، هو الدور الكبير الذي يلعبه هذا الميناء في موسم الحج من كل عام، حيث يخفف الضغط عن المطارات والمنافذ البرية، من خلال استقبال مئات الآلاف من حجّاج بيت الله الحرام القادمين على وجه الخصوص من جمهورية مصر العربية ومن السودان و دول القرن الإفريقي‮ وشرق‮ إفريقيا‮ عموما،‮ حيث‮ لا‮ يفصلها‮ عن‮ المملكة‮ العربية‮ السعودية‮ سوى‮ مياه‮ البحر‮ الأحمر‮.‬
وعلى‮ صعيد‮ آخر‮ يعتبر‮ ميناء‮ جدة‮ وبحكم‮ قربه‮ من‮ البقاع‮ المقدسة،‮ حيث‮ لا‮ يفصله‮ عن‮ مكة‮ سوى‮ 70‮ كيلومترا،‮ المنفذ‮ الوحيد‮ لأغنام‮ الأضاحي‮ التي‮ يتم‮ استيرادها‮ بالتوازي‮ مع‮ موسم‮ الحج‮.‬
مراسلة‮ خاصة‮ /‬‮ جدة‮ /‬‮ السعودية / علي‮ بن‮ محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.