الرئيس تبون يؤكد أن المسألة غير قابلة للتنازل أو المساومة: المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال معالجة ملف الذاكرة    خلال اجتماع اللجنة المشتركة: تأكيد على ضرورة تكثيف التعاون الجمركي بين الجزائر وتونس    القمة الإفريقية حول الأسمدة بنيروبي: رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة عالميا    تحذيرات من كارثة إنسانية جراء هذه الخطوة    المشاركون في الملتقى الدولي حول مجازر 8 ماي يدعون لمحاكمتها أمام الهيئات الدولية: فرنسا ارتكبت جرائم إبادة و تطهير عرقي    أطلقتها مديرية الحماية المدنية: قافلة لتحسيس الفلاحين بطرق الوقاية من الحرائق    والي خنشلة يكشف: مشاريع البرنامج التكميلي وفرت 5852 منصب عمل    باتنة: الدرك يطيح بعصابة سرقة المنازل بمنعة    ربط البقاء بغلة الموعدين المقبلين: مدرب لاصام يجهز مفاجأة للهلال    الرئيس تبون يؤكد على ضرورة التجنّد لترقية صورة البلاد    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    بسبب نهائي كأس الرّابطة للرديف: رقيق وعويسي خارج حسابات مدرب وفاق سطيف    الشرارة التي فجّرت ثورة نوفمبر    الصهيونية العالمية تسعى إلى تقسيم الدول العربية    دورة جزائرية تركية    اتفاقية بين ألنفط و إيكينور    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    إحياء ذكرى تأميم المناجم وتأسيس «سونارام»..غدا    أكثر من 36 ألف نزيل يجتازون امتحان إثبات المستوى    جاهزية عالية وتتويج بالنّجاح    تكريم الفائزين في مسابقة رمضان    الجزائر تضطلع بدور ريادي في مجال الأسمدة وتطوير الغاز    دعوات دولية لإتمام اتفاق وقف القتال    دعمنا للقضية الفلسطينية لا يعني تخلينا عن الشعب الصحراوي    3 مراحل تُنهي الحرب وتُعيد النازحين وتُطلق سراح الأسرى    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    زعماء المقاومة الشّعبية..قوّة السّيف وحكمة القلم    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تزامنا وشهر التراث.. أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    نظمه المعهد العسكري للوثائق والتقويم والإستقبالية لوزارة الدفاع الوطني.. "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي.. " محور ملتقى    ضبطت بحوزته كمية معتبرة من الكوكايين والبريغابالين.. 7 سنوات حبسا نافذا لمروج مخدرات بالعاصمة    أم البواقي : أسعار الأضاحي تلتهب والمواطن يترقب تدخل السلطات    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    أعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون التزامهم بدعم عملية سياسية شاملة في ليبيا    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    دعم السيادة الرقمية للجزائر وتحقيق استقلالها التكنولوجي    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    تحسين الأداء والقضاء على الاكتظاظ الموسم المقبل    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحداثة ضد التاريخ .. وخيانة وصايا الأجداد
,يكتبه: حميد عبد القادر. ,
نشر في المستقبل يوم 24 - 04 - 2010

يشوب التنظير للمثقف في‮ الجزائر كثير من التجريد،‮ وتنأى الكتابات،‮ كلها بدون استثناء،‮ عن القراءة الواعية لتاريخ المثقف،‮ من باب‮ غياب دراسة شاملة لمساره ونشأته‮.
‬أمام هذا الفراغ‮ والخواء المعرفي‮ الفظيع انتشرت كتابات هلامية ومجردة وخالية من المتن المعرفي‮ القادر على التأسيس لقراءة واعية ومغايرة تختلف عن القراءة الفجة التي‮ تقوم على اجترار نظريات فلسفية تعطي‮ الانطباع بأن الفكر الحداثي‮ عندنا كان ضد اللحظة التاريخية‮.
الحداثة قتلت الوعي‮ بالتاريخ،‮ باسم الانفتاح على قيم العصر‮. اتضح أن الحداثة بالنسبة للمثقف أصبحت تعني‮ اكتساب معرفة علمية وفلسفية مجردة،‮ فارتبطت بالإلمام بالفكر الغربي‮ على حساب المسار التاريخي‮ الوطني،‮ فتكونت عقدة مقت الأجداد‮. وهؤلاء الأجداد نزلوا إلى مرتبة منحطة،‮ لأنهم لا‮ يشرفون الفكر الحداثي‮.
‮ زرع الوعي‮ بالحداثة،‮ وفق هذا التصور في‮ نخبتنا‮ (‬المعربة بالأخص‮) حالة من الزيف من جراء نكران الذات التاريخية واحتقارها وعدم السعي‮ لاحتوائها وامتلاكها حتى تصبح فكرا قابلا للسكن على حد تعبير جاك دريدا‮.
‮ وإذ نجحت الكولونيالية في‮ تحويل الأهالي‮ إلى مجرد بشر‮ ''‬يحبون المستعمر ويمقتون ذاتهم‮''.. ويحلل ألبير ميمي‮ هذه الوضعية في‮ كتابه‮ ''‬صورة المستعمر‮'' بكثير من الذكاء ويقدم المستعمَر في‮ صورة الإنسان الذي‮ يتقبل الألم والازدراء المفروض عليه،‮ بدون اكتساب جرأة النظر إلى تاريخه‮. لقد رسمت الكولونيالية معالم التقدم والعصرنة وحددها في‮ ''‬التجرد من الذات الوطنية‮''. ويعبر المثقفون الاندماجيون عن هذا التوجه،‮ لقد تنصلوا من ذاتهم مقابل الحصول على الجنسية الفرنسية،‮ أي‮ العبور إلى عالم الحداثة بعد التنكر للذات،‮ وخيانة وصايا الأجداد‮.
المثقف بدوره،‮ ومنذ الاستقلال،‮ ساهم في‮ إيجاد إنسان مجرد من الذات مثلما رسمه الطاهر جاووت في‮ روايته التي‮ تحمل نفس العنوان،‮ فلم‮ ينجو من هذه الحالة المرضية المجردة‮. ونجده قد اهتم بالشكل،‮ باسم حداثة تعطي‮ الانطباع بالتفوق‮. وكأن الحديث عن‮ غرامشي،‮ وكل منظري‮ المثقف في‮ الغرب،‮ كانت تكفي‮ لوحدها للولوج في‮ عالم الحداثة،‮ وبهرجة العصرنة‮.
قتل المثقف نفسه بنفسه،‮ انفصل عن ذاته التاريخية،‮ ودخل عالم المجرد،‮ وتاريخ الآخر،‮ المختلف عنه باسم الرغبة الملحة في‮ الحداثة،‮ ومسايرة مسار التطور،‮ ذلك أن تاريخ الأفكار في‮ الغرب،‮ ومسار الحداثة في‮ حد ذاتها،‮ ارتبطا بتاريخ الشعوب التي‮ انبثقت منها تلك الأفكار وساهمت في‮ إبراز تلك الفلسفات التي‮ راحت تنادي‮ للحداثة التي‮ ارتبطت بالاستعمار واحتقار الشعوب الأخرى،‮ والدعوة إلى تلقينها دروس التطور‮. وفي‮ المحصلة نجد أن المثقف وقع في‮ عشق آخر‮ يحتقره،‮ فانساق وراء السراب‮.
وها هي‮ النتيجة ماثلة للعيان‮.. غاب الفكر الجزائري‮ من أجندة المثقفين‮. غاب الأمير خالد،‮ وكأنه لم‮ يترك أي‮ فكر‮ يذكر‮. اختفى محمد الشريف ساحلي،‮ ولا أحد‮ يذكر كتابه‮ ''‬تحرير التاريخ من النظرة الاستعمارية‮''‬،‮ وفي‮ المقابل‮ يحظى كتاب ادوارد سعيد بكثير من القراءة والتمعن،‮ رغم أن كلاهما‮ يخدم نفس الغرض،‮ وهو تحرير الذهنية العربية من النزعة الكولونيالية‮. ولم‮ يبق من فرحات عباس سوى نضاله في‮ جبهة التحرير الوطني،‮ فاختفى الجانب الفكري‮ في‮ مساره النضالي‮. ونسيت النخب مثقفا من طراز محند تازروت،‮ وهناك أمثلة كثيرة عن مثل هذه النتائج المأسوية التي‮ خلفها ارتباط التنظير للمثقف عندنا بالفكر المجرد،‮ وبتطور مسار الحداثة كما برزت معالمها في‮ الغرب‮.
وبغياب الارتباط بالتاريخ وبالذات أصبح المثقف في‮ الجزائر مجرد ديكور بدون روح،‮ ومجرد ببغاء‮ يردد خطابات تعلمها بدون أن‮ يكون لها أي‮ صدى‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.