اليوم الوطني للذاكرة: مشاريع تنموية تدخل حيز الخدمة ونشاطات ثرية بولايات وسط البلاد    اليوم الوطني للذاكرة: عرض الفيلم الوثائقي "الشيخ العربي التبسي: شهيد بلا قبر"    المعرض السادس للمنتجات الجزائرية بنواكشوط يتوج بالتوقيع على عشر اتفاقيات تعاون بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    ضرورة استذكار المحطات التاريخية التي تعبر عن المسار النضالي للجزائر    القضاء على إرهابي وتوقيف 21 عنصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و844 شهيدا    الحملة الوطنية التحسيسية حول المخاطر المتعلقة باستعمال الوسائط الاجتماعية متواصلة    الجزائر/تونس: التوقيع على محضر اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الجمركي    تقديم أول طاولة تشريح افتراضية ابتكارية جزائرية للتدريب على علم التشريح    مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    ذكرى 8 مايو 1945: انطلاق من العاصمة لقافلة شبانية لتجوب 19 ولاية لزيارة المجاهدين والمواقع التاريخية    حوادث الطرقات: وفاة 38 شخصا وإصابة 1474 آخرين خلال أسبوع    البزار: لا مؤشرات بقرب انتهاء الحرب على غزة لأن الكيان الصهيوني محاط بحماية أمريكا    محمد عباد: المجتمع المدني مطالب بتكثيف جهوده للحفاظ على الذاكرة الوطنية    بتعليمات من رئيس الجمهورية.. السماح لأفراد الجالية الوطنية بالدخول إلى أرض الوطن باستظهار بطاقة التعريف الوطنية إلى غاية 31 أكتوبر القادم    انطلاق اليوم الأربعاء عملية الحجز الالكتروني للغرف للحجاج المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    رئيس الجمهورية: رفع معاشات ومنح المتقاعدين نابع من اعتراف وتقدير الدولة لمجهودات أبنائها من العمال    رئيس الجمهورية يأمر بإعداد مخطط حول البيئة والعمران يعيد النظر في نظام فرز وتوزيع النفايات    بدعوة من الجزائر, مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة مشاورات مغلقة حول المقابر الجماعية في غزة    وفد من وكالة الفضاء الأمريكية يزور جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين    غرداية : تنفيذ تمرين بحث وانقاذ لطائرة في حالة نجدة    الجيش الوطني الشعبي: زيارة موجهة لفائدة الصحفيين بمدرسة أشبال الأمة ببجاية    تحذيرات من كارثة إنسانية جراء هذه الخطوة    أطلقتها مديرية الحماية المدنية: قافلة لتحسيس الفلاحين بطرق الوقاية من الحرائق    بسبب نهائي كأس الرّابطة للرديف: رقيق وعويسي خارج حسابات مدرب وفاق سطيف    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    وفاة الأسيرة الصهيونية "جودي فانشتاين"    دور ريادي للجزائر في تموين السوق الدولية بالأسمدة    استراتيجية جديدة للتعليم والتكوين عن بُعد السنة المقبلة    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    اتفاقية بين ألنفط و إيكينور    دعوات دولية لإتمام اتفاق وقف القتال    16 موزعا الكترونيا جديدا لتحسين الخدمة قريبا    تأكيد على دور حاضنات الأعمال في تطوير المؤسسات الناشئة    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    مشروع مبتكر لكاشف عن الغاز مربوط بنظام إنذار مبكر    قسنطينة تستعد لاستقبال مصانع التركيب    الحجز الإلكتروني للغرف بفنادق مكة ينطلق اليوم    الأهلي المصري يرفع عرضه لضم بلعيد    ترحيل 141 عائلة من "حوش الصنابي" بسيدي الشحمي    بن رحمة هداف مجددا مع ليون    حجام يتألق في سويسرا ويقترب من دوري الأبطال    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    صيد يبدع في "طقس هادئ"    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة لإعادة النظر في تخصص تأهيل الأطفال    تفكيك جماعة إجرامية مختصة في السرقة    تشجيع الشباب على إنشاء مؤسسات تراثية    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"امرأة تضحك في غير أوانها".. ديكتاتورية الأعراف
للكاتب العُماني نبهان الحنشي

يلجأ العُماني نبهان الحنشي في روايته "امرأة تضحك في غير أوانها" إلى نوع من تشريح المجتمع، وإظهار الصور المخفية التي يجري التعتيم عليها، والتكتم على ما يقترف من ممارسات تسيء لأفراد المجتمع بحجة المحافظة على السلامة العامة.
ويلقي بالتوازي مع ذلك الضوء على التراتبية الطبقية المعمول بها في المجتمع العُماني والتي تزيد الشقاق بين الناس ولا تستدل إلى طريقة للتعافي منها أو تخفيف وطأتها.
ويدين الحنشي في روايته -التي أصدرتها مؤخرا دار الانتشار العربي ببيروت- ديكتاتورية الأعراف البالية التي تبقي الناس أسرى أحكام مسبقة جاهزة واتهامات ملفقة، ويظهر كيف أن هناك كثيرا من السلوكيات التي يتم التغاضي عنها بداية، لا تلبث أن تصبح قيودا على حركة المجتمع فتعطل إمكانية تطوره وتقدمه.
ومن ذلك مثلا ما يصوره الجانب الأبرز في حرف مسار بطل روايته "علي" الذي يوصف بأنه ينحدر من طبقة اجتماعية يعاب عليها أنها أقل من طبقات الأعيان والمتنفّذين والمتسلطين.
"يحاول الروائي تقديم بعض الوقائع المعاصرة التي حدثت في السلطنة، وسعي المواطنين إلى سن تشريعات تكفل لهم الحقوق وتضع الجميع أمام واجباته، ويذكر بجانب من الاحتجاجات والتوتّرات وتعاطي السلطة معها"
صدَمات وصِدامات..
ينتقل علي من بلدته "جعلان" إلى العاصمة ليعمل مندوبا في إحدى الدوائر الحكومية تاركا خلفه أمه وأخته، يستعيد الظلم الذي لحق بأبيه الذي عثر عليه مقتولا إثر تحديه لأحد المتنفّذين ودفاعه عن نفسه وابنته ضد اتهامات سيقت بحقهما. يهرب علي إلى العاصمة تاركا إرثا من الاستبداد الاجتماعي ليكتشف مستنقعا آسنا من الفساد المتغول.
تكون صدمة علي مركبة، فمن جهة يصدَم بحجم الفروقات بين بلدته والعاصمة، ومن جهة أخرى ينتكب للمقارنات التي لا تني تفرض نفسها عليه وتحجمه في زاوية ضيقة. ولا تتوقف الصدمات عن توريطه، فتراه بحكم عمله يداوم قبل الموظفين جميعا، يكتشف تورط المدير مع سكرتيرته الحسناء، ثم يتعرف على أسرار آخرين، وسرقات بعض آخر، فالمصادفات تقوده إلى إزاحة النقاب عما يغلف المظاهر الخداعة.
ولا يكتفي الحنشي في نصّه بتصوير بطله مصدوما بالمتغيرات والعلاقات المريبة ومدى الفساد المستشري في الدوائر، بل يصوره داخلا في صدامات مباشرة، وكأنه بوصلة للتغيير الحتمي، لكن المرفوق بالقسوة أيضا.
ويبرز ذلك من خلال تعرضه لمصادفات تقوده من منطقة إلى أخرى، ومن طرف إلى آخر نقيض أحيانا، يتسلم قرار نقله إلى دائرة أخرى بعد اكتشافه أسرار المدير، وتشكيله خطرا محتملا عليه لأنه عرف ما لا توجب عليه معرفته. وهناك ينتظره عالم آخر، عالم الحب المشوب بأوهامه والكاشف لعلل المجتمع بشكل أوضح وأكثر إيلاما.
يتعرف إلى "ميّ"، وهي موظفة في الدائرة التي نقِل إليها، تحتل قلبه وكيانه وتستحوذ على تفكيره كله، يحار فيما يفعل، يخشى التقرب منها ومصارحتها لأنها أرفع مرتبة منه في الوظيفة وهو مراسل لا غير، وفي تلك الأثناء تأسره القراءات والمطالعات، يكون كتاب محمود درويش "في حضرة الغياب" مؤنسه ودليله في وحشته وحبّه وحياته الجديدة.
"من خلال تنقّل بطل الرواية بين أكثر من عالم، يقدّم الحنشي تفاصيل عن مجتمعات تبدو جزرا متصلة ببعضها بخيوط بائسة، ومنفصلة في واقع الأمر بحواجز كثيرة"
حلول ترقيعية..
يستعرض الحنشي الساحات التي يحارب فيها بطله لإثبات جدارته في مجتمع يضيق عليه ويلفظه، حيث يستقيل من وظيفته لأن حبه يكاد يودي به، ولأن أهل "مي" يرفضون تزويجها ممن هو أدنى مرتبة منها، ولاسيما أنه محكوم بالحسب والنسب والمال وغير ذلك من المظاهر التي تبقي المرء في قيد محكَم بعيدا عن شخصيته وكفاءته وتميزه، أي يكون رهين ماضيه وغيره دون أن يُنظر إليه كفرد مستقلّ في عالمه.
يعرض الكاتب حالة التوجّه نحو التشدد التي تغدو طريقا للشباب المقهور المحبَط. يدخل بطله عالم التجارة ويحقق مكاسب وأرباحا لافتة، يستدل إلى جماعة دينية متشددة، ينخرط معها في عدة أعمال، وحين يواجه قادتها بأسئلة تبحث عن إجابات واقعية شافية، يعامل كدخيل على الجماعة، ويهمَل ويشكك في ولائه وعقيدته وغير ذلك من التهم الجاهزة.
ومن خلال تنقّل بطل الرواية بين أكثر من عالم، يقدم الحنشي تفاصيل عن مجتمعات تبدو جزرا متصلة ببعضها بخيوط بائسة، ومنفصلة في واقع الأمر بحواجز كثيرة، وكيف تنعدم الرغبة في هدم الموانع وتجسير الفواصل والفجوات بغية الانطلاق إلى مرحلة متقدمة من المصارحة والتآخي.
وتكون ضحكة المرأة موصوفة بأنها في غير أوانها، لأن التأجيل يجتاح كل شيء ويقضي على الرغبات المتأججة، ويفرغها من حميميتها وعفويتها وجمالها، بحيث يخلف قناعة أن أوان الضحك لن يأتي طالما هناك قهر متعاظم.
يحاول الروائي تقديم بعض الوقائع المعاصرة التي حدثت في السلطنة، وسعي المواطنين إلى سن تشريعات تكفل لهم الحقوق وتضع الجميع أمام واجباته، ويذكر بجانب من الاحتجاجات والتوتّرات وتعاطي السلطة معها، ومساعي الشباب إلى كسر الطوق الحديدي الذي يحجب عنهم أية مشروع رؤيوي، ويمنعهم من المشاركة في صناعة مستقبلهم.
ويؤكد استحالة نجاح الحلول الترقيعية التي من شأنها تأجيل البت في القضايا المفصلية والالتفاف عليها، ومماطلة المطالب والسعي لإفراغها من محتواها.
تكون الخاتمة درامية، ذلك أن المصادفات المفتعلة التي تحكم سياق التطورات ومسار الشخصيات، تضع بطل الرواية في مواجهة مع حبيبته، ومواجهة مع الماضي والسلطة والمستقبل، يتخذ قراره باللحاق بها إلى مانشستر حيث يفترض أنها بصدد إكمال دراستها.
وفي الطريق يكون نهبا لأفكار تتجاذبه، يستمع إلى شخص عراقي بجواره يخبره عن الفروقات بين الشرق والغرب، في إشارة إلى الفرق في معاملة الأفراد من قبل المؤسسات بعيدا عن أية أسس قبلية وبعيدا عن العرق واللون والانتماء، وحين الوصول ينتابه التردّد ويظلّ حائرا معلقا في فضاء الغربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.