رموز الثورة يتحولون الى "خونة" الكتاب"الوثيقة" يحمل عنوان "ثورة العلم من إبن خلدون إلى بن باديس" لصاحبته "زهور أسعد" الصادرعن " دار هومة للنشر" ، والمطلع على مضمون الكتاب يدرك أن عنوان الكتاب لا يتطابق والمضمون، بحيث صبّت الكاتبة جامّ" غضبها وحقدها"، على قيادات الثورة ونعتتهم ب"الخونة والمتقاعسين "وعلى رأسهم بومدين، بن بلة، آيت احمد وحتى محمد بوضياف، الذي تقول أنه المؤسّس الأول ل"التجمع الوطني الديمقراطي" . تؤكد الوثيقة التي تملك "الأمّة العربية" نسخة منها، أن ما أسمته " الإنكسار "الذي وقعت فيه جبهة التحرير الوطني جعلت قادة الثورة ينقلبون على أنفسهم، ودخلت جبهة التحرير باب المعارضة في نسخ جديدة بدءا من حزب جبهة القوى الإشتراكية. ومن الأشخاص الذين ذكرتهم الوثيقة " بن بلة"، الذي تتهمه بأنه هو الذي حبك خيوط الفتن، ورمى بها على مناضلي جبهة التحرير الوطني، ليضلل بها المناضلين المخلصين ،ومنهم "حسين آيت أحمد" الذي وقع ضحية هذا التضليل حسب الوثيقة، وانقلب على الجيش، كما تكشف الوثيقة الدور الذي قام به الرئيس الراحل هواري بومدين، على اعتبار أنه خدم الجزء المادي للثورة المتمثل في الجيش، الذي انتهت حسبها مهمته في 1962، وأهمل الجزء الروحي للثورة الذي هو جبهة التحرير الوطني، لتؤدي دورها السياسي في التحرر المعنوي، وهو ما جعل مهام " الجبهة " حسب الوثيقة تتوقف من 62 إلى 88، وهي المدة التي توقف فيها استقرار البلاد ووصلت إلى الإنفجار. هذا الإنفجار حسب ما ورد في الوثيقة التي قدمتها "زهور أسعد" ، سببه هو سياسة بومدين الانفرادية، وسياسة آيت أحمد التائهة، وكان الصّراع الدائر بينهما مجرد "تعنّت صبياني" وليس "عداءً مقيتًا" ، وأن المؤامرة التي حيكت ضد "بومدين"، و لفقت على ظهره دون أن يدركها ويزيح الشبهة عن نفسه، انتهت باستعصاء الحوار بين بومدين و آيت أحمد، وكانت ثمرة هذا الصّراع تسلل بعض من أسمتهم " الخونة الى البلاد"، تحت ستار "الصّحوة"، بعد انتكاسات الثورة العربية في مصر ، وطبقوا سياسة "الأرض المحروقة" في فترة التسعينيات، وتشير الوثيقة أن أحداث هذه الفترة تعود جذورها الى أسباب تاريخية، وتعنت قادة الثورة و اتخاذ آيت أحمد سياسة المعارضة، التي كانت الشرخ بعينه، والتئام هذا الشرخ هو في يد هذا الزعيم، لو راجع حساباته باعتباره القائد الفعلي لجبهة التحرير الوطني. على حد قول صاحبة الكتاب. ماركزت عليه الوثيقة هو الدور الذي قام به محمد بوضياف في تجديد "نجم شمال افريقيا" وعودته الى الساحة السياسية باسم "التجمع الوطني الديمقراطي"، هذه العودة التي أمضت ببصماتها التاريخية تجديد "الحزب العتيد"، الذي هو "نجم شمال افريقيا"، وكان محمد بوضياف الذي يكن حقدا كبيرا لجبهة التحرير الوطني كما أوضحت، أول من نادى ب"تجمع وطني ديمقراطي"، حيث انبعث هذا الحزب من "الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، لإحياء الحزب العتيد الذي كان قد أنشئ خارج البلاد في الحقل الصناعي في أوروبا من طرف عمال الصناعة، وكان بمثابة القاعدة الاقتصادية للبلاد. وكان محمد بوضياف قبل وفاته، يرى أن فكرة انبعاث الحزب العتيد فكرة يفرضها التاريخ، ولا تماطل فيها، ومثلما تم التوقيع على جبهة التحرير الوطني في 1954، لقيادة الثورة المسلحة وتحقيق النصر، جاء اليوم الدور على إحياء الحزب العتيد الذي هو"نجم شمال افريقيا" ليوقع دوره لقيادة الثورة الاقتصادية وتحرير الإقتصاد الوطني، و ذلك بإقامة" التجمع الوطني الديمقراطي"، وتكون قاعدته "الاتحاد العام للعمال الجزائريين" ، علما أن هذا الحزب حسب الوثيقة يستمد نظرياته وفلسفته من التيار "الماركسي" الذي يعتمد على علم الإختصاص، والوحيد الذي يقدر العلم، وكان يرى أنه على الحكومة الجزائرية اليوم أن تبني سياستها الاقتصادية في الاتجاه التقدمي. إن مصدر هذا الحزب بحسب الكاتبة صاحبة الوثيقة نبع من تيار عصري عالمي، و هي الثورة الاشتراكية، روح الثورة الصناعية، وكانت الجزئر تعتبر التيار الاشتراكي ثمرة من ثمرات الحضارة الإسلامية، و منه اسّست حزبا سياسيا على مفهوم الثورة الاشتراكية وهو حزب "نجم شمال افريقيا "في فترة الثلاثينيات، ومؤسسو هذا الحزب هم الجماعة التي احتكت بأوروبا التي كانت السباقة في إنشاء الأحزاب الإشتراكية، وهو بمثابة حزب "العمال"، إلا أن هذا الأخير بقي مجهولا بسبب الأزمة السياسية التي اصبحت عليها البلاد بعد الاستقلال، والتي أضحت بدورها كارثة على المنهج الاقتصادي للجزائر على حد تعبير الكاتبة. وتشخص زهور أسعد في كتابها المموه"ثورة العلم من إبن خلدون إلى بن باديس" ، قادة الثورة الذين خانوا جبهة التحرير الوطني،واتخذوا مفهوما خاطئا بتشكيل أحزاب معارضة،خارجة على الجبهة،ومنهم بوضياف وآيت أحمد، الأمر الذي جعل " الجبهة" تعيش الخطر في بداية التسعينيات، وترك زمام الأمور في يد مجموعة كانت تتستر بالدين، أو كما سمتهم الكاتبة " الطرقيون"، وتم غض الطرف عنهم حتى استولوا على زمام الأمور ، في حين بقيت فئة منطوية على نفسها و المتمثلة في "يوسف بن خدة"، واستغلت هذه المجموعة من "الطرقيين" هذه الأوضاع بعودتها إلى عصر القبيلة، والتعصب العرقي وإحياء الجهوية، وأخرى دعت تضيف " زهور اسعد" إلى إحياء "الوثنية الإغريقية"، وطائفة أخرى كذلك تتستر ب"جمعية العلماء"، وهي زمرة من "شيعة الخوارج" تحت ستار " جبهة الإنقاذ" لتقضي على محمد بوضياف وتنفذ فيه جريمتها ...