تضمن البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها في الكويت، أول أمس، العديد من القرارات المهمة، أبرزها تشكيل قوة تدخل سريع خليجية، ومعارضة دول المجلس أي عمل عسكري ضد إيران، مع مطالبتها في الوقت نفسه بالتجاوب مع مطالب وكالة الطاقة الذرية وقرارات الشرعية الدولية. فتشكيل قوة تدخل سريع، يرى فيها المحللون السياسيون، أنها تعكس رغبة خليجية مشتركة في ترجمة الاتفاقية الدفاعية عمليا على الأرض، إلا أن هذه القضية تتطرح عدة تساؤلات من حيث كيفية تشكيل هذه القوات وعدد جنودها، ونوعية تسليحها والمهام الملقاة على عاتقها، لاسيما وأنه سبق لدول مجلس التعاون الخليجي أن اتخذت قرارات بإنشاء قوات دفاعية مشتركة، قبل خمسة وعشرين عاما تقريبا، إلا أن هذه القرارات ظلت حبرا على ورق. كما لا يشك المحللون السياسيون، أن إعادة طرح هذه القضية وفي مثل هذا التوقيت، يأتي في ظل ما تواجهه دول المجلس من أخطار، بعضها داخلي يتمثل في حرب الاستنزاف التي يشنها الحوثيون اليمنيون ضد المملكة العربية السعودية، وبعضها خارجي يتمثل في تنامي القوة العسكرية الإيرانية، وتصاعد احتمالات الحرب الأمريكية الإسرائيلية ضد طهران لتدمير برامجها النووية. وعلى هذا الأساس، فإن هدف قوة التدخل السريع الخليجية، هو التصدي لأي محاولة انتقامية إيرانية في حال انفجار الحرب المذكورة وانطلاق الطائرات والسفن المغيرة من قواعد عسكرية أمريكية في دول الخليج، لأن طبيعة هذه القوة وتسليحها المحدود، لا توحي بذلك، والمرجح أنها ستخصص لمواجهة نزاعات داخلية، خاصة في ظل التمرد الحوثي اليمني، وتورط السعودية في حرب ضده، حيث يعتبر هذان العاملان، السببين الرئيسيين للعودة إلى هذه الفكرة مجددا، ولتبرير انضمام قوات خليجية إلى نظيرتها السعودية في هذه الحرب. كما أن مطالب دول الخليج لإيران بالتعاون مع مطالب وكالة الطاقة الذرية، تذكر بمطالب مماثلة للنظام العراقي السابق، عندما كانت فرق التفتيش تبحث عن أسلحة الدمار الشامل، ليتبين في الأخير بعد ذلك، أن هؤلاء المفتشين كانوا في معظمهم جواسيس يمثلون أجهزة مخابرات غربية، وتنحصر مهمتهم في استفزاز العراق لتسهيل هدف العدوان عليه. فدول الخليج، أو بعضها على وجه التحديد، ساندت العدوان الأمريكي على العراق، وفتحت قواعدها البرية والجوية للقوات الأمريكية التي انطلقت منها لاحتلال بغداد وإطاحة النظام العراقي السابق، وهو العدوان الذي نسف التوازن الاستراتيجي العسكري في المنطقة الأمر الذي وضع دول مجلس التعاون في وضع حرج للغاية. وعليه موقف الدول الخليجية حرج للغاية، لا سيما في ظل الخلافات الحدودية المتفاقمة، ولجوء زعاماتها إلى إعطاء انطباع مضلل للمواطنين بأن الأمور تسير على ما يرام. على عكس الواقع.