بسكرة: زيارة موجهة لفائدة ممثلي وسائل الإعلام إلى مركز التكوين للقوات الخاصة    التكفل ب76.81 بالمائة من انشغالات المواطنين.. معالجة أكثر من 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    التقى وزيري النقل والطاقة لسلطنة عمان.. بوغالي يسترض واقع وآفاق قطاعات النقل والاتصالات والرقمنة في الجزائر    عبد الرشيد طبي : ضرورة تثمين الهياكل القضائية بتقديم خدمات نوعية للمواطنين    الأغواط : أبواب مفتوحة على مركز التدريب للدفاع المضاد للطائرات    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    العدوان الصهيوني : الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية التي عثر عليها بمستشفيات غزة    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    برج بوعريريج.. تخصيص 194 مليار سنتيم لتحسين ظروف التمدرس    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    التراث والأدب.. ثنائية مُؤسّسة للحضارة الإنسانية    الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    الخطوط الجوية الجزائرية : عرض جديد موجه للعائلات الجزائرية في العطلة الصيفية    المجمع الجزائري للغة العربية يعلن عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    دورة اتحاد شمال افريقيا (أقل من 17سنة) : "الخضر" يتعادلون أمام تونس ويواجهون ليبيا اليوم    عرقاب يعلن عن استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في المجال المنجمي    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    مجلس الأمة يشارك من 26 إلى 28 أبريل بإسطنبول في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    تشاد..نجامينا تستعد لطرد القوات الأمريكية    شباب بلوزداد – اتحاد الجزائر عشية اليوم بملعب نيبسون مانديلا : دريبي عاصمي جديد من أجل نهائي كأس الجزائر    لغروس في بسكرة: وضع حجر أساس مشروع إنجاز محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    القمة الرقمية الإفريقية : 80 بالمائة من الجزائريين يستفيدون من الأنترنيت    أرمينيا وأذربيجان تعلنان عن بدء عملية تحديد الإحداثيات لترسيم الحدود بينهما    موسم الحج 2024: يوم تحسيسي لفائدة البعثة الطبية المرافقة للحجاج    رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يتحادث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    فرصة جديدة لحياة صحية    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    لعقاب: ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات التي تواجهها الجزائر    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    سطيف: تحرير شاب عشريني اختطف بعين آزال    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    فيما انهزم شباب ميلة أمام الأهلي المصري: أمل سكيكدة يفوز على أولمبي عنابة في البطولة الإفريقية لكرة اليد    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    صعلكة    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    "التاس" ملاذ الفاف وسوسطارة: الكاف تدفع لتدويل قضية القمصان رغم وضوح القانون    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    سنقضي على الحملة الشرسة ضد الأنسولين المحلي    بنود جديدة في مشاريع القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    سطيف تنهي مخططاتها الوقائية    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    رئيس بشكتاش يلمح لإمكانية بقاء غزال الموسم المقبل    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية "جوميل" أو"زمن النمور"
الولاية التاريخية الثالثة
نشر في الوطني يوم 01 - 11 - 2011

خلال عام 1959 اهتدى مخططو الجيش الفرنسي إثر فشل حل المحاولات العسكرية العديدة المدعمة بالعمليات البسيكولوجية للقضاء أو إبطال مفعول المقاومة بالولاية التاريخية الثالثة إلى خطة حربية جديدة متمثلة في عمليات عسكرية ذات نطاق واسع أطلق عليها تسمية عملية "جوميل" أو "المنظار" تستهدف عزل مجاهدي جيش التحرير عن القاعدة الشعبية.
وكان اسم العملية نسبة للمنظار الذي كان يستعمله الجيش الفرنسي لرصد حركات المجاهدين والسكان وتم إطلاقه سنة فقط بعد اعتراف هيئة الأمم المتحدة بالقضية الجزائرية وإنشاء الحكومة الجزائرية المؤقتة. وكانت الخطة تهدف أساسا إلى شن حملات تمشيط واسعة على القرى وتهجير سكانها إلى المحتشدات المحاطة بالأسلاك الشائكة والخاضعة لمراقبة الثكنات العسكرية المعززة والمدعمة بغرف صغيرة للتعذيب تمت تهيئتها تحت الطوابق الأرضية للمراكز المتقدمة للعدو بغرض إلحاق أشد أنواع العذاب بكل شخص مشتبه به في التعاون مع المجاهدين، ولم يكن المخطط الرئيسي لهذه العملية الجهنمية سوى "الجنرال ديغول" الرجل المخطط لسلم الأبال وصانع الجمهورية الفرنسية الخامسة الذي عين القائدين "موريس شال" و"بيجار كمنفدين" رئيسيين لتلك العمليات القذرة ضد السكان العزل.
واستدعى تنفيذ العملية استعمال ثلاثة أسلحة على أن يتم فيها الاعتماد على نمور أو البارا الذين لعبوا فيها دورا أساسيا. بعد 55 سنة خلت عن اندلاع ثورة نوفمبر 1954 يتذكر المجاهدان "أيت أحمد علي" و"عصماني بلقاسم" المدعى "سي عم"ر وهما أمين مركز القيادة للولاية الثالثة التاريخية و قائد المنطقة لنفس الولاية آنذاك زمن النمور الذي انطلق في جويلية 1959،حيث شرع أصحاب القبعات الخضراء بقنبلة مناطق الأكفادو بمروحياتهم ويقول المجاهدان، خلال ذلك الصيف رأينا البارا يخرجون من هذه الأرض كتبات الفطر في الوقت الذي كانت فيه كتائب جيش التحرير تتضاءل إلى الحد الذي بادرت فيه النساء إلى تعويض الرجال.
وكان كل قصف لأية قرية بسلاح المدرعات يتبعه ظهور كومندوس من الصيادين الذين كان يطلق عليهم آنذاك جنود "بالبوا لوضف" لمدى وحشيتهم وقساوتهم، حيث كانت مهمتهم حسب شهادة هاذين المجاهدين القضاء على كل من بقي حيا بعد القصف بواسطة رشاشاتهم وكان هؤلاء وسيلة العدو لزرع الرعب في نفوس السكان لأجل عزلهم عن المجاهدين وتجويعهم لإجبارهم على النزول من مخابئهم في الجبال..
ولم يكن جنون فرنسا ليستثني لا للنساء ولا الأطفال ولا الشيوخ ولا المرضى ولا حتى الحيوانات التي تم القضاء عليها في الوقت الذي تم فيه حرق الغابات باستعمال طائرات "يايبركوب".
كل هذا لم يكن يكفي ليشفي غليل الجيش الفرنسي الذي كان يستعين بأعوانه من السكان المحليين لإخضاع كل مشتبه فيه لأشد أنواع الاستنطاق من خلال استعمال أقسى طرق التعذيب من بينهما ما يسمى "الجيجين" التي يعتمد فيها على تمرير التيار الكهربائي على بعض أجزاء الجسم الحساسة والمبللة بالماء، وكان غضب العدو يتضاعف إثر كل هزيمة أمام جيش التحرير الوطني، حيث كان ينتقم بطريقته الخاصة من السكان العزل سيما النساء. ويتذكر المجاهدان في هذا الموضوع إحدى الحوادث التي بقيت خالدة في الأذهان
حسب قولهما وكان ذلك في يوم من أيام صيف 1959 بقرية "ايلولا اومالو" وهو المكان الذي تم فيه نسخ بيان أول نوفمبر 1954، حيث تم شق بطن امرأة حامل بحربة وذلك أمام ذويها.
ديغول استنجد بالبارا
أمام السكان المجتمعين بساحة القرية يواصل المجاهد "سي علي" قائلا أن كل قرية شهدت مثل هذه الأحداث المأساوية كان صانعوها البارا ومرتزقة جيش الاحتلال المكلفين بكسر شوكة السكان مع أنه لم يكن بوسعهم إدخالهم عالم التحضر و التمدن حسب زعمهم حسب ما أضافه السيدعلي، كما يتذكر نفس المجاهد قتل سبع نساء من عرش "ايت جناد" بمرور دبابة عليهن بعد تصفيفهن بحفرة في الوقت الذي تم فيه أيضا حرق سبع نساء أخريات من قرية "مقلع" وهن أحياء، فيما كانت انتهاكات الأعراض لا تعد ولا تحصى وكان كريم بلقاسم يقول لكل وافد جديد إلى صفوف جيش التحرير من الأفضل لكم البقاء في بيوتكم إذا كنتم غير محضرين لاحتمال بشاعة الاستعمار ضد عائلاتكم وذويكم حسب المجاهدين، كما تفيد نفس الشهادتين بقيام البارا بايفليسان بقتل ما لا يقل عن 57 شخص بالسكين لمجرد اشتباههم بالتعاون مع جيش التحرير، بالموازاة تم الاستعانة بالفيلق الأجنبي في هذه الجرائم، حيث يتذكر سكان قرية "تخليجت" ببلدية صوامع ذبح 5 من ذويهم من طرف الجنود السنغاليين.
من جهة أخرى كانت أمراض العصور الوسطى والجوع تفتك بالقرويين الذين تم تهجيرهم إلي المحتشدات والمجمعات الذين تم تقرير عددهم بألف شخص عبر إقليم الولاية التاريخية الثالثة تمتد من المتيحة إلى سطيف و تيزي وزو إلى غاية المسيلة واختتمت عملية "جوميل" بالنسبة لجيش التحرير الوطني بفقدان حوالي 8000 رجل من ضمن 12000 عبر الولاية التاريخية الثالثة، فيما قدرت الخسائر البشرية لدى المدنيين بأكثر من 15 ألف. نفس عملية جوميل تعود للأذهان أيضا إلى إنشاء العديد من المناطق المحرمة، حيث كان أي تنقل ولأي سبب مرهونا بالاستفادة من رخصة مؤقتة لدى الإدارة الفرنسية وهي الرخصة التي استغلتها المسبلات النساء الفدائيات لغرض تموين المقاومة في الجبال، كل تلك الأفعال الشنيعة ومراقبة المحتشدات والمجمعات لم تجن منها فرنسا الثمار المرجوة وقطع صلة الرحم ما بين السكان و المجاهدين الذين تمكنوا من فك هذا الحصار عليهم من خلال تهيئة مخابئ داخل تلك المحتشدات وفي بعض الأحيان بالقرب من المراكز المتقدمة للعدو بذلك كان المجاهدين يستفيدون من بعض ما كان يمتلكه السكان في إطار روح التضامن المثالية التي كانت تميز ثورة نوفمبر 1954 حسب ما يتذكره نفس المتحدثين.
وتعتبر عملية "جوميل" بالنسبة للمجاهد سي علي أكبر دليل على أن دوغول فعل كل ما بوسعه لأجل إبقاء الجزائر في كنف الاحتلال الفرنسي عكس ما يدعيه أولئك الذين يقولون أن الاستقلال كان هدية تلقيناها من صاحب هذه الفكرة الجهنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.