تزخر ولاية باتنة برصيد ثقافي محترم على المستوى الوطني، من حيث توفر الإمكانات المادية والبشرية، غير أنه وبرغم المجهودات التي تبذلها الدولة في سبيل تطويره، ما يزال قطاع الثقافة يسجل معاناة وتهميشا حالا دون إعطاء هذه المنطقة صفة القطب الثقافي، إلى جانب ضعف التنشيط الفني في مجتمع يتميز بالانغلاق على نفسه، الأمر الذي لا يساعده على تلبية حاجياته والوقوف أمام تحدياته المطروحةّ، وبشكل خاص ما تعلق منها بواقع السينما، حيث بقيت أبوابها مغلقة طيلة سنوات لأسباب مجهولة ومبهمة تنتظر إجابات حتى يومنا الحالي، لتتمكن ربما من لملمة شتات هذا الجانب . تتوفر ولاية باتنة على أكثر من 10 قاعات للعرض السينمائي شهدت في السابق حركية سينمائية نشطة ومميزة إلى غاية سنوات الثمانينيات، حيث أغلقت كلها بفعل تراجع واقع السينما وفي التسعينيات بسبب تدهور الوضع الأمني وبلغ عدد قاعات السينما حسب مونوغرافيا الولاية لسنة 2008، خمس قاعات تابعة لبلدية باتنة وهي، “الكازينو” التي تم منحها لفريق شباب باتنة خلال التسعينيات، سينما “الكاهنة” أو “الريجون” حاليا قاعة “حي النصر”، قاعة “حي كموني” وأخيرا “لمباركيه”. استقطبت هذه الصالات في الثمانينيات جمهورا كبيرا تردد على النادي السينمائي، وقاعة السينيماتيك “سينما الأوراس حاليا” وقاعة دار الثقافة التي حظيت بالعرض الشرفي لفيلم الشهيد بن بولعيد قبل سنوات، ويضاف إليها قاعة بالمسرح الجهوي الحالي وبسبب تراجع النشاط السينمائي لعدة أسباب بعضها موضوعي مثل ظهور بدائل أخرى كانتشار الفيديو والهوائيات المقعرة والانترنيت والأقراص المضغوطة وغلاء النسخ الأصلية للأفلام عند العروض الأولية، والبعض الآخر غير موضوعي مثل تغير الذهنيات وتراجع الاهتمام بهذا القطاع ومشاهدة الأفلام في السينما، ونشير إلى أن أغلب قاعات السينما بالولاية توقفت تماما عن النشاط منذ مدة وأصبح بعضها عرضة للإهمال والتلف من ناحية الهيكل وتجهيزات العرض كقاعة الكاهنة، مع الإشارة إلى أن قاعة السينيماتيك قد تم تسليمها إلى وزارة الثقافة عن طريق الامتياز بغرض إعادة إحياء النشاط السينمائي في حين لا تزال المشاورات جارية حول قاعة الكاهنة. وفيما يخص قاعتي حي النصر ولمباركية فقد تم تحويلهما من طرف البلدية إلى نشاطات أخرى على غرار مراكز ثقافية جوارية، ونفس المصير لقيته بقية القاعات القليلة الموجودة عبر بعض البلديات مثل نقاوس، عين التوتة، بريكة، مروانة، ورأس لعيون والتي حولت من النشاط الأصلي لها لتعاني الأمرين اليوم نتيجة الإهمال، ورغم مطالبة مديرية الثقافة بباتنة ومن ورائها وزارة الثقافة بوجوب سحب تسييرها وتبعيتها من البلديات إلى مديرية الثقافة إلى أن الأمور بقيت عالقة وما تزال تحت وصاية البلديات.