أقلام واعدة : تظاهرة ثقافية أدبية موجهة للأطفال والشباب    جلسة حوارية : الفن الإفريقي المعاصر بين الاعتراف الدولي والتحديات المحلية    المجمع الجزائري للغة العربية وجامعة تيبازة : إبرام اتفاقية تعاون علمي أكاديمي    12 منظمة حقوقية إسرائيلية:2025 العام الأكثر فتكا بفلسطين منذ 1967    سوريا : مقتل شيخ درزي في السويداء    مستغل من طرف دوائر معادية لضرب الجزائر : انشقاقات واسعة في تنظيم "ماك" الإرهابي    رفع الحد الأدنى المضمون للأجور ومنحة البطالة: أحزاب تثمن قرارات رئيس الجمهورية    الانقلابات، الإرهاب والتدخلات الخارجية "ثلاثية" تهيمن على المشهد الأمني في إفريقيا    عرقاب بحث مع الفود البرازيلي توسيع الشراكة الطاقوية : "ويغ" ترغب في تطوير استثمارات طويلة المدى بالجزائر    مستغانم.. 250 مليون دج لدعم مبادرات الشباب    سكيكدة..حملة للقضاء على الاستغلال غير الشرعي للأرصفة    خنشلة .. وضع مركز الردم التقني بتاوزيانت حيز الخدمة قريبا    وزير العمل: زيادات الأجور ومنحة البطالة تجسيد لالتزامات رئيس الجمهورية بحماية القدرة الشرائية    قطاع مراكز الاتصال في الجزائر نحو إقلاع اقتصادي جديد: خطة لخلق 300 ألف منصب شغل بحلول 2029    من الجزائر... دعوة لتحويل جرائم الاستعمار إلى مشروع سياسي إفريقي يعيد صياغة موازين القوى    رئيس الجمهورية يخصص 2000 دفتر حج إضافي لمن تجاوزوا 70 سنة ولم يسعفهم الحظ في القرعة    مهرجان دولي للكسكس    24 ألف دينار و18 ألف دينار    عبد اللطيف تلتقي نظيرها البيلاروسي    عطّاف يستقبل دي لا كروا    أرقامي .. خدمة جديدة    وكالة الأنباء الجزائرية تطلق قسما باللّغة الصينية    توجيهات الرئيس ورقة عمل لمكافحة الغش والتهريب وضمان مخزون استراتيجي    حلول إفريقية لتطبيب أوجاع إفريقيا    20 سنة سجنا و200 مليون غرامة للسائقين المتهورين    وفد الشرطة الصينية يزور مديرية الوحدات الجمهورية ومقر "الأفريبول"    الاحتفال بعشرينية مشروع "Raï'N'B Fever"    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    كأس العرب تنطلق اليوم    تعرّضتُ للخيانة في فرنسا    أمطار منتظرة بعدّة ولايات    أكاديميون يشيدون بمآثر الأمير عبد القادر    الرئيس يُهنّئ ممثّلي الجزائر    4 ملايين طفل معني بالحملة الوطنية    لنضالات الشعب الجزائري دور محوري في استقلال دول إفريقيا    متابعة نشاط الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة    24 ألف دينار الحدّ الأدنى للأجور.. و18 ألفا للبطّالين    انطلاق حملة التلقيح ضد شلل الأطفال    منظمات وأحزاب تدافع عن حقّ الصحراويين    ضرورة استخدام التكنولوجيا في مجال التنبؤ والإنذار المبكر    الرئيس تبون يعزي عائلة العلامة طاهر عثمان باوتشي    الطريق إلى قيام دولة فلسطين..؟!    إعلان الجزائر" 13 التزاماً جماعياً للدول الافريقية المشاركة    الروابط بين الشعبين الجزائري والفلسطيني لا تنكسر    المدارس القرآنية هياكل لتربية النّشء وفق أسس سليمة    دعم الإنتاج المحلي وضمان جودة المنتجات الصيدلانية    محرز يقود الأهلي السعودي للتأهل إلى نصف نهائي    "الخضر"يدخلون أجواء الدفاع عن لقبهم العربي    مدرب منتخب السودان يتحدى أشبال بوقرة في قطر    الفنان عبد الغني بابي ينقل نسائم الصحراء    دورة طموحة تحتفي بذاكرة السينما    الخطوط الجوية الجزائرية تصبح الناقل الرسمي للمنتخب الوطني في جميع الاستحقاقات الكروية    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى ال17 لمجزرة بن طلحة
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 09 - 2014


"أخبار اليوم" تتقرّب من المنطقة وترصد شهادات ناجين
عيش دائم على ذاكرة الجرح.. والنتيجة أزمات نفسية حادة
ضحايا يعيشون الجحيم ويشتكون ضياع حقوقهم
من منا لا يتذكر أو لم يسمع حول العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر خلال التسعينيات، والأكيد أنه عند الحديث عنها يتبادر في ذهننا العديد من المجازر من بينها مجزرة بن طلحة الشنيعة التي جرت أحداثها في يوم 22 سبتمبر 1997 في ساعات متأخرة من الليل، بحيث وقعت انفجارات مدوية هزت حي الجيلالي جنوب غرب بن طلحة قرب براقي، بحيث شرع الإرهاب في التحرك بطريقة منظمة من منزل لآخر يذبحون جميع أفراد العائلة ممن وجدوهم في المنازل.
حسيبة موزاوي
فقتلوا ما استطاعوا من النساء والأطفال والشيوخ والرجال مستعملين الفؤوس والسيوف والخناجر والرصاص، بعضهم يرتدون ملابس سوداء قتالية، والبعض الآخر الملابس المميزة للإسلاميين، وهي القشابية مع أقنعة ولحى، حيث بلغت أصوات الصراخ والإنذارات عنان السماء، والملاحظ حسب شهود عيان أن بعض السكان المحليين كانوا ينادونهم بالاسم، غير أنهم واصلوا مذبحتهم، فكانوا يضربون الأطفال بعنف في الجدران ويقطعون الأطراف ويضربون الأعناق ويغتصبون النساء ثم يقتلونهن، مذبحة دامت قرابة 6 ساعات، لكن المؤلم أكثر أن الجريمة كانت في معركة غير متكافئة بين أبرياء عزّل تُركوا لمصيرهم فقُتلوا بوحشية.
شهادات لناجين من المجزرة
على ملامحها ارتسمت علامات تعب وشقاء عمرها سبعة عشر سنة، تتحدث عن مأساتها بمرارة وخيبة.. هي سيدة بسيطة لم تعرف يوما السياسة، لكن القتلة هاجموا بيتها وقتلوا ابنتها البالغة من العمر 18 سنة تاركة وراءها طفلا لم يتجاوز العامين صار يتيما بإرادة القتلة الهمجيين، أما هي فأصيبت برصاصة على مستوى البطن، وبالنسبة لابنتها الأخرى أصيبت بأربع رصاصات غير أنهما بقيتا على قيد الحياة وكتب الله لهما العمر الطويل، حدث ذلك في 1997 لسبب لا تدريه، تشردت بين البيوت والأزقة، عاشت سبعة عشر سنة على صدقات المحسنين، بعدها تم توظيفها كعاملة نظافة بمدرسة في إطار تشغيل الشباب مقابل ألفي دج شهريا، غير أنها لم تستفد من التعويض عن مقتل ابنتها قائلة (وين راح حق بنتي ووليدها) خاصة مع الظروف الاجتماعية المزرية التي تتخبط فيها، تحتار هذه السيدة التي يداهمها الكبر كيف تتأقلم في مجتمع بات لا يرحم. مازالت هذه السيدة إلى حد اليوم تعيش على حلم الاستفادة من أربعة جدران تعيد إليها بعضا من كرامتها.
سنوات بعد المجزرة.. يأس.. قنوط وتشرد للعائلات
طوال جلسة الحديث كان مطرقا وصامتا، لم يعد شيئا يهمه، كان ساقطا في بؤرة اليأس العودة منها لم تعد ممكنة، اسمه رابح لكن مشواره في الحياة لم يكن رابحا أبدا. خصوصا بعد الحادثة التي وقعت له في سنة 1999 بحيث اقتحم بيته القتلة الإرهابيون وذبحوا ابنته وقضوا على أخيه وزوجة أخيه وأبنائهم السبعة، من بينهم رضيع عمره أربعة أشهر ذبحوه ووضعوا رأسه في مجاري المياه. رابح قضى 11 سنة مشردا بين بلديات وأماكن مختلفة من العاصمة والبليدة، من موزاية إلى تسالة المرجة. حاليا يعيش في مستودع تبرع له به أحد المحسنين، جدرانه من النيلون يفصل بين غرفه البلاستيك، زوجته معاقة وأبناؤه يعانون من اضطرابات عصبية جراء الفظائع التي عاشوها، لم يكن له ما يقوله غير لعن الواقع الذي أوصله لما هو فيه الآن.
يقتلون زوجها بعد أن اتهموه بامتلاك قطعة سلاح
علامات التعذيب والمأساة ما تزال ظاهرة على ملامحها، فاطمة عذّبها من كانوا يتحدثون باسم الله، وقتلوا زوجها وطردوها منذ 1995 من أجل قطعة سلاح وهمية، زوجها كان يشتغل نجارا في الجامعة، اتهمه الإرهابيون أنه يخفي سلاحا، أخذوه من بيته وقتلوه عام 1995، ترك خلفه ستة أطفال آخرهم كان في بطن أمه، انتظرت عودة زوجها لكنهم عادوا من أجل ذبح الأطفال وإحراقها حية بالبنزين، استولوا على مصوغاتها وأحرقوا البيت وضربوها وهي حامل في شهرها التاسع..)، منعوا عنها حتى شربة ماء، ما زالت تذكر تفاصيل وجوههم ولحاهم الكثيفة، أحدهم كان مبتور الأصبع، منظرهم يثير الرعب في مخيلتها، فترتعد الكلمات بين شفتيها وإلى اليوم تخاف أصحاب اللحية!. شيء واحد أنقذها ليلتها من الحرق حية.. الخلاف بين الجماعة التي قصدت بيتها حول طريقة قتلها، انتهت بتصفية بعضهم البعض. هربت واختفت في قبو مدة 17 سنة، طاردها القتلة، مرة أرسلوا لها مجهولا يبحث عنها قال إنه خالها، ومرة بعثوا متسولة، تقول (كانوا يراقبونني طوال هذه المدة لقتلي) فاطمة تعاني إلى اليوم الخوف من أن يقتفي أحدهم أثرها، ابنها معاق وابنتها معاقة، ولكن لا يستفيدان من منحة وهي تعيش على منحة هزيلة غير منتظمة، لازالت إلى اليوم لا تفهم لماذا قُتل زوجها وعذبت هي بتهمة الطاغوت ولا تعرف حتى معنى هذه الكلمة.
أزمات نفسية وضياع للحقوق
وفي هذا الصدد تقول (م. سعاد)، أخصائية نفسانية تتابع حالات الضحايا أن الأزمات النفسية التي يعاني منها الضحايا انتقلت إلى أبنائهم، حتى لو كانوا لم يعيشوا العشرية السوداء، لكن حديث الأولياء عنها وما رافقها من مجازر جعل أبناءهم يتمثلون تلك الأزمات التي تظهر في سلوكياتهم، حيث يعاني أبناء ضحايا الإرهاب من عدة صعوبات مثل الخوف والانطواء والفشل المدرسي، وصعوبة الاندماج في المحيط. وأضافت المتحدثة، أن الأخصائيين النفسانيين والمربين المهتمين بقضية العشرية السوداء ينظمون جلسات استماع وعلاج للضحايا ولأبنائهم، وفي بعض الأحيان جلسات عائلية للاستماع من خلال مشروع (الذاكرة) الذي جمعت فيه شهادات ضحايا الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى ساعدتهم على التعبير عن آلامهم العميقة، وتجاوز جرحهم بمشاركة الآخرين. وما لاحظه الأخصائيون النفسانيون، تقول (م. سعاد)، إن ما فاقم حجم المأساة عند الضحايا هو غياب الاعتراف بوضعهم وتجاهل حقوقهم، لهذا تضيف المتحدثة أن هناك عدة مشاريع منها مشروع (دار حرية) الذي يقدم توعية قانونية واجتماعية تساعد الضحايا على إعادة الاندماج في المحيط ومعرفة كيفية المطالبة بحقوقهم، وقد ظهرت نتائج المشروع في تعاملات الضحايا الذين صاروا أكثر وعيا، واستعدادا للحوار والتعبير، ومقتنعين أن العيش على ذاكرة الجرح لا يحل المشكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.