إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار وتوقيف 10 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    إنطلاق فعاليات الملتقى الوطني الأول حول المحاكم التجارية المتخصصة    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    فايد يشارك في أشغال الإجتماعات الربيعية بواشنطن    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    العدوان الصهيوني: إصابة ثلاثة فلسطينيين جراء قصف الاحتلال لمنازل وسط قطاع غزة    جمباز/كأس العالم 2024: الجزائرية كيليا نمور تتأهل إلى نهائي مسابقة العمودين غير المتوازيين    القضية الفلسطينية محور نقاش الإجتماع الوزاري المفتوح بمجلس الأمن اليوم    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي يؤكد: تشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة    المكتب الإعلامي بغزة: الأسرى في سجون الإحتلال الصهيوني تتضاعف أعدادهم ومعاناتهم    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    الجهوي الأول لرابطة باتنة: شباب بوجلبانة يعمق الفارق    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    مشروع محيط السقي بالإعتماد على المياه المستعملة بتبسة "خطوة عملية لتجسيد الإستراتيجية الوطنية في القطاع"    عطّاف يؤكّد ضرورة اعتماد مقاربة جماعية    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    توزيع الجوائز على الفائزين    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    من يحرر فلسطين غير الشعوب..؟!    دعوة لضرورة استئناف عملية السلام دون تأخير    الصّهاينة يرتكبون 6 مجازر في يوم واحد    منصة رقمية للتوقيع الإلكتروني على الشهادات    40 سؤالا ل8 وزراء    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    بطاقة اشتراك موحدة بين القطار والحافلة    البعثة الإعلامية البرلمانية تختتم زيارتها إلى بشار    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    وفق تقرير لجامعة هارفرد: الجزائري سليم بوقرموح ضمن أهم العلماء المساهمين في الطب    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسجد الأقصى المبارك الهوية والعقيدة
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 10 - 2015


تيسير التميمي
الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً ربط الله تعالى بين المسجد الأقصى المبارك وبين المسجد الحرام ربطاً عقائدياً مصيرياً فيه لفت نظر للمسلمين أن ضياع أحدهما ضياع للآخر بل ضياع لمقدسات الإسلام جميعها فارتبطت هذه المدينة المقدسة بالإسلام وارتبط المسلمون بالقدس أكثر مما ارتبطوا بأية مدينة أخرى بعد مكة والمدينة ذلك أنها تتمتع بمركز روحي وتوحيدي للأمة كلها وتتبوأ مكانة خاصة في عقيدتهم وفي تاريخهم وتراثهم.
فعلى مر التاريخ الإسلامي أولاها الخلفاء والقادة والأمة من ورائهم بالرعاية والحراسة وبالتقديس والتكريم فاستقرت في قلوبهم وضمائرهم ورووها بدمائهم وسيَّجُوها بأرواحهم فما تعرضت مدينة القدس أو مسجدها الأقصى المبارك يوماً لغزو أو احتلال أو مساس إلاَّ هبت الأمة لتحريرها ورد العدوان عنها فكانت من أبرز عوامل توحيد الأمة.
محفوظ من الله
حفظ الله سبحانه وتعالى مدينة القدس وأرضها المباركة من كل الغزاة والمحتلين على مر التاريخ ويقيننا الراسخ أن الله سبحانه وتعالى سيقيض لها من الأمة ومن أهلها المرابطين من يحميها ويحررها من جديد فأهمية هذه المدينة وقدسيتها والمكانة العقائدية للمسجد الأقصى المبارك لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها جعلتها مطمعاً للغزاة ويمثل الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لها ولأرض فلسطين كلها أبشع صور غزوها على مر التاريخ فهو يدنس المقدسات وينتهك الحرمات ويشدد الإجراءات بمنع المصلين من دخول مدينتهم المقدسة والصلاة في مسجدهم الأقصى المبارك في الوقت الذي يسمح فيه للمستوطنين والجماعات اليهودية بدخوله وتدنيسه ويحيك المؤامرات بالليل والنهار ويرسم المخططات ويفرضها لتصبح أمراً واقعاً ولعل آخرها محاولته فرض التقسيم الزماني والمكاني فيه بين المسلمين واليهود على غرار ما فعل بالحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل عليه السلام ويواصل الحفريات لتقويض بنيان المسجد وهدمه بهدف إقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه ويعمل على عزل المدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي بالجدار العنصري الفاصل وبحزام من المغتصبات يحيط بها لتكون قراه المحصنة فصدق فيهم قول الله تعالى {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَة أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر } الحشر 14.
ولأن المسلمين علموا ما تمثله مدينة القدس المباركة في عقيدتهم تعلقت بها قلوبهم واعتبروا التخلي عنها تفريطاً في العقيدة لا يمكن أن يصبروا عليه لأنه طعنٌ لهم في عزتهم وكرامتهم ومظهرٌ لهوانهم. وقد شهد القرن الماضي في بدايته ثورة البراق سنة 1929م أول ثورة ضد اليهود الطامعين في القدس وفلسطين من أجل المسجد الأقصى المبارك وشهد مطلع القرن الحالي في بدايته كذلك انتفاضة عام 2000م الثورة المتواصلة على أرض الواقع ضد اليهود المحتلين للقدس وفلسطين من أجل المسجد الأقصى المبارك.
وكانت آيات القرآن الكريم عن المسجد الأقصى المبارك وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن مكانته وفضل الصلاة فيه من المبشرات بأن القدس سيفتحها الإسلام وبأنها بكل أرضها وترابها إسلامية الهوية وبأن مسجدها الأقصى المبارك الذي صلى فيه رسل الله وأنبياؤه مؤتمين برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج سيكون للمسلمين وحدهم يختصون به وهذا ما كان ففتحت القدس في العام الخامس عشر للهجرة.
الفتح العمري
والبداية كانت بالفتح العمري الذي كرّس إسلاميتها ورسّخ طابعها الإسلامي العميق فقد فتحت دون أن تراق فيها قطرة دم واشترط بطرقها الأكبر أن يسلم مفاتيحها للخليفة نفسه فخرج عمر من المدينة المنورة إلى القدس المباركة في رحلة تاريخية خالدة وتسلم مفاتيحها دون سائر المدن المفتوحة وعقد مع أهلها اتفاقية الأمن والسلام (العهدة العمرية) التي تمثل أساساً للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين في هذه الأرض المباركة والتي يسير الطرفان على هداها في تعاملهم حتى اليوم أمنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم وتعهد لهم بعد إصرارهم ألاَّ يساكنهم فيها أحد من اليهود وشهد على وثيقتها عدد من الصحابة. وأقام فيها مسجداً حيث لم يكن فيها معبد ولا كنيس ولا هيكل إذ لو وجد من ذلك شيئاً لحافظ عليه كما حافظ على كنيسة القيامة.
وعقب قرون من الاستقرار في ظل دولة الإسلام شهدت مدينة القدس أياماً عصيبة باحتلال الفرنجة قاربت قرناً من الزمان عانى فيها المسلمون المرارة والبلاء والألم فتولَّد لديهم الأمل والتلهف لاسترجاعها والجهاد في سبيل الله من أجل تحريرها هذا بالإضافة إلى التعلق الروحي بها فتحولت المدينة المقدسة بعد احتلالها إلى رمز الجهاد والتحرير.
نزح مسلمو القدس والمدن الشامية الأخرى الساحلية مع من نزحوا عن بلادهم تحت ضغط المذابح التي ارتكبها الفرنجة فاستقبلهم نور الدين زنكي في دمشق وقرّب علماءهم فثابروا على مساندة الجهاد وشاركوا في جيش نور الدين ومن بعده صلاح الديني الأيوبي الذي حررها من الفرنجة في ذكرى الإسراء والمعراج عام 583 للهجرة بعد موقعة حطين بعد أن ذبح المحتلون الغاصبون أكثر من سبعين ألف مسلم في ساحات المسجد الأقصى المبارك أما هو فلمّا تمكّن منهم استحضر قول الله تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} النحل 126 لم ينتقم منهم بل خيّرهم بين العودة من حيث أتوا أو البقاء في ظل رعاية الإسلام وسماحته وهذا يثبت أن المسلمين على مر الأيام هم المؤهلون للسيادة على الأرض وحماية الإنسان والمقدسات.
وفي رمضان عام 658 للهجرة كانت معركة عين جالوت بقيادة المظفر قطز شاهداً آخر على قيام الأمة بفريضة تحرير بيت المقدس وتخليصها من براثن الأعداء فقد تصدى كل من الظاهر بيبرس والمظفر قطز للغزو الوحشي التتري الذي اجتاح العالم الإسلامي إلى أن انهزموا شر هزيمة.
الحملات الصليبية
ثم تجددت الحملات الصليبية التي استولت على أجزاء أخرى من أرض فلسطين لكن تم تحريرها نهائياً في عام 690 للهجرة على يد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون الذي نال شرف إنهاء وجود الفرنجة في بلاد الشام وفلسطين والقضاء على كل معاقلهم فطويت بذلك صفحتهم.
ولنا أن نستذكر قصة منبر صلاح الدين في استنهاض وحدة الأمة لإنقاذ القدس من احتلال الفرنجة فقد أمر نور الدين زنكي ببناء المنبر لوضعه في المسجد الأقصى المبارك يوم تحريره فلما تم إنجازه بعد وفاة نور الدين حمله صلاح الدين وطاف به البلاد الإسلامية لجمع كلمتها وتوحيد صفها وهذا ما كان فقد تحررت القدس واكتملت فرحة الأمة بتطهير المسجد واسترداده من براثن احتلال الفرنجة نظف المقدسيون والفاتحون المسجد الأقصى المبارك مما كان فيه من الصلبان والرهبان والخنازير وأُعِيد إلى ما كان عليه في الأيام الإسلامية وغُسِلت الصخرة بالماء الطاهر وأعيد غسلها بماء الورد والمسك ووضع المنبر في مكانه إلى جانب المحراب ولما أذَّن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت القلوب تطير من الفرح وصدر من السلطان الناصر المرسوم الصلاحي وهو في قبَّة الصخرة بأن يكون القاضي محيي الدين بن الزكي خطيب الجمعة فألقها القاضي من على منبر صلاح الدين.
واليوم يتعرض المسجد الأسير لأخطار حقيقية داهمة ويدنس يومياً ممن لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ولا يراعون حرمة لدين أو تشريع أو قانون على مرأى ومسمع من العالم كله بل على مرأى من الأمة التي أصابها الوهن فلا تحرك ساكناً فازداد المعتدي الغاشم تمادياً في جرائمه ضد المسجد الأقصى المبارك وأرض الإسراء والمعراج وضد أهلها المحاصرين الذين لا يجدون إلاَّ الثبات والصبر والمرابطة في أرضهم ينوبون عمن تخلّوْا عن واجبهم ومسؤوليتهم نحوها فالمسجد الأقصى المبارك للأمة كلها وليست للفلسطينيين وحدهم فمن لك يا أرض الإسراء؟ ومن لك يا قدس ومن لأهلك ومن لأقصاكِ؟ هل سيأتيك الفاروق عمر من وراء الغيب؟ أم سيُبْعَثُ صلاح الدين من جديد؟
قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران 200.
* أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.