تهمل الكثير من المطاعم وحتى المقاهي ومحلات الأكل السريع وضع الأسعار، لكل طبق او أكلة، ولكن آخرين يضعون لوائح للأسعار، غير أنها عادة ما تكون خالية، او فارغة، ربما حتى يتمكنوا من فرض الأسعار التي يُريدونها على الزبائن، وقد برر بعضُهم ذلك بان أسعار المواد الأولية التي يستعملونها هي أصلا متغيّرة، ولهذا فإنهم يضطرون إلى ترك تلك اللوائح فارغة. دخلنا محل أكل سريع في الجزائر الوسطى، فلاحظنا وجود لائحة أسعار لكن الثمن الذي من المفروض أن يحدد أمام كلّ وجبة كان مفقودا، وعندما سألنا النادل اخبرنا أن اللوحة جديدة وانه لم يتسنّ لهم الوقت لكتابة الأسعار عليها، رغم أننا نزور المحل للمرّة الثانية، وقبل شهر تقريبا كانت اللائحة كما هي، عليها أسماء الوجبات، لكن لا يوجد الثمن أمام كلّ وجبة، كما أنّ الأسعار التي قدِّمت لنا عند خروجنا لم تكن نفسها الأسعار التي قدمت قبل شهر، وإذا كان هذا النادل لم يصارحنا بحقيقة إخفاء محله للأسعار، فانّ غيره قال لنا وبصريح العبارة انه لا يستطيع تحديد الأسعار، لان المواد التي يحضر بها وجباته تتغير أثمانها في كلّ مرة، فالبطاطا مثلا، يقول لنا "كانت في القريب ب60 ديناراً، ثم نزلت إلى عشرين ديناراً وبعدها ارتفعت مجددا إلى الأربعين دينارا، وكذلك البيض الذي كان يباع بأحد عشر دينارا وهو اليوم بثمانية دنانير، هذا بالاضافة إلى الزيت التي صار ثمنه يرتفع وينخفض مثل العملة الصعبة، فعدم وضع الأسعار لا يعني أنني أريد التلاعب بها، او خداع زبائني، بل أنا أتّبع الأسعار الموجودة في السوق وفقط". أما الزبائن من جهتهم فقد ابدوا لنا استغرابهم من الوضع، ومنهم رقية التي قالت لنا: "أفضل ألاّ يعلق التجار لائحة الأسعار وان يحددها بأنفسهم على أن يخدعوننا بتلك اللائحة الفارغة التي لا تصلح لشيء، وحتى الرقابة لا أظن أنها لن ترى أنّ اللائحة فارغة، بل ربما سيتعرض لعقوبة اكبر"، وهي نفس الملاحظة التي قالتها لنا سعاد: "اعزف دائماً عن ارتياد هذه المحلات التي تقوم بخداعنا، ويقوم أصحابُها بتحديد الأسعار التي تناسبهم، فيرفعون سعرها حين يرتفع سعر المواد الاستهلاكية، لكنهم لا ينقصون منها إذا ما انخفضت تك المواد، أي أنهم يبحثون دائما على حجة لرفع الأسعار، وهو ما لا يمكن تقبله بحال من الأحوال". بعض التجار من جهتهم يضعون ملصقات على تلك اللوائح، لكنهم يغيرونها يوميا بملصقات أخرى وهكذا، حيث يتناول الزبون وجبته بثمن غير الذي تناوله به في أمسه، وهذا ما أثار كذلك سخط بعض الزبائن، والذي لم يستطيعوا تحديد ميزانية وجبة الإفطار التي يتناولونها، مثل عماد الذي قال: "غريب أمر هؤلاء التجّار، يخيل لي أحيانا أنّ محلاتهم فيها شركاء كثيرين لم يتفقوا على ثمن الوجبة الواحدة، فيغيرونها يوميا".