تعكس صور التكافل الاجتماعي في جزائر الخير مطاعم الرحمة قبلة الفقراء وعابري السبيل في رمضان * تستقبل أيضا النازحين الأفارقة والسوريين يعتبر شهر رمضان شهر اللمة العائلية فهو شهر يلتف فيه أفراد العائلة حول مائدة واحدة لأنه لا تكتمل الأجواء المميزة إلا حين يلتف الأفراد حول مائدة الإفطار ولكن وللأسف هناك العديد من الأشخاص من حرموا من تلك اللمة العائلية ووجدوا في مطاعم الرحمة ظالتهم من أجل الحصول على لقمة لسد الجوع وقت الإفطار.
عتيقة مغوفل تعوّد الجزائريون كل سنة أن يشاهدوا وفي العديد من ولايات الوطن مطاعم الرحمة التي تتوزع عبر العديد من الأحياء الشعبية والتي تهدف أساسا إلى تقديم وجبات إفطار لعابري السبيل وأشخاص دون مأوى وهو نفس الأمر الذي نجده في العاصمة حيث يجتهد الكثير من المحسنين وكذا بعض الهيئات الرسمية إلى تنظيم العديد من موائد الرحمة التي نجدها موزعة في الكثير من الشوارع ولكن الجديد هذه السنة أن مطاعم الرحمة لم تعد قبلة للجزائريين فقط بل للأفراد من مختلف الجنسيات بما فيهم النازحون من دول أجنبية ولاجئي الحروب المنتشرين عبر الشوارع الجزائرية وقد حاولت (أخبار اليو) الاقتراب من بعض هذه المطاعم من أجل رصد الأجواء. استقبال وافدين من جنسيات مختلفة كانت الساعة تشير إلى حدود الساعة الثانية والنصف زوالا تقريبا عندما قمنا بزيارة مطعم الرحمة المتواجد بشارع العربي بن مهيدي والتابع إداريا لبلدية الجزائر الوسطى والجدير بالذكر أن هذاالمطعم معروف عند العام والخاص لأنه ينظم كل سنة والشيء المناسب فيه أنه ينظم في مكان لائق بحيث يتموقع في إحدى الأزقة وهو الأمر الذي جعل المسؤولين يصطفون الكراسي والطاولات خارج المطعم في الهواء الطلق ذاك المنظر حرك فضولنا من أجل زيارة المطعم وكنا كلما نقارب الخطى نشم رائحة الأكل وقد كانت تبدو شهية للغاية طرقنا الباب ولكن لم يجبنا أحد مع أننا سمعنا الكثير من الضجيج من وراء الباب وبعض لحظات لمحنا شخصا قادما وقام بفتح الباب وبعد أن تعرف على هويتنا سمح لنا بالدخول إلى المطبخ حين دخلنا وجدنا طاقما من الطباخين الرجال وقد كان الطاقم يتكون من 6 أفراد كل واحد منهم كان منهمكا في عمله وحسب ما أخبرنا به فإن الطاقم يتقاسم الأدوار حيث يقوم أربعة منهم بالطبخ والباقون يسهرون على العملية التنظيمية في المطعم وكذا النظافة والقيام بتحضير مختلف أنواع السلطات وما يجدر الإشارة إليه أن ذاك الطاقم كان يعمل في ظروف صعبة نظرا لارتفاع درجات حرارة الأفران ومع ذلك كان الجميع يعمل بجد وحسبما لمحنا في تلك القدور فقد كانت وجبة الإفطار المخصصة لذلك اليوم عبارة عن شربة طاجين الزيتون السلطة الخضراء والبوراك كما أن المطعم كل يوم يقدم نوعا معيَنا من الفاكهة للوافدين إلى المطعم. عدنا مرة أخرى وسألنا مسؤول المطعم إن كان العمال الذين يعلمون فيه كلهم متطوعون فرد علينا بصريح العبارة ب(لا) فكلهم عمال مأجورون يعملون في نفس المطعم كل سنة وحسب ذات المسؤل فإن البلدية هي من تتكفل بدفع أجورهم نظير خدماتهم خلال شهر رمضان بعد ذلك وفي خضم الكلام أخبرنا المسؤول أن الملاحظ هذه السنة أن الأشخاص الذين يتوافدون على المطعم من جنسيات مختلفة خصوصا منهم اللاجئين الأفارقة الذي يغزون شوارع العاصمة بالدرجةالأولى ثم اللاجئين السوريين بالدرجة الثانية بالإضافة إلى فئة المتشردين الجزائريين.
مطاعم العاصمة تتحوّل إلى موائد الرحمة من بلدية الجزائر وبالضبط من شارع العربي بن مهيدي مشينا حتى وصلنا إلى شارع ساحة الشهداء هذا الشارع العتيق يضم في أزقته الكثير من مطاعم الأكل الشعبي وقد شد انتباهنا أن أحد تلك المطاعم الشعبية قد حوله صاحبه إلى مطعم رحمة وذلك من أجل التضامن مع المحتاجين والفقراء خلال الشهر الكريم دخلنا المطعم وقد وجدنا صاحبه واقفا أمام الباب كان ينتظر أحدهم وبعد أن أخبرناه بهويتنا قادنا صاحب المطعم إلى داخل المطبخ فوجدنا سيدتين في متوسط العمر كانتا منهمكتين في تحضير وجبة الإفطار حيث قامتا بتحضير الشربة المثوم السلطة بالإضافة إلى البوراك وقد كانتا تعملان في أجواء رائعة حيث أنهما كانتا تصنعان أجواء خاصة بمفردهما في ذاك المطبخ الضيق نظرا لضيق المطعم ومن خلال الحديث الذي جمعنا بصاحب المطعم أخبرنا أن مطعمه يتسع لحوالي 50 شخصا فقط لأنه ضيق وهو الأمر الذي جعله يفكر في تقديم وجبات الإفطار للعائلات الفقيرة حيث ألصق لافتة أمام باب المطعم نوه فيها أن العائلات الفقيرة لها الحق في اللجوء إلى المكان من أجل أخذ الطعام ثم عدنا وسالناه مرة أخرى عن الأشخاص الذي يقصدون مطعمه فرد علينا أنه يدخله أناس كثيرون يأتون وقت الإفطار وأخبرنا أنه من بين الوافدين إلى المطعم الأفارقة المسلمين الذين يسكن أغلبهم في بعض الحمامات الموجودة داخل أزقة القصبة كما يقصده الجزائريون وفي أحد الأيام زاره فرنسيان اللذان أكلا عنده لثلاثة أيام متوالية.