- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر)) [رواه البخارى]. (قوله صلى الله عليه وسلم : ((ومن يتصبر)): أي يطلب توفيق الصبر من الله لأنه قال تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ [النحل: 127] أي يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه وهو تعميم بعد تخصيص لأن الصبر يشتمل على صبر الطاعة والمعصية والبلية أو من يتصبر عن السؤال والتطلع إلى ما في أيدي الناس بأن يتجرع مرارة ذلك ولا يشكو حاله لغير ربه ((يصبِّره الله)): بالتشديد أي: يسهل عليه الصبر فتكون الجمل مؤكدات. ويؤيد إرادة معنى العموم قوله : ((وما أعطي أحد من عطاء)) : أي معطى أو شيئًا ((أوسع)): أي أشرح للصدر ((من الصبر)): وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات) [عون المعبود شرح سنن أبى داود لشمس الحق العظيم أبادى]. - وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الصبر عند الصدمة الأولى فعن أنس رضي الله عنه قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوَّابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) [رواه البخارى]. قال ابن القيم: (فإنَّ مفاجآت المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب وتزعجه بصدمها فإن صبر الصدمة الأولى انكسر حدها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر وأيضًا فإنَّ المصيبة ترد على القلب وهو غير موطن لها فتزعجه وهى الصدمة الأولى وأما إذا وردت عليه بعد ذلك توطَّن لها وعلم أنَّه لا بد له منها فيصير صبره شبيه الاضطرار وهذه المرأة لما علمت أنَّ جزعها لا يجدي عليها شيئًا جاءت تعتذر إلى النبي كأنها تقول له قد صبرت فأخبرها أنَّ الصبر إنما هو عند الصدمة الأُولى) [عدة الصابرين] . - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه قال لعطاء: ألا أُريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت: بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك قالت: أصبر قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها)) [رواه البخارى ومسلم].