إرث تاريخي عظيم من الحضارة النوميدية قبر الرومية تحفة تاريخية تستقطب الزوار إليها بولاية تيبازة عرفت الجزائر وعلى مر السنين تعاقب الكثير من الحضارات عليها كما أنها عاشت الكثير من الحقب الاستعمارية ومن أهم الحضارات التي قامت في الجزائر الحضارة النوميدية التي تركت عليها شواهد كثيرة أهمها (قبر الرومية) أو القبر الملكي الموريتاني الواقع بولاية تيبازة وقد أصبح في السنوات الأخيرة مزار العديد من العائلات من ولاية تيبازة والولايات المجاورة لها وذلك بالنظر لموقعه الاستراتيجي الهام كونه يتوسط الطبيعة ويطل على البحر. م. عتيقة/ق. م يقع القبر الموريتاني أو ما يسمى لدى سكان المحلين ب(قبر الرومية) بمنطقة سيدي راشد بولاية تيبازة على رأس ربوة تعلو سطح البحر بمقدار 261 متر ويظهر للناظر من سهل المتيجة بالبليدة ومن مرتفعات حيبوزريعة بأعالي العاصمة كما يراه الصيادون والملاحون من البحر ويهتدون به في تنقلاتهم البحرية. روايات كثيرة تحوم حوله تعتبر تسمية الضريح الملكي الموريتاني التسمية الرسمية المعتمدة لدى المختصين في الآثار ورجال الثقافة والعارفين بخبايا التاريخ القديم رغم أن السكان بسيدي راشد وتيبازة والكثير من الجزائريين عموما يطلقون على المكان أيضا اسم قبر الرومية والكثيرون منقسمون بين الاسمين ولا يعرف الاسم الحقيقي بينهما. ويعود بناء هذا الضريح إلى ما يعرف بالفترة النوميدية نسبة إلى مملكة نوميديا التي امتدت قديما عبر أرجاء واسعة من شمال إفريقيا وهو يقع على بعد 15 كلم تقريبا من مدينة تيبازة وقرابة كيلومترين من بلدية سيدي راشد إحدى بلديات ولاية تيبازة. وتقول بعض المؤلفات الرومانية القديمة إن القبر يعود إلى 40 سنة بعد الميلاد أي إلى عهد استيلاء الرومان على مملكة موريتانيا وهي كلمة كانت تطلق على المغرب الأوسط والمغرب الأقصى في العصر القديم. ويميل المختصون في الآثار الرومانية إلى القول بأن الملك يوبا الثاني وزوجته كليوباترا سيليني ابنة كليوباترا ملكة مصر هما من أشرفا على بناء القبر ويستندون في ذلك إلى كون يوبا الثاني ملكا مثقفا يتذوق فن العمارة وقد جلب إلى عاصمته شرشال تحفا فنية اشتراها من بلاد اليونان. ويقدم المؤرخ الشهير رومانيلي رواية أخرى حيث يقول إن القبر بني في القرن الخامس أو القرن السادس للميلاد ويعتقد أن من بناه استلهم شكله الهندسي من القبر المستدير الذي بناه الإمبراطور هدريان في روما. ويرى كثير من الباحثين أن قبر الرومية وجد قبل الاحتلال الروماني مما يدلل في نظرهم على تطور المجتمع الموريتاني اقتصاديا وقدرته على إبداع فن أصيل بفضل اتصاله بحضارات شمال أفريقيا والمتوسط الأخرى. موقع استراتيجي بين الطبيعة مطل على البحر ويتميز هذا الضريح أيضا بموقعه على هضبة تطل على الشريط الساحلي حيث يمكن أيضا رؤية ساحل متيجة بأكمله على ارتفاع يصل إلى 261 متر فوق سطح البحر وفي الواقع فإن مجرد الصعود فوق قبة هذا المعلم التاريخي يتيح منظرا طبيعيا رائعا يمزج بين زرقة البحر وجمال الطبيعة الخضراء وذلك على اعتبار أن هذا المعلم يقع وسط مساحات خضراء واسعة تزيد المكان رهبة ورونقا. وتم تصنيف هذا الموقع في عام 1982 ضمن التراث العالمي للإنسانية كما يوجد هذا المعلم التاريخي والسياحي ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والثقافة والعلم التابعة للأمم المتحدة (يونيسكو) منذ سنة 2002 كواحد من الأضرحة الملكية الموريتانية وكذا المواقع الجنائزية لفترة ما قبل الإسلام. ويشكل هذا الضريح (كومة) كبيرة ومتجانسة من الحجارة المتراصة بحجم يصل تقريبا إلى 80 ألف متر مكعب في حين يبلغ قطره 64 مترا وارتفاعه 33 مترا كما يبلغ الجزء الأسطواني المزين في محيطه قرابة 160 متر مربع. ويضم هذا الضريح أربعة أبواب وهمية لا يمكن الدخول من خلالها إلى الضريح على اعتبار أن المحل الرئيسي لهذا المعلم تم اكتشافه من طرف مختصين في الآثار خلال فترة الاستعمار الفرنسي وتتشكل هذه الأبواب الوهمية من لوحات مستطيلة من الحجارة علو كل واحدة منها قرابة سبعة أمتار كما تحمل هذه الأبواب علامات بارزة للصليب وتعتبر هذه الزينة في شكل الصليب هي العامل الذي كان وراء التسمية التقليدية للضريح بكونه قبر الرومية كتسمية تقليدية اعتمدت لدى السكان منذ فترة طويلة.