محمد الغفيلي نحن في موسم فاضل من مواسم الله تعالى ألا وهو (عشر ذي الحجة) فيه من الأعمال والنوافل ما يتقرب بها العبد إلى الله تعالى لعله أن تصيبه نفحة من نفحاته تعالى فيسعد به في الدارين سعادة يأمن بها من الموت وشدته والقبر وظلمته والصراط وزلته. و(عشر ذي الحجة) موسم فيه كثير من العبادات المتنوعة التي يمتاز بها عن غيره قال الحافظ في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره). لهذا رأيت تنبيه إخواني القراء إلى الأخطاء التي قد تقع من بعضهم في هذا الموسم رغبةً في معرفتها وتجنبها.. والله الموفق. أولاً: أخطاء عامة: 1- مرور عشر ذي الحجة عند بعض العامة دون أن يعيرها أي اهتمام وهذا خطأ بيِّن لما لها من الفضل العظيم عند الله I عن غيرها من الأيام فقد صح عنه أنه قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. 2- عدم الاكتراث بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد فيها: وهذا الخطأ يقع فيه العامة والخاصة إلا من رحم الله تعالى. فالواجب على المسلم أن يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة وينتهي بنهاية أيام التشريق لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّام مَّعْلُومَات } [الحج: 28]. والأيام المعلومات: العشر والمعدودات: أيام التشريق قاله ابن عباس رضي الله عنهما قال الإمام البخاري: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما). وذلك بشرط ألاَّ يكون التكبير جماعيًّا ولا تمايل فيه ولا رقص ولا مصحوبًا بموسيقى أو بزيادة أذكار لم ترد في السنة أو بها شركيات أو يكون به صفات لم ترد عن الرسول. 3- جهر النساء بالتكبير والتهليل لأنه لم يرد عن أمهات المؤمنين أنهن كبّرن بأصوات ظاهرة ومسموعة للجميع فالواجب الحذر من مثل هذا الخطأ وغيره. 4- أنه أحدث في هذا الزمن زيادات في صيغ التكبير وهذا خطأ وأصح ما ورد فيه: ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان: قال: (كبروا الله: الله أكبر الله أكبر كبيرًا). ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما وهو قول الشافعي وزاد: (ولله الحمد). وقيل: يكبر ثلاثاً ويزيد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له). وقيل: يكبر ثنتين بعدهما: لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد). جاء ذلك عن عمر وعن ابن مسعود بنحوه وبه قال أحمد وإسحاق[]. وبهذا نخلص إلى أن هناك صيغتين صحيحتين للتكبير هما: - الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. - الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا. وما ورد في بعض كتب المذاهب مثل المجموع -على جلالة قدر مصنفه- من زيادات على تلك الصيغة فهي غير صحيحة أو لعلها وردت في غير العشر الأواخر. 5- صيام أيام التشريق وهذا منهيٌّ عنه كما ورد عن الرسول لأنها أيام عيد وهي أيام أكل وشرب لقوله6: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق: عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب). 6- صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك في عشر ذي الحجة وعليه قضاء رمضان وهذا خطأ يجب التنبه إليه لأن القضاء فرض والصيام في العشر سنّة ولا يجوز أن تقدم السنة على الفرض. فمن بقي عليه من أيام رمضان وجب صيام ما عليه ثم يَشْرع بصيام ما أراد من التطوع. وأما الذين يجمعون القضاء في العشر مع يومي الإثنين والخميس لينالوا الأجور كما يقولون فإن هذا قول لا دليل عليه يركن إليه ولم يقل به أحد من الصحابة فيما نعلم ولو صح فيه نص من الآثار لنقل إلينا والخلط بين العبادات أمره ليس بالهين الذي استهان به أكثر العامة.