أصدرت محكمة فرنسية حكما يقضي بتغريم وزير الداخلية الفرنسي برايس هورتيفو بسبب ملاحظات عنصرية تفوّه بها ضد جزائري في سبتمبر العام الماضي، وسمع هورتيفو خلال تسجيل الفيديو يقول أثناء استعداده لكي تلتقط له صورة وإلى جانبه الشاب الجزائري: »إن وجود عربي واحد يمكن احتماله، ولكن المشاكل تبدأ عندما يوجد الكثيرون منهم«. وقالت المحكمة يوم الجمعة إنها لم تصدر حكم إدانة جنائية بحق الوزير الفرنسي، آخذة بالاعتبار تخمينها أنه لم يكن يهدف من وراء ملاحظاته تلك أن تذاع وتنشر علنا على الملأ. لكن المحكمة وجدت أنه مذنب بجرم أقل وهو الإساءة العنصرية، وأضافت المحكمة أنها وجدت ملاحظات هورتيفو »شائنة، هذا إن لم تكن محقّرة، وتهدف إلى وصم العرب لمجرد أصلهم فقط«. وكانت الكاميرات قد صوّرت هورتيفو، وهو صديق مقرّب من الرئيس نيكولا ساركوزي، أثناء تبادله الحديث مع بعض ناشطي حزبه خلال المؤتمر الصيفي للحزب، وقد تسببت الملاحظات التي أدلى بها الوزير الفرنسي حينذاك بإهانة عنصرية لشاب من أصل جزائري، وهو ناشط في الحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس نيكولا ساركوزي، وسمع الوزير الفرنسي خلال تسجيل الفيديو يقول أثناء استعداده لكي تُلتقط له صورة وإلى جانبه الشاب الجزائري: »إن وجود عربي واحد يمكن احتماله، ولكن المشاكل تبدأ عندما يوجد الكثيرون منهم«، وكلام الوزير جاء ردا على كلام امرأة تسمع في الشريط وهي تقول عن الشاب ذي الأصل الجزائري: »هذا هو فتانا العربي الصغير«. لكن هورتيفو قال إنه سوف يستأنف الحكم الصادر بحقه، والذي يتضمن دفع غرامة مالية قدرها 750 أورو، بالإضافة إلى 2000 أورو كتعويض، ونفى الوزير أن تكون ملاحظاته موجّهة لعرق الشاب ذي الأصول العربية، قائلا إنه ببساطة كان يقصد الإشارة بها إلى سكان منطقة أوفيرن الواقعة وسط البلاد، كما نفى الوزير بشدة أن يكون عنصريا، وقال إن تعليقاته كانت تتعلق بعدد من الصور التي ألتُقطت له مع أشخاص عدة من منطقته في فرنسا. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة لوموند، قال الشاب الناشط في الحزب الحاكم، وهو محل الجدل، إنه لم يشعر بالإساءة من تصريحات هورتيفو قط، بل أن تلك التصريحات »انتزعت من سياقها«.بدوره أكد محامي هورتيفو أن موكله، وهو صديق مقرّب من ساركوزي منذ زمن طويل، سيطعن في الحكم الصادر بحقه. وكانت الملاحظات التي تفوه بها الوزير الفرنسي قد تسببت بتوجيه التهم له بالعنصرية وحدت بمجموعات مناهضة التمييز العنصري إلى مطالبته للاستقالة من منصبه. بدوره سارع الحزب الاشتراكي المعارض إلى استغلال الموقف فور إصدار الحكم، فجدد دعوته لهورتيفو لكي يستقيل من منصبه، وقال بينويه هامون، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي: »من وجهة نظرنا، نحن نرى أن الشيء الذي يجب فعله ويمكن أن يحفظ الكرامة هو الاعتذار أولا، ومن ثم الانصراف (أي الاستقالة)«. وأضاف قائلا: »يجب ألاَّ يكون هنالك مكان في الحكومة لوزير مدان بالتسبب بإساءة عنصرية، لاسيما إن كانت تلك الإساءة صادرة عن وزير الداخلية المسؤول عن حفظ النظام العام ومكافحة التمييز«. لكن الرئيس ساركوزي دافع عن صديقه القديم هورتيفو وتجاهل الدعوات لإقالته من منصبه. كما عبَّر رئيس الحكومة فرانسوا فيون بدوره عن استمرار ثقته بوزير الداخلية في حكومته. وبعد صدور الحكم، أصدر فيون بيانا أكَّد فيه دعمه لهورتيفو وتمسكه به، قائلا: »كل من يعرف برايس هورتيفو يعلم أنه أظهر من خلال أفعاله أنه يحترم البشر والقانون. فالشعب الفرنسي ممتن له من أجل العمل الذي يؤديه كل يوم لضمان سلامته«. وحسب العديد من المحامين المختصين بمثل هذا النوع من القضايا، فإن هورتيفو هو أول وزير فرنسي يُدان لتسببه بإساءة عنصرية خلال أكثر من نصف قرن.