بعد الضيق يأتي الفرج للفرج أسباب كثيرة منها 1- ترك المعاصي : فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. قال تعالى : وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا [الجن: 16] فمن أحب تصفية الأحوال فليجتهد في تصفية الأعمال. قال أبو سليمان الداراني : من صفَّى صُفّي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كُفي في نهاره ومن أحسن في نهاره كُفي في ليله . وكان شيخ يدور في المجالس فيقول من سره أن تدوم له العافية فليتق الله عز وجل . وكان الفضيل بن عياض يقول : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي . التوكل على الله : وهو من أعظم أسباب الفرج وذهاب الهموم والغموم قال تعالى : وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق : 3] أي كافيه من كل مكروه ومن كان الله حسبه فقد أدرك الأمن التام والنجاة الكاملة . وقال تعالى : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَة مِنَ اللَّهِ وَفَضْل لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْل عَظِيم [آل عمران : 173 174] . 3- الصبر والتفكر : فبالصبر يتحمل الإنسان مرارة الألم وبالتفكر يدرك سرعة انقضاء الآلام ويدرك كذلك ما وراءها من الأجر . قال ابن الجوزي : لا ينبغي للمؤمن أن ينزعج من مرض أو نزول موت وإن كان الطبع لا يُملك إلا أنه ينبغي له التصبر مهما أمكن إما لطلب الأجر بما يعاني أو لبيان أثر الرضا بالقضاء وما هي إلا لحظات ثم تنقضي . وليتفكر المعافى من المرض في الساعات التي كان يقلق فيها أين هي في زمان العافية؟ ذهب البلاء وحصل الثواب كما تذهب حلاوة اللذات المحرمة ويبقى الوزر ويمضي زمان التسخط بالأقدار ويبقى العتاب . وهل الموت إلا آلامٌ تزيد فتعجز النفس عن حملها فتذهب ؟! فليتصور المريض وجود الراحة بعد رحيل النفس وقد هان من يُلقى كما يتصور العافية بعد شرب الشربة المرّة (صيد الخاطر) . 4- إقامة الصلاة : فللصلاة تأثير عجيب في علاج الهموم والغموم وتفريج الكرب ولذلك فقد أمر الله تعالى بالاستعانة بها في كل الأمور فقال تعالى : اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة : 153] . وقال تعالى : وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر : 97-99] . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة . وقال عليه الصلاة والسلام : يا بلال أرحنا بالصلاة . 5- ذكر الله تعالى : وذكر الله تعالى من أسباب التغلب على الشدائد والكربات والهموم والغموم. قال تعالى : الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]. وقال تعالى : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة : 152] فإذا ذكر المريض ربه ذكره الله بالصحة والعافية وإذا ذكر المهموم ربه ذكره الله بشرح الصدر وتفريج الهموم وإذا ذكر الخائف ربه ذكره الله بالأمن والسكينة والطمأنينة . ومن أنواع الذكر : الدعاء : قال تعالى : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ [النمل : 62]