تتضمن الخطة الأمريكية التي تستحق تسمية صفقة العار والمكوّنة من 80 صفحة إقامة دولة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري مع جعل مدينة القدسالمحتلة عاصمة موحدة مزعومة لما يسمى بإسرائيل ما جعل البعض يردد عبارة ضاعت فلسطين .. فكيف حصل ذلك؟ وما مسار ضياع فلسطين منذ ما قبل 1948 إلى يومنا..؟ تجعل الخطة الدولة الفلسطينية مسلوبة السلطة وتحت وصاية أمنية كاملة من إسرائيل وتُمنع من إقامة أية علاقات دولية ويُطلب منها التخلي عن كل الدعاوى التي رفعتها فلسطين ضد إسرائيل. قبل سنوات وبمناسبة ذكرى قيام ما يسمى بإسرائيل كتب الباحث محمد عبد العظيم مقالا يلخص فيه حيثيات ضياع فلسطين يبدو صالحا للنشر بالتزامن مع ما بعد صفقة العار .. قال فيه: 15 ماي 1948 ذكرى مريرة ومؤلمة في تاريخ الأمة فيها فقد المسلمون جزءا غالياً من بلادهم ومقدساً عزيزاً من مقدساتهم يوم أن أعلن الصهاينة قيام كيانهم اللقيط على أرض فلسطين المباركة واستباحوا المقدسات وانتهكوا الحرمات وهتكوا الأعراض وداسوا على كرامة الأمة. ب. ه لم يكن الاحتلال الصهيوني لفلسطين وإعلان اليهود قيام كيانهم الخبيث فكرة وليدة الساعة بل هي نتاج تخطيط محكم لسنوات طويلة ودراسات متعددة وقد مرت هذه المحاولات بمراحل مختلفة ومحطات متتالية إذ بدأت أول محاولة لإقامة وطن لليهود في فلسطين في القرن السادس عشر عندما دعا ديفيد روبيني الرحالة اليهودي الشهير لتأسيس وطن لليهود على أرض فلسطين. كما تكررت الدعوة مرة أخرى في أواخر القرن الثامن عشر عندما حاصر نابليون مدينة عكا ومن أمام أسوار عكا وجه دعوته ليهود العالم بالهجرة إلى فلسطين باعتبارهم الورثة الشرعيين لفلسطين ولم تنته المحاولات بل جاء بعد نابليون حاييم مونتيفور الإيطالي وأحد أغنى اليهود في أوربا وعرض على محمد علي شراء فلسطين منه. وعلى الرغم من فشل كل المحاولات السابقة إلا أن اليهود لم ييأسوا وواصلوا محاولاتهم والتي كانت آخرها محاولات ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية العالمية والذي قدم العروض والإغراءات للسلطان عبد الحميد الثاني ولكن السلطان كان بمثابة العقبة الكؤود في وجه اليهود لإقامة وطنهم على أرض فلسطين فقد رفض عبد الحميد الثاني رحمه الله كل العروض على الرغم من أنه كان في أمسّ الحاجة إليها وقال مقولته التي سطرها التاريخ بمداد من نور: والله إن عمل المبضع في جسدي أهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من أرض الخلافة . وهذا ما جعل أعداؤه يصرحون إننا لن نستطيع أن ننفذ ما نريد في وجود هذا الرجل لذلك خططوا للقضاء على السلطان عبد الحميد تمهيداً لاحتلال فلسطين وبالفعل بدأوا في تنفيذ ذلك في مؤتمر بازل بسويسرا. بعدما فشلت كل محاولات اليهود لإقناع السلطان عبد الحميد الثاني بالتنازل لهم عن فلسطين اجتمع اليهود برئاسة هرتزل في مدينة بازل بسويسرا للقضاء على عبد الحميد الثاني ووضع اللمسات الأخيرة لإقامة كيانهم المزعوم على أرض فلسطين ومن أهم بنود المؤتمر: 1/ التخلص من السلطان عبد الحميد وإثارة القلاقل والاضطرابات أمامه. 2/ استيلاء الاتحاد والترقي ويهود الدونمة على الحكم تمهيدًا لإسقاط الخلافة. 3/ خداع الشريف حسين وتحريضه على الثورة ضد الدولة العثمانية. 4/ احتلال إنجلترا للقدس ثم كل فلسطين وقد كان. وحينها دخل اللنبي القدس وقال مقولته الخبيثة الآن انتهت الحروب الصليبية أي أنهم حققوا هدفهم. 5/ تعهد بريطانيا بإقامة وطن لليهود وعد بلفور _1917م 6/ إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين تمهيدا لتنفيذ وعد بلفور 7/ تهجير اليهود إلى فلسطين ومهاجمة منازل الفلسطينيين وارتكاب المجازر بحقهم لتهجيرهم من أرضهم. وبالفعل بدأ اليهود بدعم من بريطانيا وفرنسا في تنفيذ بنود المؤتمر وتم الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني 1909م ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني 1920م وفقا لمؤتمر سان ريمو بإيطاليا وبدأت هجرة اليهود إلى فلسطين وظل اليهود يرتكبون جرائمهم البشعة في حق الفلسطينيين والعرب في ثُبات عميق حتى أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين لتسلم فلسطين لليهود ليعلنوا قيام كيانهم المزعوم على أرض فلسطين 15 مايو 1948 م. وسيبقى هذا اليوم شاهدًا على غفلة هذه الأمة فلولا غفلة المسلمين وتخاذلهم وتفرقهم ما نجحت مخططات الأعداء.