أطفال.. نسوة وشيوخ في قوارب الموت عائلات تمارس الانتحار الجماعي في عرض البحر! مازالت ظاهرة الحرقة آفة متواصلة في الجزائر وبعد أن كانت تقتصر على الشباب زحفت إلى العائلات.. شيوخ وعجائز وأطفال قرروا ركوب البحر والفرار نحو المجهول بعد معاناة مريرة من الظروف الاجتماعية الصعبة على رأسها البطالة وأزمة السكن وانعدام مصادر العيش الكريم. نسيمة خباجة أثار انتشار فيديوهات وصور لعائلات على متن قوارب الموت جدلا واسعا في الجزائر بسبب تحول الظاهرة من هجرة الشباب إلى هجرة عائلات بأكملها ترافق أطفالها الصغار رغم ما تحمله الرحلات من مخاطر على حياتهم. تنامي رهيب للحرقة تشير الدراسات إلى تنام رهيب لظاهرة الحرقة في الجزائر سنة بعد أخرى وذكرت إحصائيات رسمية حديثة لوكالة الحدود الأوروبية فرونتكس ان عدد الحراقة الذين غادروا البلاد منذ بداية العام الجاري بلغ نحو 3446 حراق والأدهى والأمر ان ظاهرة الحرقة انتقلت في الجزائر من حرقة الشباب إلى حرقة العائلات والمغامرة بأرواح النسوة والأطفال والشيوخ وأكبر دليل العينات التي عايشتها العديد من الولايات الساحلية بحيث عاشت ولاية وهران خلال الأشهر القليلة الماضية على مأساة مماثلة بعد أن فرّ زوج وزوجته الحامل وابنتهم البالغة من العمر أربع سنوات وقرروا الهجرة الجماعية وبالنظر إلى الرياح الهوجاء حسب ما أدلى به أخ الضحية مات الكل ونجت الطفلة البالغة من العمر أربع سنوات بعد عبور سفينة تركية أنقذت من أمكن إنقاذه ليكون مصير الآخرين الموت المحتم. أسر هالكة في البحر صنعت صور انتشال جثتي أب مع ابنه من البحر بولاية مستغانم الحدث عبر الفايسبوك بين الجزائريين مؤخرا بحيث لقيا حتفهما في حادثة انقلاب قارب كان يحمل 15 حراقا من بينهم عائلة متكونة من 5 اشخاص إذ تم العثور على جثث الأب واثنين من أبنائه بينما مازالت جثتا الزوجة وإبنته مفقودتين وحسب الحيثيات المستقاة من مصالح الحماية المدنية قام اعوان تلك الاخيرة في حدود الساعة الثالثة فجرا يوم الحادثة بانتشال جثت أربعة أطفال من جنس ذكر وتتراوح أعمار الأطفال ما بين 3 و7 سنوات بشاطئ مرسى الشيخ ببلدية أولاد بوغالم وأضاف المصدر أنه تم تحويل جثث الضحايا الأربع إلى مصلحة حفظ الجثث بالمؤسسة الإستشفائية بعشعاشة ويرجح أن يكونوا ضمن المرشحين للهجرة غير الشرعية المفقودين منذ ساعة مبكرة وكانت الوحدات العائمة لحراس السواحل قد أنقذت في وقت سابق 5 أشخاص وانتشلت 4 جثت بعد انقلاب القارب شمال أولاد بوغالم بحيث تواصلت جهود حراس السواحل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في عمليات الحرقة الجماعية. فيديوهات الحرقة تلهب منصات التواصل استفحلت في الآونة الأخيرة ظاهرة بث فيديوهات قوارب الموت للحراقة عبر منصات التواصل الاجتماعي التي باتت تستغل للترويج لمغامراتهم البحرية. وتقريباً لا يخلو يوم من ظهور شباب في مقتبل العمر على منصات التواصل يركبون قوارب تتقاذفها أمواج البحر يمينا وشمالا دون أن يكترث هؤلاء لما قد يحدث معهم من خطر وهم يبحرون للضفة الأخرى بحثا عن الجنة المفقودة. يتحدث الشاب طارق من نواحي وهران عن تغيير موقفه من الهجرة غير الشرعية بعد أن شاهد تلك المشاهد الصادمة لقوارب الموت عبر فيديوهات منتشرة على منصات التواصل ويقول: كنت أحلم بالحرقة وأعددت كل شيء لذلك لكنني غيرت رأيي تماما بعد أن شاهدت هؤلاء الشباب فوق الزوارق وسط البحر . ويضيف: صدقوني شعرت بالخوف وحمدت الله أنني لم أنفذ ما كان في رأسي وسأسعى جاهدا للحصول على التأشيرة للسفر بطريقة قانونية . ويروي أسامة من نواحي العاصمة حجم المعاناة التي رافقت رحلتهم الفاشلة بعد نجاته رفقة 12 شابا من أصدقائه عبر قارب الموت بعد أن ضلوا الطريق بسبب الأمواج العالية للبحر وتدهور الملاحة تلك الليلة. ويقول: الحمد لله نجونا بأعجوبة فتخيلوا بقاءنا ما يفوق 33 ساعة والأمواج تغمر قاربنا لولا لطف الله لكنا في عداد الموتى . ويستعيد أسامة تلك اللحظات الصعبة التي وصفها بالمرعبة قائلا: فقدنا الأمل في الوصول للضفة الأخرى رغم أننا كنا نرى أضواء اليابسة في إسبانيا بأعيننا لكننا لم نقدر على مواصلة الرحلة إلى أن هدأت الأمواج ووصلنا جزيرة إيبيزا فقررت رفقة صديق التوجه لبرشلونة . ويضيف أسامة أنه اعتقل رفقة صديقه من قبل الشرطة الإسبانية وتم ترحيلهما للجزائر وهنا أكد أنه بعد نجاته لم يعد يفكر على الإطلاق في الهجرة غير الشرعية مجددا بسبب تلك الرحلة المرعبة. حب التقليد في مغامرة الموت يفسر مختصون في علم الاجتماع ظاهرة الحرقة وتصوير الشباب الحراقة لأنفسهم وهم في عرض البحر بأنها دعوة صريحة منهم لأقرانهم للهجرة غير النظامية خصوصا أن هناك من الشباب من يرفض الفكرة أساسا وللظاهرة دلالات عدة منها تبرير هؤلاء الشباب للهروب من الواقع المرير الذي يعيشونه ورد واضح منهم على كل من انتقدهم وقال إنهم يجازفون بأنفسهم ويعرضونها للتهلكة عبر قوارب الموت معتبرا أنهم يريدون إثبات وجودهم عبر منصات التواصل الاجتماعي. ويضيف المختصون أن هذه الفيديوهات من شأنها أن تساهم في التأثير على الشباب ورفع نسبة الهجرة غير الشرعية عبر الزوارق المطاطية وتمدهم إلى حد بعيد برؤية شاملة لأطوار الرحلة وتحفزهم أكثر خصوصا إذا ما كللت العملية المصورة بالنجاح وبالتالي يتخذونها مرجعا لهم. والغريب في الأمر أن الفيديوهات المتداولة أظهرت التزايد المعتبر لرحلات الشباب عبر قوارب الموت ومن الجنسين وكل الفئات العمرية إذ ظهر أطفال رضع وقصر وفتيات في مقتبل العمر فضلن الحرقة لأسباب مختلفة. الحرقة.. من الشباب إلى العائلات زحفت الحرقة من الشباب إلى العائلات ومختلف الشرائح العمرية ولم تعد تفرق بين الجنس أو العمر أو حتى المستوى العلمي ودقت منظمات حقوقية ناقوس الخطر على التزايد الرهيب للظاهرة واستنكرت الصمت المطبق لما يجري من قبل شباب فضلوا المخاطرة بحياتهم على واقعهم المر وكلهم أمل في تحسين ظروفهم المعيشية والحصول على وثائق الإقامة في بلدان الضفة الشمالية. ظاهرة الحرقة وحوادث انقلاب القوارب المميتة صارت متفشية بشكل ملفت للانتباه في مجتمعنا واقتحمت المغامرة مختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية مما يوجب دق ناقوس الخطر لمعالجة الظاهرة والوقوف على مسبباتها قصد التخفيف من الإحصائيات الرهيبة وعدد الحراقة الهالكين في البحر.