بعد أن كانت "الحرقة" حكرا على الشباب فقط بعد أن كانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية حكرا على الشباب فقط، ها هي اليوم عائلات برمتها تركب "قوارب الموت"، للفرار من معاناة الظروف الاجتماعية الصعبة على رأسها البطالة وأزمة السكن، هذا وأثار انتشار فيديوهات وصور على مواقع التواصل الإجتماعي لعائلات على متن "البوطي" جدلا واسعا في الجزائر تفاعل معه عامة الشعب وحتى الطبقة السياسية وكذا فعاليات المجتمع المدني .. الكل ندد بتنامي هذه الظاهرة بشكل ملفت مؤخرا في بلادنا، بدليل أن الجزائريين شكلوا أكبر عدد من الوافدين إلى إسبانيا على سبيل المثال خارج الأطر القانونية، إذ أحصت سلطات هذا البلد 2000 "حراق" جزائري دخلوا ترابها منذ بداية 2020. تؤكد الدراسات عن تنامي رهيب لظاهرة الحرقة في الجزائر سنة بعد اخرى وأشارت إحصائيات رسمية حديثة لوكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" ان عدد الحراقة الذين غادروا البلاد منذ بداية العام الجاري بلغ نحو 3446 حراقا، والأدهى والأمر أن ظاهرة الحرقة انتقلت في الجزائر من حرقة الشباب إلى حرقة العائلات والمغامرة بأرواح النسوة والأطفال والشيوخ، واكبر دليل العينات التي عايشتها العديد من الولايات الساحلية بحيث عاشت ولاية وهران خلال الأشهر القليلة الماضية على مأساة مماثلة بعد أن فرّ زوج وزوجته الحامل وابنتهم البالغة من العمر أربع سنوات وقرروا الهجرة الجماعية، وبالنظر إلى الرياح الهوجاء حسب ما أدلى به أخ الضحية مات الكل ونجت الطفلة البالغة من العمر أربع سنوات بعد عبور سفينة تركية أنقذت ما يمكن إنقاذه ليكون مصير الآخرين الموت المحتوم. كما صنعت صور انتشال أب مع ابنه من البحر بولاية مستغانم الحدث عبر الفايسبوك بين الجزائريين في اليومين الأخيرين بحيث لقيا حتفهما في حادثة انقلاب قارب فجر يوم الخميس الفارط كان يحمل 15 حراقا من بينهم عائلة متكونة من 5 أشخاص، بحيث تم العثور على جثث الأب و02 من أبنائه، بينما مازالت جثتي الزوجة وابنته مفقودة، وحسب الحيثيات المستقاة من مصالح الحماية المدنية قام أعوان تلك الأخيرة في حدود الساعة الثالثة من مساء يوم الخميس بانتشال جثث أربعة أطفال من جنس ذكر، وتتراوح أعمار الأطفال ما بين 3 و7 سنوات بشاطئ مرسى الشيخ ببلدية أولاد بوغالم، وأضاف المصدر، أنه تم تحويل جثث الضحايا الأربع إلى مصلحة حفظ الجثث بالمؤسسة الإستشفائية بعشعاشة، ويرجح أن يكونوا ضمن المرشحين للهجرة غير الشرعية المفقودين منذ ساعة مبكرة من صباح يوم الخميس الفارط، وكانت الوحدات العائمة لحراس السواحل، قد أنقذت في وقت سابق 5 أشخاص وانتشلت 4 جثث بعد انقلاب القارب شمال أولاد بوغالم، بحيث تتواصل جهود حراس السواحل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في عمليات الحرقة الجماعية. العينتان المذكورتان سابقا هما على سبيل المثال لا الحصر مما يعكس ان ظاهرة الحرقة صارت متفشية بشكل ملفت للانتباه في مجتمعنا، واقتحمت المغامرة مختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية، مما يوجب دق ناقوس الخطر لمعالجة الظاهرة والوقوف على مسبباتها قصد التخفيف من الإحصائيات الرهيبة وعدد "الحراقة" الهالكين في البحر.