نموذج انتحار العسكريين إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي أشار الباحث إلى انفراد "إسرائيل" مع تايوان بين دول العالم ب"ضغوط هاجس الزوال"، فكلما واجهت "إسرائيل" مأزقاً حاداً، أو انتكاسة ميدانية، استيقظ هاجس الزوال في العقل الجمعي الإسرائيلي، وهو ما يضيف إلى اضطراب ما بعد الصدمة بُعداً آخر، فتتعزز النزعة العُصابية، كما تدل الدراسات الإسرائيلية للموضوع، وتتجلّى في ظاهرة تنامي الانتحار بين العسكريين الذين أوكل المجتمع إليهم مهمة منع الزوال. خصوصاً مع تتابع الحروب بمعدل عالٍ، وهو ما يُكرّس البنية العُصابية لمجتمعٍ إمّا ينتحر أو يفرغ عصابيته في الأطفال والنساء والجوعى، كما يجري في قطاع غزة حالياً، أو يمارس تحايلاً معرفياً، طبقاً لنظرية ليون فيستنجر، بصناعة رواية للأحداث تتسق في مضمونها مع الأوهام المسيطرة على المنظومة المعرفية للمجتمع الصهيوني، مما يزيد البنية العُصابية تعقيداً. وبحثت الورقة في المؤشرات الاجتماعية والنفسية الضاغطة التي تُفسِّر ارتفاع معدلات الانتحار في "إسرائيل" بعد الطوفان، خصوصاً بين العسكريين، فعزا الباحث الأمر لجملة عوامل أولها الإحباط والتوتر العالي عند العسكري الإسرائيلي نتيجة طول مدة الحرب بشكل غير متوقع، وعجزه عن استيعاب صمود المقاومة لهذه الفترة الطويلة، وعدم المقدرة على الانتصار السريع المعتاد في المخزون الذهني للجندي الإسرائيلي. كما أن حالة الاضطراب الداخلي في المجتمع الإسرائيلي، والذي يتجلّى في المظاهرات شبه اليومية، والتشكيك في القيادة، والأزمات بين السياسيين والعسكريين، تجعل الفرد الإسرائيلي، خصوصاً العسكري، يشعر بقدر من الارتكاس النفسي أو اضطراب ما بعد الصدمة؛ ما يعزّز لديه حالة اليأس ويدفع بمشاعر التفوّق إلى التواري. كما رأى الباحث في مطالبة الحكومة الإسرائيلية خلال المفاوضات بأن تتوقف المقاومة عن العروض المنظّمة والمهيبة التي ترافق تسليم الأسرى الإسرائيليين مؤشّراً ضاغطاً إضافياً، لا تجوز فيه النظرة العابرة؛ وقد دفع ذلك العديد من الخبراء الإسرائيليين لتأكيد الاختراق النفسي الذي قامت به المقاومة في المجتمع الإسرائيلي والعالمي على حدّ سواء. وقد أظهرت الدراسة تصاعداً في المعدل السنوي للانتحار خلال سنوات الحرب 2023–2025، وهو ما أثار مخاوف بشأن أزمة صحية نفسية محتملة في الجيش، وبدا الارتفاع ملحوظاً مقارنةً بالسنوات السابقة. وشملj أكثر من نصف حالات الانتحار في سنة 2024 عناصر من جنود الاحتياط، وهو رقم يُعزى إلى الارتفاع الكبير في عدد جنود الاحتياط الذين تمّ استدعاؤهم منذ بدء الحرب. وأوصت الورقة الجانب الفلسطيني بضرورة إيلاء الأبعاد والبُنية النَّفسية للمجتمع الصهيوني اهتماماً أكبر، وتحرّي ثغرات هذه البُنية النَّفسية والنظر في كيفية التعامل معها في الصراع والتفاوض والحروب الإعلامية.