بحاجة إلى دعم معنوي دائم أمهات ذوي الإعاقة .. ظروف قاسية ومعاناة نفسية لا تستوعب أغلب الأمهات بسهولة وكما ينبغي أن يصبحن بين عشية وضحاها أمهات لطفل غير طبيعي إلا أنهن بعد تجاوز صدمة البداية ينجحن في إعادة تنظيم حياتهن لمواجهة واقعهن بعزيمة من أجل تحسين جودة حياة أطفال يوصفون ب المعاقين وتزداد مسؤوليتهم وهم يكبرون بضمان الدعم المادي والنفسي لهم. ن. خباجة / ق. م بعد تجاوز صدمة ولادة طفل من ذوي الإعاقة داخل الأسرة قد لا تتقبل كثير من الأمهات ذلك حيث تتبلور في أذهانهن أنهن سيصبحن مانحات الحياة لطفل غير طبيعي وكثير على عكس ذلك ينجحن في إعادة تنظيم حياتهن لمواجهة واقعهن بعزيمة من أجل تحسين حياة أطفالهن. وليس هناك ما يمكن أن يفي أولئك الأمهات حقهن فهم أمهات محاربات لا تنقصهن الصلابة ولا قوة الإرادة وقد تقبلن واقعهن وأخذن على عاتقهن مسؤولية تحسين جودة حياة هؤلاء الأطفال الذين لا يقلون ذكاء وحيوية عن باقي الأطفال. الدعم المعنوي ضروري ولكن حاجة أمهات هؤلاء الأطفال دائمة للدعم المعنوي على الأقل كي يواصلن بدورهن دعم فلذات الأكباد وتحقيق سبل تواصلهن مع الآخر بغية دمجهم على وجه صحيح في البيئة المحيطة والمجتمع بأكمله. يرى مستشارو التربية الأسرية أن حدة الضغوطات تزداد عادة في الأسر التي تعاني من وجود طفل من ذوي الإعاقة وتزداد هذه الضغوطات على الأم بشكل أكبر فالمشكلات النفسية والشعور بالقلق والإحباط تتصدر المرتبة الأولى عند الأم لوجود طفل يعاني من إعاقة عقلية أو جسدية أو بصرية أو سمعية مع وجود أخوة آخرين في نفس العائلة. فالأم هي من تتحمل مسؤولية هذا الطفل وأطفالها الآخرين فتشعر بالاكتئاب والتوتر وهذه المشاعر السلبية تؤثر على الاتزان العاطفي لديها فهي تشعر بأن جميع الناس ينظرون إليها بنظرة حزن وشفقة ودونية عدا أن وجود طفل من ذوي الإعاقة في الأسرة يؤثر على طبيعة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة والآخرين فوجوده يتطلب جهداً كبيراً من الأسرة بشكل عام ومن الأم بشكل خاص وينعكس أيضاً على بقية الأبناء فيصبح الاهتمام بهم أقل من قبل الأم. التكاليف المادية.. عبء آخر ويرى مختصون أن: خوف الأم على الطفل نفسه يسهم في إنطواء الأسرة وأحياناً العزلة الاجتماعية حتى تتجنب أكبر قدر من المشاكل ولا ننسى أن المشكلات المادية تزيد على كاهل الأم التي تعاني من وجود طفل يحتاج بسبب ظروفه الصحية إلى رعاية صحية خاصة ويتطلب تكاليف مادية باهظة قد تكون الأم غير قادرة على تلبيتها. وقد يحتاج الطفل إلى مراكز خاصة لرعايته بالإضافة إلى عرضه على الأطباء المختصين وهذا جميعه يؤثر سلباً خاصة على أسر الدخل المتدني وقد تشعر الأم أنها لا يمكنها العمل خارج المنزل على حساب هذا الطفل الذي يحتاج إلى مساعدتها الدائمة كاحتياجاته السيكولوجية الجسدية مثل الطعام والشراب واللباس وبالطبع هذا الحمل سيكون ثقيلاً عليها بوجود أفراد آخرين في الأسرة كما ان الأم دائماً تبقى في صراع مع الزمن أي أن وقتها لا يكون ملكها أبداً ولا يكفيها في رعاية طفل يعاني من حاجات تتطلب أكثر مما يبذل و الأم في هذه الحالات يجب أن يساندها زوجها فله دور كبير في ذلك أو أن يساندها أحد أفراد العائلة كإخوتها وذويها بالإضافة إلى وجود من يرشدها ويساعدها في التأقلم مع مشكلتها. أمهات في مواجهة تحدّ كبير يرى مختصون في الصحة النفسية أن وجود طفل من ذوي الإعاقة في الأسرة يشكل تحدياً كبيراً والأم هي أكثر من تعاني وتتحمل الضغوطات. وللأسف هناك ظلم مجتمعي حقيقة لهذه الفئة لعدم تفهم خصائصها واحتياجاتها فالأسرة التي تستقبل مولوداً من ذوي الاحتياجات الخاصة يصبح لديها نوع من أنواع الانكار في البداية يتخللها صدمة نفسية لوجود طفل يعاني مثلاً من متلازمة داون أو من إعاقة حركية أو أي شكل من أشكال الإعاقة حتى وإن كانت أيضاً ذهنية وحقيقة مشاعر الأم تكون مختلطة أحياناً بين العطف على هذا الطفل والتعاطف معه وتوفير الحماية اللازمة والرعاية المتخصصة له و بين اعتبار وجود شخص من ذوي الإحتياجات الخاصة يشكل وصمة عار في هذه الأسرة ففكرة عدم تقبل هذا الطفل منتشرة وللأسف في المجتمعات العربية حتى من أسرته وهذا بالطبع يتنافى مع المبادئ الإنسانية. هؤلاء الاطفال هم بشر من حقهم العيش وأن يتوفر لهم الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية فهذه الفئة خاصة تحتاج إلى دعم مضاعف خاصة إذا كانت الإعاقة شديدة أو انها إعاقة ذهنية فهم يحتاجون إلى رعاية مكثفة وفي الحقيقة الأم هي التي يقع على عاتقها الدور الأكبر. مشاعر مختلطة كثير من الأمهات يواجهن هذه المشاعر المختلطة ما بين الانكار والصدمة وما بين والتقبل وإخفاء هذا الشخص ولكن كلما زاد الوعي لدى الأسرة وزادت ثقافة الأم وبدأت تتفهم احتياجاتها أصبحت أكثر دعماً له من شتى النواحي سواء النفسية أو الجسدية أو المعنوية فكثير من الأمهات سخروا حياتهن بل منهن من حصلن على شهادات عليا بتخصصات محددة بسبب معاناة أحد ابنائهن وهذا بالطبع يعتمد على مدى وعي الأسرة وتفهم الأم ومدى تقبل الأم لهذا الطفل. إن التعامل مع هؤلاء الاطفال يحتاج إلى متخصص بجانب الأم لأن هناك فروقاً بين هذا الطفل والطفل الطبيعي من حيث القدرات الذهنية والإدراكية والحركية حسب نوع وشدة الإعاقة وهناك مراكز متخصصة للاعتناء بهم فكلما كانت الأم واعية ومتفهمة لاحتياجاتها ساعدت نفسها وساعدت طفلها على التكيف مع بيئته بشكل يحقق له الحد الأدنى من الحياة النفسية والاجتماعية المستقرة. المتابعة الاجتماعية وعن دور الاختصاصي الاجتماعي من خلال المؤسسات الاجتماعية والتربوية مع أهل الطفل ذوي الإعاقة يقول الاستشاري الاجتماعي الدكتور ف. لونيس إنه يتم التعارف بين الاختصاصي الاجتماعي وذوي الطفل وتُبنى علاقة مهنية بينهم عن طريق الاتصال المستمر بهم وزيارتهم كلما دعت الحاجة وتنظم اجتماعات دورية شهرية بحسب احتياجات الطفل والقدرات وهذه الاجتماعات تضم الأهل والهيئة التدريسية لتقييم وضع الطفل ولاقتراح بعض التعديلات في التعامل معه بالاضافة إلى عقد دورة تدريبية للأمهات وذلك للتعريف بالإعاقة وأنواعها وأسبابها وإلى متطلبات عملية دمج طفلهم إذا كانت اصابته خفيفة أو متوسطة وتحديد قدراته العقلية التي تمُكّنه من متابعة تحصيله الدراسي ويعرّف الأهل على أهمية دورهم في رعاية طفلهم ومساعدته على التكيف كتعليم طفلهم منذ الصغر كيفية العناية بنفسه ومساعدته على الاستقلالية من خلال تدريبه على الأكل وارتداء الملابس واكتساب مهارة النظافة. وقد ينظم هذا الاختصاصي لقاءات تعارف بين اسرة ذوي الإعاقة مما يساعد على التخفيف من شعورهم بالذنب ومن الشكوك التي تحيطهم وبالتالي التخفيف من شعورهم بأنهم سبب الإعاقة ويحفزهم على بناء علاقة ثقة مع طفلهم وذلك لأهمية شعوره بالانتماء إلى أسرة تحبه وتعطف عليه دون إسراف وتتعاون معه ككل لا يتجزأ لأن المطلوب هو الوصول إلى تنمية كاملة للشخصية. كما يعرف الاختصاصي الاجتماعي الأهل على المساعدات التي يستطيعون الحصول عليها من خلال وزارة التضامن عن طريق بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة التي تؤمن له خدمات مجانية صحية واجتماعية ومن خلال المؤسسات الاجتماعية التأهيلية والتربوية والصحية وعلى توعية الأهل بضرورة القيام بالتحاليل والتدابير اللازمة لتجنب الإعاقة وتكرارها. كما يظهر أهمية اللجوء إلى العلاج والتشخيص المبكر للإعاقة للحد من تطورها السلبي ويبرز للأهل أهمية متابعة طفلهم بالتعاون مع الهيئة التدريسية داخل المدرسة ومع الفريق الطبي ويشكّل العامل الصحي الاجتماعي الوسيط بينهم لتحقيق التكامل في الأدوار ولإزالة المعوّقات التي تواجه عملية دمج طفل الشلل الدماغي في المدرسة. ويشجع الاختصاصي الاجتماعي الأهل حول مشاركة طفلهم بالنشاطات الترفيهية والزيارات المنزلية والرحلات والنزهات والتسوق مثل الأطفال الآخرين لأنه يحتاج إلى تعزيز ثقته بنفسه بأن يكتسب نفس خبرات الأطفال الآخرين وان يستطيع التكيف مع التغيرات التي تحيط به كما يقوم بالتنسيق مع الإدارة حول سلسلة من اللقاءات الموجهة لكافة أهالي طلاب المدرسة حول موضوع دمج الطلبة من ذوي الإعاقة ويشكل لجنة دعم من أهل الأطفال العاديين و إبراز دورهم في مساندة وجود هذا الطفل في المدرسة. التعايش الايجابي يقدم خبراء الصحة النفسية مجموعة نصائح مهمة للأمهات منها أن على الأم بعد الولادة المتابعة المنتظمة مع طبيب أطفال متخصص لأنه الوحيد القادر على الكشف المبكر عن أي تأخر في النمو الحركي أو الذهني ويجب أن تعي الأم أن وجود خلل في أي وظيفة لدى الطفل لا يعني أنه معاق وليس له حق في الحياة بل يعني أنه يحتاج إلى رعاية خاصة فقط وعلى الأم أن تسعى دائماً إلى وضع خطة علاج واضحة وتتابع التحسن على الطفل ويفضل أن تبتعد الأم عن الأحاديث العائلية والاجتماعية المفعمة بالشفقة على طفلها لأنها تحيطه بطاقة سلبية تنعكس على أسلوب تعاملها معه ويجب أن تستبدل ذلك بمجموعة صديقات من الأمهات اللواتي لديهن الحالة الصحية نفسها للأطفال فهؤلاء مجموعة دعم إيجابية تنعكس بنصائح مجربة في التعامل مع الأطفال وعليها أن تعتبر نفسها من الأمهات المحظوظات لأن الله منحها هدية بناء على قدرة تحمّله ليضاعف أجرها في الدنيا والآخرة.