وزير الشؤون الدينية والأوقاف يعزي في وفاة الشيخ الإمام المجاهد بلعالية عبد القادر    سيناتور أمريكي:حرب نتنياهو الهمجية ضد الفلسطينيين غير أخلاقية    المغرب: ادانات "شديدة" بعد القمع المخزني لوقفة مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني    كرة السلة/بطولة العرب للأمم 2025 (تحضيرات): الجزائر تفوز على السعودية وديا (88-74)    شرفي يدعو إلى ضرورة تضافر جهود مختلف الشركاء.. إطلاق "خلية اليقظة " لحماية الطفولة من مخاطر الانترنيت    ورشات وندوات فكرية، ثقافية وعلمية : المهرجان الوطني للثقافة والتراث النايلي .. لقاء الأصالة بالتكنولوجيا    غدا بالمسرح الوطني.. ملحمة تاريخية تكريما لأبطال ثورة التحرير    النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الوزراء    المدير التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية: علاقاتنا مع الشركاء الجزائريين "متميزة للغاية"    رئيس الجمهورية: الجزائر قطعت أشواطا مهمة في محاربة كل أنواع الجريمة المالية    المغرب: تفاقم أزمة المياه في ظل سوء تسيير حكومة المخزن    عطاف يستقبل من قبل رئيس البرلمان السنغافوري    الاعلام الصحراوي يندد بممارسات الاحتلال المغربي في قمع الأصوات الحرة    استكمال أشغال خط السكة الحديدية تندوف – غارا جبيلات بطول 135 كلم    رئيس الجمهورية يستقبل المدير التنفيذي لعملاق الطاقة الإيطالي شركة " إيني"    رئيس الجمهورية يستقبل سفير المملكة الأردنية الهاشمية    حيداوي يشيد بإصلاحات الرئيس تبون لتعزيز دور الشباب في بناء الجزائر الجديدة    كذبة أدبية كبيرة اسمها: "ورشة كتابة الرواية!"    بولتون: الاستفتاء الحل الوحيد للقضية الصحراوية    إيداع مشتبه فيه رهن الحبس المؤقت    بيوت تتحوّل إلى ورشات في عاشوراء    كيف يباع مصير غزة والضفة بلا ثمن؟    ضرورة اعتماد منهج محكم لتطوير الأمن السيبراني    أنصار اتحاد الجزائر يحتفلون ب التاسعة    مسرحية النصف الآخر تفوز بجائزة العنقود الذهبي    الصيدلية المركزية للمستشفيات تؤكد التزامها بضمان وفرة المستلزمات الطبية عبر التراب الوطني    موجة حر شديدة وأمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن يومي الاثنين و الثلاثاء    رفع الاثقال/ البطولة الوطنية (أكابر, أواسط, أشبال) : أكثر من 300 مشارك في الطبعة ال60 بوهران    أزيد من 2400 سائق مسجل في تطبيق "طاكسي سايف" لطلب سيارات الأجرة المعتمدة    فولفسبورغ الألماني : عمورة يتعافى من الإصابة ويندمج في تحضيرات الموسم الجديد    ميلان يوجه إهانة قاسية لياسين عدلي..وجه نادي ميلان الإيطالي إهانة قاسية لياسين عدلي، قبل ضربة انطلاق استعدادات الموسم الجديد    كأس إفريقيا للأمم للسيدات 2024: انتصار مهم للجزائر أمام بوتسوانا    سوق أهراس : إعادة فتح المسرح الجهوي مصطفى كاتب بعد أشغال تهيئة شاملة    اللقاء الوطني للفنون التشكيلية بمعسكر : لوحات زيتية تسلط الضوء على شخصيات تاريخية    خنشلة: اكتشاف جديد لفسيفساء خلال حفرية علمية بالموقع الأثري بضفاف سد بابار    كرة القدم (الرابطة المحترفة الاولى" موبيليس"): مهدي رابحي يستقيل من رئاسة مجلس إدارة شباب بلوزداد    رئيس الجمهورية يترأس حفل استقبال بالنادي الوطني للجيش    ضرورة بناء جبهة إعلامية موحدة للدفاع عن الجزائر المنتصرة "    الصحراء الغربية : إصابة ثلاثة أشخاص بالأراضي المحتلة    خريف الغضب يطيح بفرنسا..؟!    عملية إعادة تشغيل ثلاثة أرصفة لتعزيز قدرات معالجة الحاويات    جامعة الجلفة تناقش 70 مذكرة تخرج    هذا جديد الجوية الداخلية    ما هي الهالات السوداء    كالثلج بسرعة لن تصدقي جمال أبتسامتك    طريقة تنظيف ثريات الكريستال بعناية وخطوات سهلة    نهاية مهمة بن يحيى    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    من اندر الاسماء العربية    2.2 مليون منزل متصل بالألياف البصرية    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    صدور "خراطة من الاحتلال إلى الاستقلال"    توقرت: قطاع الصحة يتدعم بعيادة طبية نموذجية متعددة الخدمات    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاعتبروا بمواقف طالبان التي أرغمت الأمريكان على الانسحاب والإذعان
نشر في أخبار اليوم يوم 08 - 05 - 2021


بقلم: الطيب بن ابراهيم*
أمريكا أقوى دولة عسكرية بدون منازع والناتو أكبر حلف عسكري في العالم وهما معا بالإضافة لدول أخرى في مواجهة طالبان منذ عشرين سنة وطالبان ليست حلفا عسكريا وليست دولة قائمة بكل مؤسساتها بل هي مجرد ميليشيا مسلحة معارضة للدولة التي أقامها الأمريكان وحلفاؤهم وليست لها صواريخ ولا طائرات ولا دبابات ومع ذلك هُزم الجمع أمامها وولوا الأدبار؟!.
لم يكن تواجد الغزاة الأمريكان وحلفائهم بأفغانستان مجرد تواجد قاعدة عسكرية مُقامة في أفغانستان لحراسة النظام والحفاظ على الأمن على غرار ما هو عليه الحال في البعض من بلداننا العربية بل تواجد حربي عسكري بلغ حده الأقصى في بداية الألفية الحالية عقب أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 .
عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 توجهت الجيوش الأمريكية إلى أفغانستان على دفعات متتالية إلى أن تجاوز عددها المائة الف ضابط وجندي وكانت مجهزة بأفتك أسلحة الدمار وأكثرها تطورا للإطاحة بحكم حركة طالبان وبعد سقوط نظام طالبان بين عشية وضحاها لجأ مقاتلوها إلى حصونهم الطبيعية الجبال فلاحقتهم أمريكا وأمطرت جبال تورا بورا التي اختبأ بها المقاومون أمطرتها أمريكا بصواريخ توماهوك وكروز وقنابل الفوسفور المنضب وقنابل القاذفة العملاقة ب 52. وصبّ الأمريكان جام حقدهم وقال يومها الرئيس الأمريكي بوش الابن أنه سيشن حربا صليبية قبل أن يتراجع إعلامه ويقول أنها كانت زلة لسان ولا زلت أتذكر ذلك جيِّدا. ولم تكن نتيجة تلك الحملة الأمريكية على جبال تورابورا إلا كما قال الشاعر العربي الأعشى :
كَناطِح صَخْرَةً يَوْماً ليِوُهِنَها فَلَمْ يَضِرّْها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ
لم تكن لطالبان عروش تخاف فقدانها ولا قصور ولا حصون تخاف تدميرها ولا جيوش مأجور تتفرق من حولها ولا حسابات بنكية في الخارج تحرم منها وليس لها ما تخاف عليه وتفقده همها هو حمل السلاح ومحاربة من اعتدي على سيادتها وأرضها أيا كان أمريكان أو صنيعة أمريكان ولم تُخِفْها الصواريخ ولا المقنبلات ولا الحرب الإعلامية والدعائية ولا العالم الذي اصطف وراء أمريكا ولم تهرول لنزع اسمها من قائمة الإرهاب ولم يرض زعماؤها بفيلات في باريس ولندن ومنتجعات أخرى ولم تساوم... .
منذ عهد الرئيس الأمريكي بوش الابن سنة 2001 وأمريكا بجيوشها الجرارة وأسلحتها الدمّارة ووراءها حليفها الأوروبي الناتو جاثمة على أرض الأفغان وما قتلته آلتها العسكرية من مدنيين أبرياء من نساء وأطفال وشيوخ أكثر مما قتلته من مقاتلي طالبان وكان القتل يتم بحجة الخطأ البعض اعترفت به أمريكا والبعض الآخر تجاهلته ووُصِفت حركة طالبان بأقبح الأوصاف السياسية والعالم كان من وراء أمريكا يؤيد ويصفق وأقامت أمريكا نظاما مواليا لها في أفغانستان على غرار ما فعلت في العراق وفي الصومال وقبلهما في غرونادا وبنما وفي غيرهما.
بعد عشرين سنة فشلت كل الحسابات الأمريكية في أفغانستان وبقيت حركة طالبان هي نفس الحركة بنفس السلاح الهجومات الخاطفة والتفجيرات القوية متواصلة على مرأى ومسمع من أمريكا وقوات الناتو وبنفس التوجه والمبادئ ولم تغيِّر ولم تبدل حتى أثناء التفاوض لم تضع السلاح ولم تستسلم كيف لا وحركة طالبان لم تخسر شيئا باستثناء رجالها وهذا عكس أمريكا التي تورطت في أفغانستان فبلغ عدد قتلى جنودها الآلاف وبلغت خسائرها المالية اكثر من الفي مليار دولار ولم يتغير أي شيء على أرض الواقع والمقاتل والمفاوض الطالباني أقوى مما كان عليه.
بعد عقدين من الزمن من حرب الاستنزاف وبعد فقدِ أمريكا للآلاف من أبنائها وآلاف الملايير من الدولارات وبدل أن كانت توصف حركة طالبان بالإرهاب والإجرام والخروج على القانون الدولي أصبحت المفاوض الموثوق به لدى الأمريكان فاعتُرِف بها مكونا سياسيا أفغانيا أساسيا فجلست معها أمريكا على مائدة المفاوضات ولم يكن رجال طالبان ممن يرضون بالقشور ويكتفون بالاعتراف بهم والجلوس إلى جانب الأمريكان ويتبادلوا الصور والابتسامات أمام الكاميرات.
بدأت مفاوضات شاقة بين حركة طالبان والأمريكان في عاصمة قطر الدوحة وتم الاتفاق على الانسحاب الأمريكي وحلفائه من أفغانستان ورغم عدم التكافؤ بين مفاوضي أمريكا وتوقعات خبرائهم ومراكز أبحاثهم وأجهزة استخباراتهم من جهة ومفاوضي طالبان من جهة أخرى كان الموعد المتفق عليه في صالح طالبان لانهم رجال الميدان ولم يكن التوقيت في صالح الأمريكان واقترب الوعد وحاولت أمريكا أن تتنصل من وعودها أو أن تؤجل الانسحاب الذي عاجلها وكان بإمكانها التأجيل مستندة إلى رغبة وطلب حليفها الحكومة الشرعية التي لا ترغب في الانسحاب لكن طالبان رفضت رفض النِدِّ لندّه على التنازل وأصرَّت على احترام الاتفاق وموعد الانسحاب وإلا ستستأنِف حربها التي أرهقت الأمريكان وكبدتهم ما لا طاقة لهم به والأمريكان يعرفون جد وهزل طالبان وتهديد طالبان ليس دعاية ولا شعار.
هذا هو موقف طالبان من الأمريكان وحكومة بلدهم ونظامها دون أن ننسى أن دولة أفغانستان مستقلة ولها نظامها وحكومتها الأفغانية ومعارضة طالبان للقوات الأجنبية في أفغانستان تراه تدخلا في الشأن الداخلي ومساس بالسيادة الوطنية فكيف يكون موقف طالبان لو كانت أرضهم مستعمرة من طرف جهة خارجية؟.
في الوقت الذي كانت المفاوضات تسير على قدم وساق كانت الحرب متواصلة على أشدها قادت حركة طالبان المفاوضات التي استضافتها دولة قطر بكفاءة ومهنية منقطعة النظير مع أمريكا ففرضت شروطها ومطالبها وكانت نتيجة تفاوضها الانسحاب الأمريكي وحلفائه من أفغانستان وإطلاق سراح أسرى طالبان وشطب أسماء قادتها من القائمة السوداء. ورغم قناعة أمريكا أن الانسحاب ليس في صالحها وليس في صالح حليفتها الحكومة الأفغانية المُحْتَمَلُ سقوطها بعد انسحاب الأمريكان وأن إمكانية عودة الحرب الأهلية لأفغانستان واردة ومع ذلك أجبرت أمريكا على الانسحاب أمام إرادة وتصميم حركة طالبان على ذلك. ولم يُسمح لأمريكا و ناتوها حتى بالتأجيل والتأخير وإلا فقواتها وقوات الناتو تُعَامل مُعاملة محتل فسارعت أمريكا لبدء انسحابها حتى قبل الموعد المتفق عليه بأيام معدودات ( الأول ماي 2021). وخلاصة القول وبعيدا عن المزايدات الأيديولوجية وبمنطق الحسابات السياسية ماذا كسبت أمريكا خلال عشرين سنة من الحرب في أفغانستان؟ وما خسرت طالبان؟؟!
إن مقاييس القوة العسكرية ليس المقياس الوحيد لتحقيق الانتصار في كل الظروف والأحوال ومع كل مقاومي الاحتلال والظلم والعدوان والطغيان. والتاريخ يؤكد ذلك كما كان حال فرنسا مع الجزائر وكما كان عليه حال أمريكا مع الفيتنام وكما هو عليه حالها اليوم مع طالبان وجولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة. فاعتبروا أيها المراهنون على الأمريكان والتطبيع والتنسيق والخذلان على حساب الشعوب والأوطان ؟!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.