رئيس الجمهورية يجري لقاء وديا مع رئيسة جمهورية سلوفينيا بقصر بردو    الاحتلال المغربي يواصل امعانه في التضييق وفرض حصار خانق على المناضلين الصحراويين    دراجات/ البطولة الافريقية للمضمار: الجزائرية هند بن صالح ضمن طاقم التحكيم    غزّة.. الإبادة تتواصل براً وجواً    السيدة مولوجي تستقبل الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين    أمن المدية يطيح بشبكات إجرامية    والي تيزي وزو يتفقد مشاريع تنموية بمعاتقة وسوق الاثنين    سينما: دعوة للترشح لجائزة "جزاير اواردز 2025    حجّاج الجزائر يتوافدون على البقاع المقدسّة    وزير التربية يوجه بتكثيف التحضيرات للامتحانات الوطنية ويطلق حملة توعوية لحماية المؤسسات التعليمية    وهران تحتضن ندوة وطنية حول اقتصاد الطاقة: دعوات لتسريع الانتقال الطاقوي وتعزيز النجاعة الطاقوية    الدكتور لخميسي بزاز: تجربة الجزائر في مكافحة التطرف نموذج رائد لحل إفريقي خالص    تعزيز التعاون الاقتصادي الجزائري-البريطاني: فرص استثمارية واعدة بالأغواط    بعثة الحج الجزائرية تؤكد جاهزيتها الكاملة لاستقبال الحجاج وتوزيع "بطاقة النسك" لتسهيل المناسك    السيد دربال يؤكد أن معسكر تعد ولاية نموذجية في مجال إعادة استعمال المياه المصفاة    كرة القدم: وفاة الرئيس الأسبق لفريق رائد القبة موساوي جرمان عن عمر 79 عاما    يوم دراسي حول "الذكاء الاصطناعي والتراث المعماري الجزائري"    ترشيح ممثلة النظام المغربي القمعي لجائزة "نيلسون مانديلا" إهانة سافرة لذاكرة هذا المناضل    إدراج نشاط جمع البلاستيك ضمن جهاز المقاول الذاتي في إطار مشروع نموذجي    الجزائر/سلوفينيا: علاقات متميزة وطموح مشترك لتعزيز التعاون الثنائي    بلمهدي يبرز ضرورة المساهمة أكثر للجامعة في البحث حول القامات العلمية الجزائرية    الإعلان عن مضمون الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي لآفاق 2030    نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني يدعو من جاكرتا لاتخاذ خطوات عملية لنصرة القضية الفلسطينية    ورشة مرورية للكشافة الإسلامية    هذه رسالة الرئيس للحجّاج    الجزائر تتصدّى للتجاوزات الفرنسية    ركاش وحتمية التصنيع المحلي    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس" : و.سطيف يعزز مركزه الرابع و ا.الجزائر يضع حدا لسلسلة النتائج السلبية    في يوم حرية التعبير... في أحضان الطبيعة والإنسانية بالطارف    تسليم وثائق التوطين البنكي لعدد من مستوردي مادة الموز    غوتيريش : نرحب باتفاق وقف إطلاق النار    يجب الضغط على الدول العربية لحسم مسألة التطبيع ورفضها نهائيا    نتطلع في أن يتم تثبيت أسس سلام دائم بين إسلام آباد ونيودلهي    محطة خالدة تظل شاهدة على عظمة كفاح وتضحيات الأمة    أمطار رعدية ورياح قوية على العديد من ولايات الوطن    وصول أول فوج من الحجاج الجزائريين    الوصاية اعتمدت 50 وكالة للسياحة لرعاية شؤون الحجاج    الجزائر تطالب بترحيل فوري لموظّفين فرنسيين    كونوا خير سفراء للجزائر في بيت الله الحرام    1475 مترشح ل"البيام" و1569 للبكالوريا    تسيير تعاونيات الصيد البحري في دورة تكوينية    يوم الذاكرة بتلمسان محطة لمواصلة البناء    غويري: سعيد بالتأهل لدوري الأبطال وهذه أهدافي    تهم متبادَلة بين اتحاد الحراش ومستقبل الرويسات    "الموب" يضمن الصعود على حساب شبيبة بجاية    "شولوس" أو القل.. جنّة فوق الأرض    أشغال تهيئة واسعة بالمدن الساحلية والشواطئ    انطلاق حملة الحصاد والدّرس ببسكرة    المفكر اللغز ومنظر الاستيطان    موعد محلي بأبعاد اجتماعية ودينية    للمخرج لطفي بوشوشي.. تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر"    شهر جويلية المقبل.. الملتقى العلمي الثالث حول راهن الشعرية الجزائرية    هل على المسلم أن يضحي كل عام أم تكفيه مرة واحدة؟    الخضر يقتطعون التأشيرة    يوم تصرخ الحجارة كالنساء    صادي يؤكّد تبنّي نظرة واقعية    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السائرون نياما إلى حرب عالمية ثالثة
نشر في أخبار اليوم يوم 31 - 03 - 2023


بقلم: إبراهيم نوار
أصبحت ظاهرة عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية التي تنطلق من تغليب الحرب وتغييب الدبلوماسية خطرا داهما يهدد العالم كله لأن اتساع نطاق هذه الظاهرة يعني عمليا تزويد الصراعات العالمية بالوقود الضروري لإشعالها وصب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة فعلا بدلا من الاحتكام إلى قواعد القانون الدولي ومبدأ حل النزاعات بالحوار والطرق السلمية وتغليب الدبلوماسية على الحرب. السياسة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة جعلت وزير الخارجية أنتوني بلينكن هو المفوض الرسمي بسحب شحنات متزايدة من مخزون الأسلحة لدى الجيش الأمريكي وتحويلها إلى أوكرانيا كما جعلت بلينكن الناطق الرسمي بلغة التهديد العسكري ضد كل من لا ينتظم في الصف وراء الولايات المتحدة. الدور الجديد الذي يلعبه بلينكن على المسرح العالمي في تغليب الحرب وتغييب الدبلوماسية لا يعكس مجرد تغيير شكلي أو رمزي وإنما يعكس شهوة أنانية أمريكية في المحافظة على سيطرتها على العالم حتى لو كان ثمن تحقيق ذلك هو دمار العالم كله. الولايات المتحدة تقود العالم معصوب العينين إلى مصير كارثي محتوم. وفي هذا السياق فإن هناك مسؤولية تاريخية كبرى تقع على عاتق المفكرين الأمريكيين وفي الدول الحليفة والشريكة للولايات المتحدة خصوصا في أوروبا الغربية من أجل تشكيل ائتلاف واسع أو تجمع عالمي يسعى للدعوة الى تغليب الحوار على الحرب يبادر بإطلاق نفير الاستيقاظ لهؤلاء السائرين نياما إلى حرب عالمية ثالثة.
* دمار العالم كله
حرب أوكرانيا لم تعد هي الخطر الوحيد الذي يهدد العالم بنشوب حرب نووية بل إن التهديد الأكبر والحقيقي هو احتمال حدوث صدام عسكري بين الولايات المتحدة والصين يتطور خارج نطاق السيطرة إلى حد يتصادم فيه كبرياء أكبر قوتين عسكريتين في العالم. وإذا سالت الدماء على جوانب الكبرياء فلن يكون هناك مجال للحسابات العاقلة في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها محاصرة الصين بقوات نووية بينما الصين تعزز روابطها العسكرية مع روسيا الغارقة في حرب أوكرانيا ضد حلف الناتو. في أوروبا تمثل الأراضي الأوكرانية مجرد ساحة للقتال تجري عليها حرب أمريكية بالوكالة ضد روسيا مدعومة بأسلحة ومساعدات عسكرية وإنسانية من الولايات المتحدة ودول حلف الناتو . ومع سيطرة نزعة عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية فإن صوت تجار الحروب وقيادات التجمع الصناعي – العسكري الأمريكي سيكون هو الأقوى إذا لم تعترضه أصوات قوية لتجمع عالمي قوي يعمل من أجل الحوار لا الحرب. وعلى بعد آلاف الأميال في جنوب شرق آسيا يجري التحضير لمواجهة أخرى أشد خطورة لأنها لا تتعلق فقط بمعايير القوة العسكرية ولكنها تتعلق بمعايير الكبرياء القومي لدى كل من الولايات المتحدة والصين.
في يومي 23 و24 مارس أصدر جيش التحرير الوطني الصيني بيانين أفادا بأن البحرية الصينية قامت بطرد قطعة بحرية عسكرية أمريكية حاولت الإبحار من دون إذن عبر المياه الإقليمية في بحر الصين الجنوبي بالقرب من جزر شيشا Xisha ووصف البيان محاولات البحرية الأمريكية بأنها استفزاز متعمد وتصعيد في الاحتكاكات العسكرية مع الصين. وطبقا للبيان فإن المدمرة الأمريكية يو إس إس ميليوس Milius المزودة بصواريخ موجهة حاولت دخول المياه الإقليمية بصورة غير قانونية بما يهدد السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي فتصدت لها القطع البحرية الصينية وأنذرتها طبقا لما يقضي به القانون الدولي وطردتها في المرة الأولى يوم الخميس 23 مارس. لكن القطعة البحرية الأمريكية نفسها عادت إلى المنطقة في اليوم التالي محاولة الإبحار في المياه الصينية فأنذرتها البحرية الصينية وطاردتها إلى خارج المياه الإقليمية الصينية. ووصف البيان الصيني ما حدث بأنه محاولة صارخة لتصعيد الاستفزاز العسكري في بحر الصين الجنوبي بواسطة الولايات المتحدة. إن تحقيق انتصار عسكري لأي من الطرفين في الحرب الأوكرانية الحالية هو ضرب من المستحيل نظرا لطبيعة المرحلة التي يمر بها النظام العالمي التي تتسم بالاضطراب الشديد والتغير الحاد في موازين القوى.
*النهاية الكبرى
ومن ثم فإن الخسارة لكل من الطرفين مؤكدة حتى في حال استخدام الأسلحة النووية التي لن ينتج عنها غير دمار مؤكد متبادل mutual assured destruction أو اختصارا MAD طبقا لنظرية الردع الاستراتيجي. صحيح ان المواجهات العسكرية لا تجري مباشرة بين أكبر قوتين في العالم لكن الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للسلاح إلى أوكرانيا وهي تقوم مع دول الناتو بدور أساسي في تدريب قواتها وإمدادها بالخبراء العسكريين. كما أنها السند الرئيسي لها سياسيا واقتصاديا وعملياتيا. وتثبت واقعة إسقاط طائرة تجسس أمريكية فوق البحر الأسود بواسطة طائرات روسية في 14 مارس الحالي أن القوات الأمريكية متورطة في العمليات العسكرية بشكل مباشر. ومن المرجح أن الطائرات وأجهزة التجسس العسكري العملياتي الأمريكية تزود قيادة القوات الأوكرانية بمعلومات حساسة عن تسليح القوات الروسية وإمداداتها وتحركاتها وتوزيعها على أرض العمليات. الحرب لم تعد بالضرورة صداما ذا منشأ قومي ولا مواجهات عسكرية يخوضها بالضرورة جنود من البشر. وإذا كان لنا أن نرجح طرفا على آخر في الحرب الحالية من الناحية النظرية البحتة على أساس معايير كيفية وكمية فإن تقدم روسيا في ميدان الأسلحة الفرط صوتية يمنحها تفوقا نوعيا في مجال التسليح كما أن تفوقها العددي في كمية الأسلحة النووية التكتيكية يمنحها مزايا كمية إضافة إلى المزايا اللوجيستية الضخمة التي تتمتع بها روسيا في حرب تجري على حدودها. وقد شهدت الأسابيع الأخيرة منذ بداية العام الثاني للحرب عددا من التطورات المهمة تشير كلها إلى تصعيد الموقف على الجانبين: التطور الأول يتمثل في قرار الرئيس الروسي (22 فيفري) بشأن تعليق العمل بمعاهدة ستارت الثالثة للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية التي تنص على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30 في المئة والحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50 في المئة بالمقارنة مع المعاهدات السابقة. التطور الثاني هو إسقاط طائرة التجسس المسيرة الأكثر تطورا في الترسانة العسكرية الأمريكية إم كيو – 9 ريبر التي كانت تعمل طبقا للبيان الأمريكي في الأجواء الدولية فوق البحر الأسود. التطور الثالث هو بيان وزارة الدفاع البريطانية أمام مجلس اللوردات في 20 مارس بأنها تعتزم تزويد أوكرانيا بقذائف خارقة للدروع مصنوعة من اليورانيوم المنضب وهي مادة شديدة الكثافة مقارنة بالرصاص تتبقى من عمليات تخصيب اليورانيوم ويترتب على استخدامها احتمالات إشعاعية بمعدلات بطيئة طويلة المدى ضارة بالإنسان والبيئة. ومع ذلك فإنها ليست مصنفة ضمن الأسلحة النووية. وقالت البارونة أنابيل غولدي الوزيرة في وزارة الدفاع البريطانية إن هذه القذائف ستكون جزءا من تسليح صفقة دبابات تشالينجر-2 التي تعهدت بتقديمها إلى أوكرانيا ضمن اتفاق دول حلف الأطلنطي على تزويدها بدبابات حديثة. وبعد انتشار النبأ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه إذا حصلت أوكرانيا على هذه القذائف فإن بلاده سترد على ذلك لكنه ترك الرد غامضا ولم يحدد طبيعته. ومن المعروف أن روسيا هي الأخرى تمتلك قذائف خارقة للدروع مصنوعة من اليورانيوم المنضب. التطور الرابع هو إعلان بوتين في 25 مارس أنه يعتزم تحريك جزء من ترسانة روسيا النووية التكتيكية غربا إلى بيلاروسيا لإقامة توازن للردع النووي التكتيكي في مقابل الأسلحة النووية التكتيكية المنتشرة في أوروبا. وتحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 100 رأس نووي تكتيكي في 6 قواعد تنتشر في أوروبا بين هولندا وألمانيا في الجناح الشمالي الغربي من حلف شمال الأطلنطي إلى إيطاليا وتركيا في الجناح الجنوبي الشرقي للحلف. وقد أعلنت في اكتوبر الماضي أنها بصدد تزويدها قبل نهاية العام بنسخة من أحدث الأسلحة النووية التكتيكية طراز بي 61 – 12 وهي عبارة عن قنبلة يبلغ طولها 3.6 متر وتحمل رأسا نووية أقل قوة مقارنة بالعديد من الإصدارات السابقة لكنها أكثر دقة ويمكنها اختراق سطح الأرض.
هذه التطورات الأربعة التي وقعت في الأسابيع الأخيرة تحمل في طياتها رغبة متبادلة في مواصلة استراتيجية التصعيد العسكري. ومن المتوقع أن تشتد حدة المعارك في الأسابيع المقبلة مع اقتراب فصل الربيع ووصول المزيد من الأسلحة والذخائر إلى خطوط القتال وقد أكد وزير الخارجية الأمريكي في بيان أصدره يوم 20 من الشهر الحالي أن بلاده والدول ال50 الداعمة لأوكرانيا مستمرة في تقديم السلاح والدعم لها حتى توقف روسيا حربها من طرف واحد وقال في نهاية بيانه يمكن لروسيا وحدها أن تنهي حربها اليوم وإلى أن تفعل ذلك فإننا سوف نقف متّحدين مع أوكرانيا مهما استغرق الأمر من الوقت .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.