إحياء المولد النبوي الشريف مظاهر احتفائية مميزة عبر ربوع الوطن عاشت مختلف ولايات الوطن أجواء مميزة احتفاء بالمولد النبوي الشريف وطغت عليها مظاهر واحتفالات وإحياء عادات وتقاليد ضاربة في الأعماق إلى جانب مظاهر التكافل الاجتماعي التي زادت الأجواء فرحة وبهجة بمولد خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم. خ.نسيمة /ق.م أحيت الجزائر على غرار الأمة الإسلامية مناسبة المولد النبوي الشريف التي تحكمها أجواء روحية وإيمانية بالإضافة إلى ممارسة بعض العادات والطقوس التي بقيت راسخة عبر ولايات الوطن . عادات وتقاليد راسخة بجانت يحظى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المصادف ل12 من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية برمزية خاصة لدى ساكنة ولاية جانت الذين يحرصون على إحيائه بإقامة الشعائر الدينية عبر المساجد والزيارات العائلية التي تساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية. وتصدح مساجد ولاية جانت بالمدائح الدينية قبيل كل صلاة مع بداية شهر ربيع الأول وتستمر إلى غاية ال18 من الشهر ذاته حيث يجتمع المصلون في المسجد ليشكلوا حلقات للذكر واستذكار مآثر وخصال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وسياق ولادته وطفولته ونبوءته فضلا عن تنظيم مسابقات دينية في حفظ وترتيل القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. كما تمثل الزيارات العائلية وتبادل الأطباق سمة بارزة في هذه المناسبة حيث يحرص سكان جانت على المحافظة عليها في كل مناسبة دينية بغرض ترسيخ القيم والروابط بين الأهل والأقارب. وفي هذا الصدد أشارت حليمة عوامري (ربة بيت) أن المرأة الجانتية تحضر الأطباق التقليدية وتبادلها مع الجيران في صورة تبرز مدى التماسك الاجتماعي والتضامن بين سكان الحي الواحد وتيمنا بتوصيات الرسول الكريم في هذا الشأن. ومن جانبه ذكر الشيخ مصطفى شالعلي إمام بمسجد علي بن أبي طالب بحي الميهان بوسط مدينة جانت أن هذه المناسبة تعد فرصة لإحياء الروابط العائلية وتلقي التهاني وتبادل الزيارات بالإضافة إلى توزيع الطعام على الفقراء وتكثيف النشاط الخيري. ويعد المولد النبوي مناسبة لممارسة لعبة تكتشيت أو تكريكرة التقليدية التي تجمع فريقين من قاطني الجهة الشمالية والجهة الجنوبية للقصر الواحد بمدينة جانت حيث يستمتع اللاعبون بتمرير كرة صغيرة فيما بينهم مصنوعة من جلد الإبل وتلف بسعف النخيل بواسطة قضيب خشبي كما أوضح لوكالة الانباء الجزائرية المهتم بتراث المنطقة والكاتب ورئيس جمعية قصر الميزان تيغورفيت الثقافية عثمان بالنقاس. ودأب سكان القصور الثلاث ممارسة هذه اللعبة التقليدية منذ القدم في الثامن عشر من شهر ربيع الأول الذي يصادف اليوم السابع من ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يسمى محليا بيوم التسمية وفق ذات المتحدث. المنارة .. احتفال شعبي مميز بشرشال تعيش مدينة شرشال أجواء متميزة في ذكرى المولد النبوي الشريف أبرزها الاحتفال الشعبي الجماعي بالمناسبة من خلال عادة المنارة التي بقيت راسخة في الضمير الجماعي لساكنة هذه المدينة منذ قرون. و تستقبل شرشال العريقة موعد ذكرى مولد سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم) على طريقتها الخاصة والمميزة ويبرز ذلك جليا في شوارع وأزقة وأسواق المدينة التي تتزين ب المنارة وينشر الباعة من جهتهم أجود عروض أطباق المكسرات والحلويات التقليدية. و يؤكد المهتم بتاريخ وثقافة المنطقة أمحمد هواورة التمسك الوثيق لسكان هذه البلدية بعادة المنارة التي يمتزج فيها الطابع الديني للذكرى والطابع الشعبي والثقافي لمظاهر الاحتفالات التي يشكل فيها الأطفال نواة المنارة واستمرارها. وتصنع المنارة التي يحملها الأطفال ويجوبون بها شوارع المدينة أو عبر أحيائها وأزقتها من الخشب على شكل صومعة بأشكال هندسية مستوحاة من الهندسة المعمارية الإسلامية يبدع فيها صناعها في تزيينها ويتم لفها بأطراف من القماش المزركش بهلال ونجمة باللونين الأبيض والأخضر رمزا للإسلام. و يكمن سر تمسك سكان شرشال بعادة المنارة في ارتباطهم الوثيق بمدينتهم والتزامهم الدؤوب بالدفاع عن تاريخها وتراثها وموروثها اللامادي الضارب في أعماق تاريخها العريق كما جاء في حديث السيد هواورة. وعرفت صناعة المنارة مع التطورات الحاصلة تعديلات شملت أساسا الوسائل المستعملة على غرار اسطوانة من الحديد عوض الخشب أو المؤثرات الضوئية بدلا من الشموع وهي تعديلات لم تضر بجوهر العادة كما أكد نفس المتحدث لوأج مبرزا أن اللونين الأبيض والأخضر وشكل الصومعة والإنارة يشكلون أساسيات عادة المنارة . وبما أن الأطفال يشكلون العنصر الاساسي للاحتفال بالمنارة فذلك يضمن استمرارية العادة وتوريثها من جيل لآخر علما بأنّ سكان مدينة شرشال قاوموا بقوة محاولات الاستعمار الفرنسي اليائسة بمنع مظاهر هذه الاحتفالات وبالتالي طمسها. وأشار الباحث في تاريخ وتراث المنطقة أن مدينة شرشال قديما كانت تستعد للاحتفالات ثلاثة أشهر قبل موعد المولد النبوي يجتمع سكان المدينة المكلفون بتنظيم مهرجان المنارة بمقر الكشافة الإسلامية ويتم الإعداد لها وفق برنامج دقيق يبدأ بجمع الأموال التي يتبرع بها سكان المدينة لصناعة منارة كبيرة الحجم وتحضير الحلويات التقليدية والمشروبات. وعند ليلة الاحتفال بالذكرى تعج شوارع مدينة شرشال بالعائلات والأطفال الصغار للمشاركة في الاحتفال الذي ينظم على شكل موكب تحمل خلاله المنارة على أكتاف مواطنين يمرون بها عبر الشوارع العريقة للمدينة مشيا على الإقدام تصاحبها في ذلك التهاليل والمدائح الدينية الشعبية. و تحط المنارة بالساحة العريقة المطلة على الميناء أين توزع الحلويات والمشروبات وتواصل فرق المدائح في التهليل والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم). ويتم بعد ذلك نقل المنارة على متن قارب صيد لتشق طريقها وسط البحر ويشرع المواطنون في الأدعية بسنة خير وهناء للجميع قبل أن تتوارى المنارة كليا عن الأنظار لتطلق النساء زغاريد إيذانا بختام الاحتفال. إحياء الموروث الثقافي بالمغير يشكل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المصادف ل 12 من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية مناسبة لإحياء الموروث الثقافي الذي تتميز به ولاية المغير وفرصة لتعزيز أواصر التكافل والتضامن بين مختلف شرائح المجتمع. ويحرص سكان المغير على الاحتفال بمولد خير الأنام بإقامة شعائر دينية وعادات وتقاليد مازالت راسخة على غرار حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم عبر جميع المساجد وتكريم حفظة كتاب الله والحديث الشريف إلى جانب ختان الأطفال وإخراج الصدقات لفائدة المعوزين مثلما أوضح لوكالة الانباء الجزائرية علي شطي رئيس الجمعية الولائية لمسة الثقافية. وبهذه المناسبة تقوم ربات البيوت بصناعة حلوى الرفيس و الطمينة التي تزينها ببعض المكسرات بالإضافة إلى إشعال الشموع في كل زوايا المنزل ونثر البخور ليصنعن بذلك أجواء خاصة غامرة بالسعادة وفرحة الأطفال استنادا لنفس المتحدث. وأردف قائلا أن احتفالات المولد النبوي تتميز أيضا بتحضير مختلف الأكلات التقليدية مثل الشخشوخة و الكسرة ودشيشة لمأدبة عشاء ليلة المولد النبوي التي تجتمع عليها العائلات المغيرية مشيرا إلى أن جلسات السمر العائلي التي لا تحلو إلا بارتشاف الشاي تتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل. و في صبيحة يوم الاحتفال بالمولد النبوي تصنع النسوة خبز الدار أو الكسرة لتوزع على المارة أمام المنازل كما يتزين الأطفال باللباس التقليدي لحضور مراسم الختان الذي يفضل العديد من العائلات القيام بها بالطريقة التقليدية التي تتم بإشراف الشيخ المكلف بهذه العملية بحضور أهل الطفل كوالده وأعمامه وأخواله وهم يذكرون الله ويصلون على نبيه الكريم في حين تستقبله النسوة بالزغاريد وأغاني خاصة بالمناسبة يتخللها إطلاق عيارات من البارود مثلما جرى شرحه. و يفضل سكان ولاية المغير عبر مختلف مناطقها على غرار جامعة والمرارة وسيدي خليل وسيدي عمران واسطيل وأم الطيور تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب حيث يعد الاحتفال بذكرى مولد خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فرصة لصلة الرحم ولم الشمل وإصلاح ذات البين وتصافي النفوس كما أشير إليه.