عطّاف يلتقي عبد العاطي    أوّل جلسة لبرلمان الطفل    فتح استثنائي لقبّاضات الضرائب    بوابة رقمية جديدة    عبدلي يعوّض عوّار    الكان على التلفزيون الجزائري    50 % من المتعاملين في إنتاج السلع والخدمات هم في 10 ولايات    خنشلة : عملية تحسيسية تزامنا و التقلبات الجوية    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    الاستلاب الحضاري المتواصل..!؟    المدينة الجديدة بالمنيعة.. مشروع عمراني ذكي برؤية تنموية متكاملة وآفاق استثمارية واعدة    بومرداس: مخطط تنموي متكامل لعصرنة المدينة وتحسين الإطار المعيشي    الجزائر وتنزانيا تعززان التعاون الاقتصادي في مجالات الصناعة والنقل والسياحة والطاقة    نحو تعزيز إنتاج الأفلام وترقية الابتكار الشبابي.. وزيرة الثقافة والفنون تعقد لقاءات تشاركية مع صنّاع السينما    الأسرة السينمائية أمام إطار قانوني متكامل واضح المعالم : صدور النصوص التطبيقية المتعلقة بدعم الصناعة السينمائية    المجلس الشعبي الوطني يناقش غدًا مقترحي قانون تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية    الصالون الوطني التاسع للفلاحة الصحراوية "أقروسوف" بالوادي : ابراز أهمية المرافقة التقنية في تحقيق منتوج قابل للتصدير    الجزائر- تشاد : توقيع محضر محادثات لتعزيز التعاون في مجالي المحروقات والمناجم    تعزيز التعاون الأمني والهجرة غير الشرعية محور لقاء جزائري–إثيوبي    كيف تعمل مراكز النصب السيبراني الآسيوية؟    الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي ضرورة للأمن القومي العربي    الوزير الأول يشرف على مراسم توزيع جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة العربية في طبعتها الأولى    تلاعب بأوامر الروبوتات يحوّلها لسلاح قاتل!    التحوّل الرقمي على طاولة الحكومة    لا تراجع عن صرف منحة السفر    الجزائر تترقب مواجهة الثأر أمام النمسا    ندوة علمية حول موقع اللغة العربية    مرسوم إنشاء فريق عمل جزائري إيطالي    أمطار مرتقبة في عدة ولايات من البلاد    تيسير عملية اقتناء حافلات جديدة للنقل    ندوة دولية حول "إرساء مراكز الامتياز في التكوين المهني"    فاعل محوري في صياغة الرؤية الإفريقية للأمن الجماعي    ضرورة إيداع طلبات منح التقاعد عن بُعد مطلع 2026    الكيان الصهيوني يستفيد من نظام عالمي لا يعترف إلا بالقوة    تحقيقات واسعة حول عمليات استيراد وتوزيع العجلات    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    الجزائر تؤكد دعمها للصومال وجهود إحلال السلام    دعوة ملحة لإعادة إعمار غزّة    توقيع اتفاقية شراكة مع اتحاد إذاعات الدول العربية    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    إنه العلي ..عالم الغيب والشهادة    محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإسلام    اليوم العالمي لمناهضة الاحتلال:دعوة بباريس لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    الاحتلال ارتكب 813 خرقا لسريان اتفاق وقف النار : قصف إسرائيلي متفرق وتوغل محدود شرق دير البلح    واقعية ترامب    قرار أممي لفائدة فلسطين    "رُقْية" يدخل قاعات السينما ابتداء من 22 ديسمبر    بودربلة في مهمة تعبيد الطريق نحو أولمبياد ميلانو    هذا برنامج تحضيرات "الخضر" قبل السفر للمشاركة في "الكان"    كأس إفريقيا فرصة إيلان قبال للانتقال إلى نادٍ كبير    منصة لاكتشاف تجارب سينمائية شابة    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قالها المغولي ويقولها نتنياهو.. والدهشة مستمرة!
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 09 - 2025


بقلم: هشام الحمامي
روى ابن الأثير (ت: 1233م) في كتابه الشهير الكامل في التاريخ ما سمعه مباشرة ممن كُتبت لهم النجاة من هجمات المغول الوحشية على عالم الإسلام من سنة 1216م فيقول: كان المغولي يدخل القرية بمفرده وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ بقتلهم واحدا تلو الآخر ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو بدفاع!
وأخذ مغولي رجلا من المسلمين ولم يكن مع المغولي ما يقتله به فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح فوضع رأسه على الأرض ومضى المغولي فأحضر سيفا ثم قتله!
ويحكي رجل من المسلمين فيقول: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلا في طريق فجاءنا فارس واحد من المغول وأمرنا أن يقيد بعضنا بعضا فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم فقلت لهم: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب؟ فقالوا: نخاف فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله فلعل الله يخلصنا فوالله ما جسر أحد أن يفعل ذلك فأخذت سكينا وقتلته وهربنا فنجونا.. وأمثال هذا كثير!
المدهش أن كل هذا يجرى في سياق وسباق تاريخي محموم يعمل فيه الغرب الصهيوني بكل الحيل والضغوطات لنزع فكرة المقاومة وليس فقط لنزع سلاح المقاومة
*التاريخ يعيد نفسه
هذه الأحداث مر عليها أكثر من 800 سنة وهي تصف فترة عصيبة في تاريخ الإسلام والمسلمين وبلغ مما أحدثته في نفوس الناس ما رواه لنا هذا المؤرخ الموثوق المعروف والذي صاحب صلاح الدين رحمه الله (ت: 1193م) في حروبه. وهي بالتأكيد تصيب الإنسان بالدهشة عند قراءتها إلى حد التشكك في حدوثها.. لكن الأجواء العامة المصاحبة لتلك الأحداث في زمنها تشير إلى أنها أقرب ما تكون إلى الحقيقة.
وليس أدل على ذلك مما قاله رئيس حكومة الدولة الصهيونية يوم 13 اوت الجاري في لقاء مع قناة آي 24 : إنني في مهمة تاريخية وروحانية وأنا مرتبط عاطفيا برؤية إسرائيل الكبرى .. ولم يشعر أحد أن هناك خطرا يقترب منه يوما بعد يوم.
نتنياهو قال ذلك بكل جدية وصرامة في لقاء مع المذيع شارون جاليانو (51 سنة) وهو يمسك بخريطة ل إسرائيل الكبرى تضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا ومصر (من النيل للفرات)/ حيث أكد موافقته جدا على هذه الرؤية بشدة وقال جدا مرتين..
اللقاء كله تم ترتيبه قصدا ليقول فيه نتنياهو هذه الجملة التي كان يتحاشا قولها صراحة رغم أن أهم وزيرين في حكومته يقولانها ويطبقانها على الأرض في حدود المتاح تطبيقه حتى الآن (الضفة وغزة)! والبقية (لا قدر الله) تأتي المسألة مسألة وقت وهو بالضبط يقارب الوقت الذي ذهب فيه المغولي ليحضر سيفا يقطع به رأس المسكين الذي ينتظره.
*سباق تاريخي محموم
جامعة الدول العربية والعديد من الدول العربية أدانت ب أشد العبارات تصريحات نتنياهو ووصفتها بأنها تهدد السلام الدولي وتخالف القانون وميثاق الأمم المتحدة..!!
حركة حماس طلبت من الدول العربية اتخاذ موقف واضح من تصريحات نتنياهو يشمل قطع العلاقات وسحب السفراء ووقف التطبيع والتوحد خلف خيار مواجهة الاحتلال (المقاومة).
المدهش أن كل هذا يجرى في سياق وسباق تاريخي محموم يعمل فيه الغرب الصهيوني بكل الحيل والضغوطات لنزع فكرة المقاومة وليس فقط لنزع سلاح المقاومة حتى يكون الجميع في المنطقة مثل المسكين الذي انتظر المغولي ليحضر سيفه.
والأكثر دهشة حقيقة هو التزامن العجيب في طرح كل هذا وعلى العلن وبكل ما يملكه المتبجح من بجاحة والصفيق من صفاقة وإصرار غير مفهوم على فتح الملفات كلها في وقت واحد في حالة من الثقة تشبه حالة المغولي في تأكده من أن المسكين فعلا سينتظره.
في لبنان يريدون محو أبهى صفحات تاريخه الحديث وبشهادة الجميع المقاومة .. من اليوم الأول للغزو سنة 1982م وحتى إعلان الاحتلال الصهيوني عام 2000م خروجه أو فراره..
هذا غدر صريح..! وإذا كانت هناك أخطاء في مدارات السياسة والمواقف الحزبية والطائفية فهذا ليس جديدا على لبنان واعتاد الناس فيه على العيش المشترك في البيت الذي نتخاصم فيه ونصطلح أما أن يأتي أسوأ الناس ليقفوا بكل هذه الغطرسة يهددون وينذرون بالخطط ألف وباء فهذا ليس سلاما إقليميا للمنطقة كما أنه ليس ترتيبا سياسيا للبلد الذي عانى من التمزق والاحتراب ما لا يُنسى.. هذا تهديد سافر بوقاحة سافرة.
* * *
ستزول الدهشة قليلا حين نعرف أن القصة كلها تبدأ ب أمن الدولة الصهيونية وتنتهي ب سيطرة الدولة الصهيونية.
هذا ما صرح به توم باراك (78 سنة) نصا حيث قال: بعد 7 أكتوبر في نظر إسرائيل هذه الخطوط والحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو لا معنى لها سيذهبون حيثما يشاؤون وقتما يشاؤون ويفعلون ما يشاؤون لحماية الإسرائيليين .
السيناتور ليندسي جراهام (70 سنة) جاء ليقول من قلب بيروت: حان الوقت لرحيل حزب الله! دون أي مواربة في القول!
وزير الدفاع الإسرائيلي قال صراحة إن دولته لن تنسحب من التلال الخمس في لبنان وأنهم سيبقون فيما سماه المناطق الأمنية في غزة وسوريا ولبنان.
لم تخرج الدولة الصهيونية من لبنان (2000م) إلا بضغط المقاومة.. ولم تخرج الدولة الصهيونية من غزة (2005م) إلا بضغط المقاومة.. في الأولى مكثت 18 سنة وفى الثانية مكثت 38 سنة (من 5 جوان 1967).
ما جعل الأمر لديهم الآن بهذه الهسترة والشراسة الصريحة حدثان بالغا الأهمية وسيترتب على صمودهما ونجاحهما مستقبل الشرق الأوسط بأكمله:
الحدث الأول: طوفان الأقصى بكل ما مثله من قوة وصمود وصبر وقدرة.. ولا زال. والغرب الصهيوني ينظر لذاك الحدث نظرة تاريخية واسعة تملؤه قلقا فأنت أمام متلازمة لطالما عملوا على منع أي ظرف يسمح بتمكينها على الأرض: الإيمان الإسلامي و الإعداد المتقن .
الفشل الغربي الصهيوني في تحقيق أي هدف يريدونه في غزة هو فشل استراتيجي بامتياز للمشروع الصهيوني/الغربي في الشرق بأكمله.. رغم كل الجراح والآلام من القتل بالتجويع والحصار إلى القتل بالهدم والنار
هذا ما قاله نصا اللواء (احتياط) جيرشون هكوهين الرجل العتيق في الحرب والسياسة والثقافة والباحث في مركز بيجين/السادات للسلام.. قال في جريدة إسرائيل اليوم في 25 جويلية الماضي: حماس بقوة مقاومتها تطرح على دولة إسرائيل تهديدا لا ينبع من حسابات قوتها العسكرية أمام الجيش الإسرائيلي بل من الرمز الذي تمثله للعالم الإسلامي بإيمانها وقوة صمودها..
*الفشل الغربي الصهيوني
الحدث الثاني: التحالف السوري التركي وهذا هو امتحان الغرب الصهيوني الأصعب على الإطلاق لأن مجالات الحركة والمناورة حوله ومعه تضيق يوما بعد يوم.. والزمن ومنطق التاريخ فيه يسير لصالح الدولة الجديدة في سوريا بلا أدنى شك وهذه ما يعيه الطرفان ويفسر لنا الهدوء الاستراتيجي الذي تتحرك به سوريا وتركيا من جانب والهوس والعربدة من الجانب الآخر.
الفشل الغربي/ الصهيوني في تحقيق أي هدف يريدونه في غزة هو فشل استراتيجي بامتياز للمشروع الصهيوني/الغربي في الشرق بأكمله.. رغم كل الجراح والآلام من القتل بالتجويع والحصار إلى القتل بالهدم والنار.
وعلينا أن نعلم جميعا أن الصمود الأسطوري في غزة هو الحصن الحصين من العربدة الصهيونية في المنطقة كلها وهو تمزيق علني وعملي لخريطة الأوهام التي خرج بها نتنياهو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.