عواقب نفسية وصحية خطيرة هذه مخاطر منح الهواتف الذكية للأطفال في سن مبكرة
بات الهاتف النقال لدى بعض الأولياء وسيلة للتخلص من شغب الأطفال وسبيلا لتحقيق انزواء الطفل في ركن من أركان البيت والمكوث أمام شاشة الهاتف لساعات طوال حتى تغيب حركته وصوته عن البيت وهو هدف الأولياء من ذلك متغاضين عن المخاطر التي تنجم عن هذه العادة من جميع النواحي السلوكية والنفسية والصحية. نسيمة خباجة أضحى التغلغل إلى مختلف الفضاءات الرقمية عادة لدى الصغار والكبار معا ويكون الأمر خطيرا أكثر على صغار السن من عمر 5 و6 سنوات او حتى أقل إلا أن تلك الظواهر باتت تحدث أمام أعين الأولياء فالأهم لدى بعضهم هو التخلص من شغب الأطفال وتمرّدهم وضمان سكونهم ومكوثهم في زاوية من البيت لوقت طويل لتقوم الأم بأشغال البيت دون تعطيل من الطفل متغاضية عن مخاطر السلوك الذي قد يهدم مستقبله في ظل المخاطر المتربصة به من كل ناحية في عالم افتراضي مشبوه. عواقب صحية وعقلية في وقت بات الهاتف الذكي وسيلة ضرورية وأداة أساسية ليس من السهل معرفة متى وكيف يسمح للأطفال بالبدء في استخدام واحد منها حيث تتفق معظم الدراسات على أن استخدام الأطفال للهواتف الذكية بشكل مبكر جدا أمر غير صحي وقد يؤثر عليهم مستقبلا. ووجدت دراسة جديدة حجة تُعزّز تأجيل ذلك حين توصلت إلى أن الأطفال الذين امتلكوا هاتفاً ذكياً قبل سن 12 عاماً كانوا أكثر عُرضة للاكتئاب والسمنة وقلة النوم مقارنة بمن لم يمتلكوه بعد. وحلل الباحثون بيانات أكثر من 10500 طفل شاركوا في دراسة التطور المعرفي لدماغ المراهقين وهي أكبر دراسة طويلة المدى لتطور دماغ الأطفال في الولاياتالمتحدة حتى الآن حسب ما أفادت به صحيفة نيويورك تايمز . ووجدت الدراسة أنه كلما كان عمر الأطفال دون ال12 عاماً عند حصولهم على هواتفهم الذكية لأول مرة زاد خطر إصابتهم بالسمنة وقلة النوم وركز الباحثون أيضاً على مجموعة فرعية من الأطفال الذين لم يحصلوا على هاتف في سن الثانية عشرة ووجدوا أنه بعد مرور عام كان لدى أولئك الذين حصلوا على هاتف أعراض صحية عقلية أكثر ضررا ونوم أسوأ من أولئك الذين لم يحصلوا عليه. وبهذا الشأن أوضح الدكتور ران بارزيلاي المؤلف الرئيسي للدراسة وطبيب نفسي للأطفال والمراهقين في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا: عندما تعطي لطفلك هاتفاً عليك أن تفكر فيه على أنه شيء مهم لصحة الطفل وأن تتصرف وفقاً لذلك . آثار عميقة على المراهقين تُظهر الدراسة الجديدة ارتباطاً فقط بين الحصول على هاتف ذكي في مرحلة مبكرة من المراهقة وتدهور الصحة وليس علاقة السبب والنتيجة لكن الباحثين يشيرون إلى دراسات سابقة أظهرت أن الشباب الذين يمتلكون هواتف ذكية قد يقضون وقتاً أقل في التواصل الاجتماعي وممارسة الرياضة والنوم وكلها أمور ضرورية للصحة. كما يشيرون إلى أن المراهقة فترة حساسة حيث يمكن حتى للتغييرات البسيطة في النوم أو الصحة النفسية أن تُحدث آثاراً عميقة ودائمة. ويقول الدكتور بارزيلاي إن الغرض من الدراسة ليس إحراج الآباء الذين سبق لهم منح أطفالهم أجهزة. وهو واقعي بشأن مدى ترسخ الهواتف الذكية في مرحلة المراهقة وأضاف أن الخلاصة هي أن العمر عامل مهم. وأردف: الطفل في سن 12 عاماً يختلف تماماً عن طفل في سن 16 عاماً. الأمر ليس كشخص بالغ في سن 42 عاماً مقابل شخص بالغ في سن 46 عاماً . وفي سياق متصل حذَّرت جاكلين نيسي الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والسلوك البشري بجامعة براون وكاتبة النشرة الإخبارية تكنو سابينس حول تربية الأبناء في العصر الرقمي من أن الدراسة الجديدة لا يمكنها إثبات أن الهواتف الذكية تسبب ضرراً مباشراً. وتتابع: من الصعب للغاية إن لم يكن من المستحيل الحصول على هذا النوع من الأدلة السببية حول هذا الموضوع مع أن النتائج قد تدفع الآباء إلى تأجيل إعطاء أطفالهم هواتف ذكية قدر الإمكان وتتابع الدكتورة نيسي: لا يحتاج مقدمو الرعاية إلى انتظار أدلة دامغة لاتخاذ مثل هذه القرارات . وأضافت أنه ينبغي أن يشعروا بالقدرة على الثقة بحدسهم وأن يتريثوا في إعطاء أطفالهم هواتف ذكية حتى يصبح الجميع مستعدين بمن فيهم الآباء والأمهات الذين يتعين عليهم بذل جهد شاق لوضع الحماية والحدود. وأضافت: إن إعطاء الطفل جهازاً يمكنه الوصول إلى كل شيء على الإنترنت سيكون محفوفاً بالمخاطر . حرمان من النوم وعلى الرغم من أن الباحثين قد يستمرون في الجدل حول الآثار السلبية للهواتف الذكية على الأطفال فإنّ معظمهم يميلون إلى الاتفاق على أن هذه الأجهزة يمكن أن تمنع الأطفال من الحصول على النوم الذي يحتاجون إليه. وأشار الدكتور جيسون ناجاتا طبيب الأطفال في جامعة كاليفورنيا إلى دراسة أجراها عام 2023 باستخدام عينة من التطور المعرفي لدماغ المراهقين والتي وجدت أن 63 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و12 عاماً أفادوا بوجود جهاز إلكتروني في غرف نومهم. وقال ما يقرب من 17 إنهم استيقظوا بسبب إشعارات الهاتف في الأسبوع الماضي وعليه ينصح الدكتور ناجاتا بإخراج الهواتف من غرفة النوم ليلاً للتخفيف من بعض الآثار الصحية السلبية المرتبطة بالهواتف الذكية حتى لو كان الآباء قد أعطوا أطفالهم جهازاً بالفعل . وبذلك أصبحت الهواتف النقالة بمثابة البعبع الذي يهدد الأطفال في صحتهم وعقلهم وسلوكاتهم ومهما علّل البعض الأمر باستعمالها في بعض الأمور الإيجابية والبحوث الدراسية لا تلغي الغاية المساوىء العديدة التي تهدّد الأطفال وتدمّر شخصيتهم ونموّهم الادراكي بحيث يتحوّل الطفل إلى شبه آلة تستقبل كل شيء دون انتقاء الجيد من السيء ما يهدد تنشئة الأطفال.