قسنطينة : جثمان طوبال رمال يوارى الثرى بمقبرة عين سمارة    وزير النقل يترأس اجتماعا تنسيقيا حول التحضيرات لمعرض التجارة البينية الإفريقية    السيد شرفة يشرف من بجاية على إطلاق الحملة الوطنية لجني دوار الشمس    القضية الصحراوية حققت عدة مكاسب قضائية وقانونية في موضوع نهب ثرواتها    وزارة الصحة تعلن عن فتح التسجيلات : مسابقة لتوظيف رتبة مساعدي التمريض للصحة العمومية    صحة غزة: ارتفاع شهداء التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    الأفلان يجدد التأكيد على دعم كفاح الشعب الصحراوي    خيار مثير بيد بيتكوفيتش ينهي أزمة حراس المرمى    الجولة الثانية من كأس أمم إفريقيا للمحليين 2025 : "الخضر" يرغبون في تجاوز جنوب إفريقيا والبقاء في الريادة    وهران.. استفادة قرابة 2500 عاملة من نفقات التعويض اليومي لعطلة الأمومة    ملتقى الأدب الشعبي في عصر الذكاء الاصطناعي : رؤى جديدة حول كيفية دمج التقنيات الحديثة في صون الذاكرة الثقافية الوطنية    الطبعة السابعة تحت شعار "القفطان الجزائري، تراث على مقاس الهوية" الاعلان عن مسابقة قفطان التحدي 2025 : بالمهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري    بومرداس : جماليات التراث ووحدة الثقافة    الديوان الوطني للحج والعمرة:مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    جمعية "أكنوا" تكرم رئيس الجمهورية بالميدالية الذهبية تقديراً لنجاح الألعاب الإفريقية المدرسية الأولى    زيتوني يشرف على اجتماع تقييمي لضمان استقرار السوق خلال الصيف والدخول الاجتماعي المقبل    اليونيسف تشيد بتمديد عطلة الأمومة في الجزائر: خطوة لتعزيز الرضاعة الطبيعية ودعم الطفولة المبكرة    وزير الداخلية يتنقل إلى جيجل للوقوف على فاجعة سقوط طائرة الحماية المدنية    معسكر: جثمان المجاهد أحمد كاري يوارى الثرى    سفيان شايب يبرز من تركمنستان دعم الجزائر للدول الإفريقية غير الساحلية    دعوة للمؤسسات الجزائرية للمشاركة في الدورة ال62 لمعرض دمشق الدولي    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    سباحة/سباق "عبور خليج الجزائر" : 350 مشارك في تظاهرة رياضية وترفيهية ذات طابع سياحي    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    الجيش الوطني الشعبي: إحباط محاولات إدخال أزيد من 4 قناطير من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب خلال أسبوع    صناعة السيارات: فتح باب الترشح أمام الكفاءات الجزائرية لإنشاء مجلس للخبرات الوطنية    وزارة الصحة تُحذّر من التسمّمات الغذائية    عقود توظيف تنتظر 40 ألف طالب جديد    الجزائر تعتز بعلاقاتها العريقة مع قطر    استلام ما تبقّى من المشروع نهاية سنة 2026    ارتفاع كبير في أسهم بورصة الجزائر    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    المغرب يمعن في حملات التضليل الإعلامي    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    الإعلام الغربي والإبادة: مسألة فيها نظر    عائلات تُعجّل خرجاتها قبل العودة إلى المدارس    شاهد على مجاعة غزّة    آلة المخزن الدعائية تتعطّل ودبلوماسيته تغرق    تحركات حثيثة لإنجاح الدخول الجامعي المقبل    التعاونيات المهنية توسّع تنظيمها    توقُّع إنتاج 4.5 ملايين قنطار من العنب ببومرداس    فيغولي ينضم لناد عراقي وأبطال "كان 2019" يرفضون الاعتزال    جمعية بنمية ترفض مشاركة المغرب في المعرض الدولي للكتاب    "الكتاب رفيقي وصديقي"بالصابلات    صيف ملتهب بأحداث الذاكرة    أطفال الجمهورية الصحراوية يزورون متحف "هيبون"    التحاق 50 ألف تلميذ بالمدارس القرآنية    حملة للوقاية من أشعة الشمس    هكذا تفتك ألوان الحلويات والمشروبات بصحتنا    بن ناصر يحضّر خطة للانتقال إلى أولمبيك مرسيليا    أمين شياخة يرفض الرحيل ويؤكد بقاءه في الدنمارك    الدورة الخامسة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي من 24 إلى 30 سبتمبر المقبل    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربات قوية لنظام الأسد
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 08 - 2012


بقلم: عبد الباري عطوان
لا نعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد سينعم بنوم هادئ في الأيام القليلة المقبلة بعد انشقاق رئيس وزرائه رياض حجاب وهروبه إلى الأردن للانضمام إلى رهط من المنشقين السياسيين والعسكريين، يتوزعون في عواصم عربية وأجنبية عديدة ويشاركون المعارضة في التخطيط لإطاحة نظامه.
المتحدثون باسم النظام كانوا يتباهون، وحتى الأمس القريب بأن النظام قوي ومتماسك، بدليل مؤشرين أساسيين: الأول هو عدم حدوث انشقاقات كبرى في صفوف المؤسستين السياسية والعسكرية، والثاني استمرار العاصمتين السياسية (دمشق) والتجارية (حلب) في الولاء للنظام، ولكن توالي انشقاقات السفراء وأخيرا رئيس الوزراء، ووصول هجمات الجيش السوري الحر وقوات المعارضة إلى قلب المدينتين الكبريين، حرم هؤلاء المتحدثين من هاتين الورقتين الأساسيتين.
انشقاق الدكتور حجاب يختلف كثيرا عن كل الانشقاقات السابقة لسبب بسيط وهو أن الرجل جرى اختياره في منصبه الجديد بعد انتخابات برلمانية من المفترض أن تعكس إصلاحات سياسية تؤسس لمرحلة جديدة في سورية، وكأن الرئيس بشار يريد أن يقول للشعب السوري الموالي منه والمعارض، إنه اختار رئيس وزراء مختلفا من حيث كونه من التكنوقراط نظيف اليد واللسان، يتمتع بخلفية عشائرية قوية (دير الزور) وشعبية كونها من خلال توليه مناصب عديدة كمحافظ للقنيطرة وبعدها اللاذقية، أي أنه يؤرخ لمرحلة جديدة.
الدكتور حجاب كان اختيار الرئيس بشار نفسه وليس الأجهزة الأمنية، ليكون الواجهة السياسية الجديدة والحضارية للنظام، ولكنها واجهة لم تعمر إلا شهرين وانهارت بكاملها بانشقاقه.
إنه اختراق كبير، اختراق مزدوج، سياسي وأمني في الوقت نفسه، كشف عن اتساع الشروخ في الدائرة الضيقة للنظام، مثلما كشف عن اختراقات أمنية أكبر من المفترض أن لا تتم بعد انشقاق حيتان عسكرية وسياسية كبيرة، مثل العميد مناف طلاس، والسفير نواف الفارس، واغتيال أربعة من أبرز أعضاء الخلية الأمنية قبل أسبوعين، وهم وزير الدفاع ونائبه (صهر الرئيس) ورئيس الأمن القومي وخلية الأزمة.
' ' '
هذا الاختراق المزدوج الأمني والسياسي ربما يكون ناجما عن أربعة أمور رئيسية:
الأول: أن تكون المؤسسة الأمنية قد أرهقت، وبالتالي ترهلت، وفقدت هيبتها وحماسها، ولم تعد قادرة على ممارسة دورها الترهيبي الذي عرفت به.
الثاني: انفضاض بعض العشائر والمخزون السياسي البعثي والمدني الذي كان يستند إليه النظام، وخاصة الطبقة الوسطى ومكوناتها الاقتصادية والأكاديمية والحزبية.
الثالث: نجاح خطاب المعارضة السياسي والدعائي المدعوم بآلة إعلامية فضائية جبارة في هز الثقة بالنظام من خلال الطرق المتواصل بقرب نهايته.
الرابع: الإغراءات الهائلة بالمناصب المستقبلية، وكثافة العمل الاستخباري الأجنبي، ووصول المعدات الأمريكية التقنية المتقدمة في مجال الاتصالات خاصة (هواتف ذكية) يصعب رصدها أو مراقبتها، إلى أطراف في المعارضة سهلت عمليات الانشقاق هذه.
الأمر المؤكد أن الخناق يضيق على نظام الرئيس الأسد وأن الهجمة لإطاحته بدأت تعطي بعض ثمارها من حيث تقويضه من الداخل، وقصقصة أجنحته السياسية بالدرجة الأولى والعسكرية بالدرجة الثانية.
ولكننا قد نختلف مع التقويمات السابقة لأوانها، والأمريكية خاصة، التي تعتبر انشقاق الدكتور حجاب كمؤشر على فقدان النظام سيطرته.
النظام السوري نظام عسكري أمني بالدرجة الأولى، يستمد شرعيته ويدين بوجوده إلى شراسة المؤسستين الأمنية والعسكرية، بينما توفر المؤسسة السياسية غطاء شفافا وخفيفا للغاية ليس له أي قيمة. فحزب البعث كان مجرد ديكور هش ليس له أي علاقة بالحكم ومفاصله الرئيسية.
مجلس الوزراء كان وما زال عبارة عن (مجلس بلدي) مكبر يتولى إدارة شؤون الخدمات، وتنفيذ الإملاءات الأمنية والعسكرية. أما الوزارة الحقيقية الموازية التي تدير شؤون البلاد، وترسم السياسات الاقتصادية والأمنية فموجودة في القصر الجمهوري ومؤسسته الأمنية على وجه الخصوص.
وبهذا المعنى فإن انشقاق وزير أو سفير أو حتى رئيس وزراء سيكون تأثيره معنويا ونفسيا، وإن كان هذا التأثير بالغ الأهمية ولا يمكن، بل لا يجب التقليل من شأنه، فالحرب النفسية التي يتسيدها الإعلام حاليا هي نصف الحرب في مجملها إن لم يكن أكثر.
من المؤكد أن انشقاق الدكتور حجاب وبعد نجاحه في تأمين خروج سبعة من إخوته وشقيقتيه وعوائلهم جميعا إلى الأردن، ودون علم النظام هو الضربة النفسية شبه القاضية للمؤسسة الأمنية السورية، والغريب أننا لم نسمع مطلقا عن تشكيل لجنة تحقيق حول كيفية حدوث هذا الانشقاق، أو الإطاحة برؤوس كبيرة في هذه المؤسسة. فإما أن يكون النظام أضعف من إجراء مثل هذا التحقيق، أو أنه يخشى تبعاته ويميل إلى تجنب المزيد من الانشقاقات أو حتى الانهيارات.
سبحة الانشقاقات قد كرت، ليس هناك أدنى شك، وبات السؤال المطروح هو حول الشخصية أو الشخصيات الأخرى التي ستظهر على الفضائيات معلنة انشقاقها، لكن الاختبار الحقيقي الذي يمكن من خلاله الحكم على قوة النظام أو ضعفه هو معركة حلب، فنجاحه في استعادة الأحياء التي سيطرت عليها قوات الجيش السوري الحر سيحيل ملف الانشقاقات إلى عالم النسيان، أما خسارته فتعني بدء العد العكسي والسريع لنهاية حكم الرئيس بشار الأسد.
النظام السوري سيحاول تعويض هذه الخسارة الكبرى من خلال التغول في القتال في حلب ومناطق أخرى في محاولة شرسة لاستعادة هيبته، أو بالأحرى ما تبقى منها، وعلينا أن نتوقع، خسائر بشرية ضخمة في الأيام المقبلة.
أما ما يمكن توقعه أيضا، فهو التخلي عن فكرة تولي بعض الواجهات السياسية غير الموثوقة مناصب هامة في الوزارة ورئاستها لتجنب انشقاقها في أسابيع أو أشهر من توليها للمسؤولية الشكلية على أي حال.
الرئيس بشار الأسد يعيش حاليا وبعد هذه الاختراقات الأمنية والسياسية المرعبة، ظروفا مشابهة لتلك التي كان يعيشها الرئيس العراقي صدام حسين بعد غزوه للكويت وقصف القوات الأمريكية لعاصمته، فلم يعد يتحرك بثقة وعلانية، ولم يعد ينام في قصوره، ويتنقل من بيت إلى آخر، فعندما تصل يد المخابرات الأجنبية إلى خلية الأزمة وتغتال أربعة من رؤوسها الأساسية، فإن رأسه هو الذي بات مطلوبا، خاصة بعد أن أكدت الولايات المتحدة أنها لن تكرر خطأها في العراق، وستعمل على الحفاظ على النظام وهياكله ومؤسساته، أي أنها لن تمارس الإقصاء ضد البعثيين ولن تحل الجيش.
رأس الرئيس الأسد هو المطلوب الآن وربما رؤوس صغيرة حوله أيضا، وطالما بقي هذا الرأس مرفوعا فإن الأزمة في سورية ستستمر وقد تطول أكثر مما توقعه الكثيرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.