الدخول الجامعي 2025-2026 : فتح ملحقات للمدرسة العليا للأساتذة وإدراج تخصصات جديدة بولايات شرق البلاد    سيدي بلعباس: السيد سعداوي يشرف على تدشين الثانوية الجهوية للرياضيات    الوزير الأول ينهي زيارة العمل إلى ولاية جيجل    استكمال مقطع الخط المنجمي الشرقي بين وادي الكبريت و الدريعة بولاية سوق أهراس "قبل نهاية ديسمبر المقبل"    الأمم المتحدة: الجزائر ترحب بالتئام مؤتمر حل الدولتين الناتج عن إجماع دولي أصيل    كأس العرب فيفا 2025 (تحضيرات): الجزائر- فلسطين وديا يومي 9 و 13 اكتوبر بعنابة    السيدة مولوجي تبرز بمستغانم أهمية برنامج الأسرة المنتجة    وزير الاتصال يقوم بزيارة عمل وتفقد إلى عدد من المؤسسات التابعة للقطاع    الطبعة ال17 للمهرجان الدولي للشريط المرسوم: مشاركة 17 بلدا ومصر ضيف شرف    بلمهدي يشرف على اجتماع تقييمي ل"منصة رشد" الرقمية للمكتبات المسجدية    نموذج حيّ على استرجاع قيمة الأموال العمومية و تثمينها    المشاريع المنجمية الكبرى ستخلق الثروة ومناصب الشغل    ضرورة وضع المواطن في صميم اهتمامات القطاع    التأكيد على"أهمية المضي قدماً في مسار رقمنة القطاع    ترحيب فلسطيني بالخطوة التاريخية لدول غربية كبرى    غزة : ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    كل النّجاح والتفوّق لطلبتنا.. والتوفيق لأساتذتنا وعمال القطاع    إعداد خارطة تكوين جديدة تتماشى مع رؤى "جامعة الغد"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 163 آخرين    ورقلة : حجز 1.225 كبسولة من المؤثرات العقلية    الرئيس يعرف جيّدا أن المواطن ينتظر الملموس    الافتتاح الرسمي لمركّب "كتامة" لاستخلاص الزيوت بعد استعادته    المشاريع المصادرة ستنطلق شاء من شاء وأبى من أبى    إذاعة القرآن الكريم تطلق 18 برنامجًا جديدًا    إرادة مشتركة في تعزيز العلاقات الثنائية    نعمل على الانتقال من التضامن الاجتماعي إلى التضامن الاقتصادي    تعزيز مكانة التكوين المهني كرافد لاحتياجات سوق العمل    حماد يبرز أهمية التكوين المستمر لإطارات القطاع    الاحتلال يُكرّس سياسة التجويع في غزة    سكان حواف الأودية يستعجلون تدخّل المصالح المختصة    عاد للمشاركة في المباريات بعد غياب طويل.. بن ناصر يوجه رسالة قوية لبيتكوفيتش    اجتماع تقييمي ل"منصة رشد" للمكتبات المسجدية    ناصري يثمّن الاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطين الشقيقة    الاحتفال باليوم الوطني للصحة المدرسية في 29 سبتمبر    المهرجان الدولي للمالوف للاستمتاع بألحان الموسيقى الأندلسية : أداء قوي وشحنة من الأحاسيس طبعت السهرة الثانية    ينظمه المجمع الجزائري للغة العربية..الترجمة إلى العربية ودورها في تعزيز البيئة العلمية محور ملتقى    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 65344 شهيدا و166795 مصابا    هذه قائمة المرشّحين الثلاثين للتتويج..    لا بديل عن احترام إرادة الصحراويين    سجّاتي سعيد    أمطار مرتقبة بعدة ولايات ابتداء من يوم الإثنين    المولودية تتعادل والشبيبة تفوز    بلمهدي يستقبل بلقايد    هلاك 4 أشخاص وإصابة 222 آخرين    ضرورة تضافر الجهود والتنسيق التام بين أعضاء الطاقم الحكومي    "الموب" يؤكد صحوته و ينفرد بالريادة    عادل بولبينة يستهدف لقب هداف البطولة القطرية    تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. في ثقافة التخوين
نشر في صوت الأحرار يوم 10 - 08 - 2009

الاختلاف في الرؤى والتصورات وبالتالي في المواقف والمبادئ من سنن الله في خلقه. فالبشر خلقوا مختلفين في أشياء ومتشابهين في أشياء أخرى، كما خلقوا شعوبا وقبائل ليتعارفوا. ومن الطبيعي جدا أن يختلف البشر في التفكير، وقد يتفقوا في مواطن ويتفرقوا في مواطن أخرى، لكن الغريب أن يسعى البعض إلى تحويل الناس إلى نسخ متكررة لبعضها البعض، حتى يوافق بعضهم البعض الآخر ولا مجال لغير ذلك. وما جعل الله لرجل من قلبين في جوف واحد.
الاختلاف وحروب داحس والغبراء
إن الممارسات السياسية وتراكماتها، والترسبات الاجتماعية وتأثيراتها طبعت الجزائري بسلوك أقل ما يقال عنه أنه أناني وعدواني تجاه الآخر لا يقبل من يخالفه الرأي فكل صاحب رأي مخالف هو عدو بالضرورة يجب تتبع عوراته لا لشيء سوى لإدانته وتدميره وابتزازه ولفضحه في قضايا وأمور لا علاقة لها بموضوع الاختلاف ولا بجوهر النقاش.
فبمجرد أن يختلف جزائريان في موقف سياسي أو يتسابقان من أجل التزلف والتملق، حتى يروح كل منهما ينبش في ماضي الآخر ويترصد معلومات عن عائلته وذويه لعل وعسى يجد ما يُعيره به ويفضحه ويسيء إليه. فلا يتوانى أحدهما أو كلاهما في شتم الآخر والتشكيك سواء في انتمائه أو في شرفه أو في ماضي أسرته ومواقفها من الغزو الروماني أو البيزنطي أو »فبركة« قصة رهيبة لتوريطه وما إلى ذلك من الأساليب الهابطة لإدارة نقاش كان من المفروض ألا يخرج عن نطاق مناطحة الأفكار والحجج والبراهين.
تغيير العطلة.. والعمالة للبيزنطيين
فما دخل تاريخ جد علان الأول المتهم بالتعاون مع الرومان ضد القبائل الجرمانية المتوحشة، في موقف أحد أحفاده الحاليين من تغيير العطلة الأسبوعية مثلا. وما ذنب هذا المترشح أو ذاك إذا كان جد أحد أنصاره متهم بأنه كان ضد ثورة التحرير. الغريب أنه كما تحولت المشاركة في الثورة والجهاد مهما كانت كاذبة ومزيفة ومزورة إلى سجل تجاري يتلاعب به الجميع لتحقيق المكاسب والمناصب والنفوذ والتقرب من السلطان، تحولت أيضا أعراض الناس ومواقفهم وتهم الخيانة إلى سجل تجاري للابتزاز والتهديد مهما كانت باطلة ومزورة.
لقد طغت ثقافة الحقد والتخوين وانتشر الباطل وعم البهتان جراء انحسار ثقافة الحوار والاحتكام إلى الحق والاعتراف بالقيم الإنسانية كمحك لتحديد الخطأ والصواب. ذلك أنه عندما يعجز المرء عن إدارة الخلاف أو النزاع الفكري والسياسي بأدواته الحقيقية الحضارية أي الحوار والنقاش والجدل بالتي هي أحسن، وتضعف حجته يلجأ إلى استعمال طرق ووسائل عير مشروعة وغير حضارية وغير أخلاقية، ليحقق بها نصرا مزيفا غير شريف عجز عن تحقيقه بالطرق الشريفة.
»المثقفون«.. والتنابز بالألقاب
إن اللجوء إلى هذه السبل لتسيير الصراع وحسمه هي قمة الانهزامية وضعف الحجة، وإدانة ثابتة لمن يتخذها سبيلا للانتقام لنفسه. هذه الظاهرة التي عمت الساحة حرفت النقاش وشوهت العمل في كل النشاطات، فأصبحت مظاهر الانحراف تميز مختلف جوانب الحياة العامة للجزائريين. فالسلطة تخون كل من يعارضها أو يخالفها الرأي بقوة منطق »من ليس معي فهو ضدي«، والمعارضة عوض أن تقترح البدائل انحرفت إما إلى التملق للسلطة ومعارضة بعضها البعض، أو إلى تتبع عورات مناضليها أو المنشقين عنها أي الغرق فيما رُسم لها من حلقات مفرغة..
والطامة الكبرى أن المثقفين والكتاب والصحفيين وعوض تقديم الأفكار والتحاليل والارتقاء بالنقاش إلى مستوى التحديات التي ترهن الوطن وتحبسسه، فإنهم أخلدوا إلى الأرض وكانوا من الغاوين سقطوا نفس السقطة، وراحوا يناقرون بعضهم البعض ويكشف بعضهم عورات البعض الآخر وينزع بعضهم عن البعض الآخر ثيابهم ليريهم سوءاتهم... وتحولت الجرائد إلى منابر للسباب والشتم والتنابز بالألقاب وتقاذف التهم وتبادل الفضائح والمكاشفات. لقد فقد الجميع ما تبقى له من ماء الوجه، ولم يعد أحد يستحي من ما يفعل.
إن انحراف النقاش إلى هذه المواضيع الهامشية وانهياره إلى هذا الدرك الأسفل من الانحطاط والدونية، ولجوئه إلى استعمال أدوات مخزية لحسم الخلاف يعكس حالة الانحراف العام الذي يعم البلاد ويؤكد تدني القيم والأخلاق في اعتبارات الجزائريين وسلوكاتهم. إنه يعطي صورة مأساوية عن مجتمع مختل تتقاذفه الأهواء والنزوات وتعبث به سلوكات من دفعت بهم إلى الواجهة هذه الانحرافات نفسها في بدايتها الأولى، والذين ما كان لهم ليصلوا إلى هذه المستويات لينزلوا بمستوى النقاش إلى الحضيض ويشوهوا سمعة الوطن ويسودوا وجه المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.