اختتام معرض منتوجات البحث والتطوير والابتكار    التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني يعرف "تصدعا"    مُجمّع سوناطراك يُكرّم أبطال الجزائر    رئيس الجمهورية يولي أهمية كبرى للتكفل بمشكلة تذبذب تزويد سكان تيارت بالماء الشروب    المدية.. المسابح تستعد لاستقبال جميع الفئات    الجانب الروحي واجب إدراكه في الحج    عدم تسجيل أي خلل في اليوم الأول من إمتحان شهادة التعليم المتوسط    صحة: يوم تحسيسي بالجزائر العاصمة بمناسبة اليوم العالمي للإمتناع عن التدخين    14 ورشة تربوية وترفيهية في اليوم العالمي للطفولة    أدباء ومختصّون يناقشون موضوع الكتابة للأطفال    مجزرة ساقية سيدي يوسف في فيلم تحريك ثلاثي الأبعاد    حضور مدربين حصة تدريبية للمنتخب الوطني    بيتكوفيتش يراهن على تحسين الأداء الدفاعي للخضر    اعتراف الاحتلال باستشهاد 36 معتقلا من غزّة في معسكراته    الاحتلال يكثّف غاراته وانتشال جثث 70 شهيداً من جباليا    النعامة: جثمان المجاهد حشلافي بشير يوارى الثرى    مدرب فرنسا يصدم ريان شرقي بالإبعاد خارج الأولمبياد    استفادة 168 جمعية ثقافية من الدعم العمومي بعنوان سنة 2024    آيت نوري الوحيد في تشكيلة الموسم لأفارقة أوروبا    عطاف يستقبل من قبل رئيس جمهورية كوريا    وزير المالية يترأس الاجتماع الدوري للجنة الوطنية لتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب    اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء: أطفال غزة يتعرضون لإبادة ممنهجة من طرف الاحتلال الصهيوني    القيسي: تقارير خطيرة تثبت تعاون نظام المخزن مع الكيان الصهيوني لإبادة الشعب الفلسطيني    دحلب تؤكّد أهمية استعمال الرقمنة    عرقاب يشارك في اجتماعات أوبك    اتصالات الجزائر تطلق عروضا جديدة    القوات البحرية تُنقذ بحاراً من أذربيجان    توجيهات رئاسية هامّة    اجتماع تحضيري لرؤساء فروع البعثة الجزائرية    تكفل الضمان الاجتماعي بالرضيعتين التوأم السيامي من ولاية توقرت    زرب يعطي إشارة انطلاق امتحانات شهادة التعليم المتوسط لفئة المحبوسين من سعيدة    مهرجان مسرح الهواة لمستغانم: تكوين زهاء 80 شابا في الفنون المسرحية    اختتام الطبعة ال23 للصالون الدولي للسياحة والاسفار    مواضيع امتحان شهادة التعليم المتوسط لن تخرج عما درسه التلاميذ على مستوى الأقسام    التأكيد بالجزائر على أهمية رقمنة المخطوطات والأرشيف    الوسطاء يدعون حماس وإسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار    موجة استنكار عارمة لمحاولات الاحتلال تصفية "الأونروا"    مخطط هام لخدمة الحجّاج وإنجاح موسم الحج    سكيكدة.. ورقة رابحة لولوج الأسواق الطاقوية العالمية    قيادة القوات البحرية تشارك الأطفال عيدهم العالمي    فلورنتينو: هذه نقطة الانطلاق صوب اللقب 16    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    روما الإيطالي متردد بخصوص بيع حسام عوار    بن زيمة: أتمنى مشاهدة مباراة قوية للخضر أمام غينيا    اختتام الصالون الوطني للابتكار    حجز 2850 قرص مهلوس    تكوين رؤساء البلديات حول حماية التراث    حديث عن النقد والترجمة ومحطة أخرى للأدب الشعبي    مصادرة 1582 علبة سجائر    8 متورطين في سرقة 30 رأس ماشية    شراكة لتعريف الطلبة بسوق التشغيل    محمد ياسين بلكسيل.. مخترع روبوت لمساعدة المصابين بالشلل    الديوان الوطني للحج والعمرة: رقمنة خدمات الحج سهّلت الإجراءات على ضيوف الرحمن    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    وصول أزيد من 11300 حاج جزائري إلى مكة المكرمة    هذا حُكم الاستدانة لشراء الأضحية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خادم الأدب الجزائري.. عاشق الثورة الجزائرية ح2
ذكرى الأديب محمد صالح الجابري

لقد كان الجابري واحداً من المثقفين الموسوعيين، فهو يعدّ بحق رائد وعلماً من الأعلام الجادين الذين مزجوا بين شغف البحث العلمي وجماليات الإبداع الفني وعمق الرؤية الفكرية، حيث استهوته الثقافة الموسوعية ولم يجعل قلمه حكراً على جنس أدبي معين، وألف الكثير من الدراسات النقدية، وكتب القصة والرواية والمسرحية، وعمل بجد من أجل التقريب بين أقطار المغرب العربي وتشييد جسور التواصل بين المشرق والمغرب في عالمنا العربي، وذلك من خلال مشروعه الضخم الموسوم ب:«موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين»، والذي أشرف عليه في إطار أبحاثه لفائدة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية، فقضى من أجله ما يربو عن ثلاثين عاماً في البحث والتنقيب خدمة للثقافة العربية، وقد صدر منه تسعة عشر مجلداً.
إن من يطلع على منجزات الدكتور الجابري يدرك أن الرجل ملأ الدنيا المعرفية عطاء ونماءً وأثرى المكتبة العربية بمؤلفات ثمينة وملأ الملتقيات الدولية بأنفع المحاضرات، ومن المهام التي تولاها : كاتب عام لرابطة القلم الجديد وعضو في جمعية القصة والرواية لاتحاد الكتاب التونسيين واتحاد الكتاب العرب، ومدير المركز الثقافي التونسي بطرابلس .
ولد الدكتور محمد صالح الجابري سنة:1940م، بمدينة توزر بالجنوب التونسي، ودخل الكتاب في سن مبكر، ثم تابع دراسته بمدرسة «ابن شباط» الابتدائية إلى غاية سنة:1953م حيث واصل الدراسة بالمعهد الثانوي بمدينة توزر، وفي سنة:1957م التحق بمعهد ابن خلدون بالعاصمة التونسية، وتخرج منه سنة:1962م، وفي نفس السنة انخرط في سلك التعليم فعمل في كل من مدينتي: توزر وتونس، وقد عُرف الرجل بصبره وعصاميته، فقد تحمل مشاق السفر بمفرده إلى بغداد طلباً للعلم والمعرفة ،فانتسب هناك إلى كلية الآداب وحصل منها على شهادة ليسانس سنة 1975م، وفي نفس السنة عاد إلى وطنه فعمل بالتدريس في مدينة المنستير، وبعدها بسنتين التحق بمعهد اللغة العربية وآدابها بجامعة الجزائر وأتم بها دراساته العليا.
ومن أهم دراساته النقدية: «الشعر التونسي المعاصر خلال قرن»،«محمود بيرم التونسي في المنفى، حياته وآثاره»،«القصة التونسية أوائلها وروادها»، «ديوان الشعر التونسي الحديث»،«دراسات في الأدب التونسي الحديث»،«الأدب الجزائري في تونس»،«رحلات الأدباء التونسيين إلى الجزائر»، «التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس»، «يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية»، «النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس».
ومن إسهاماته الإبداعية: روايات«يوم من أيام زمرا»، «البحر ينشر ألواحه»، «ليلة السنوات العشر»، ومجموعة قصص«إنه الخريف يا حبيبتي»، و« الرخ يجول في الرقعة»، ومسرحية«كيف لا أحب النهار».
والمتأمل في أعمال الجابري الإبداعية يخرج بجملة من الملاحظات والأحكام، من بينها أنه رائد من رواد الواقعية في التجربة السردية في المغرب العربي، فأغلب أعماله مستوحاة من تجاربه الخاصة وشخصياته مستمدة من الناس الذين خامرهم في حياته.
ولعل أبرز كتبه التي حظيت باهتمام بالغ من قبل عدد كبير من المثقفين والأدباء الجزائريين، كتابه:«الأدب الجزائري في تونس» الذي هو بمنزلة موسوعة شاملة، بذل من خلالها الباحث جهداً علمياً كبيراً، فقد ألف ذلك الكتاب الموسوعة مُقدماً من خلاله خدمة جليلة للباحثين والدارسين الجزائريين، وقد أثنى على ذلك الكتاب الكثير من كبار الأدباء والنقاد الجزائريين، فكتبوا يشيدون بمستواه العلمي وعمقه الفكري، ومن بينهم الدكتور عبد الله ركيبي- رحمه الله- الذي أصدر قراراً وتوصية بدعم طباعته، وتعميمه على كل الجامعات والمعاهد العليا في الجزائر، فلا يُمكن لأي دارسِ للأدب الجزائري أن يتجاوز تلك الموسوعة الشاملة، والتي ألفها الأديب الراحل بسبب حبه وإعجابه بالأدب الجزائري ورغبةً منه في خدمته والإعلاء من شأنه، وكي يُلملم شتاته المتناثر في شتى الصحف والمجلات التليدة ، ويذكر لنا أسباب تأليفه لذلك الكتاب، وما بذله من جهود في سبيله بقوله:«وإن السبب في إنجاز هذه الدّراسة يعود أساساً إلى غايتين، أولاهما أن أساعد الدّارسين الجزائريين المتطلعين إلى استيفاء مصادر أدبهم،على الكشف عن بعض الصفحات المجهولة حقا من أدبهم، وُأنصف أولئك المبدعين الذين كان لهم شرف إرساء المعالم الأولى للأدب الجزائري الحديث، في صمت وفي ظروف عويصة مفعمة بالإحباط والخيبة والحرمان والعنت وشظف العيش.
وثانيهما إعجاب شخصي بهذا التراث الأدبي الذي لم يُركز على تناول قضايا الجزائر في تلك المرحلة الحرجة فحسب، وقد كانت الجزائر أحوج ما تكون إلى من يُعرّف بها وبقضيتها، ولكنه كان يحمل قضية المغرب العربي بكل تبعاتها وأوزارها، وقضية العروبة بمشاغلها ومشاكلها، وقضية الأمة الإسلامية بما فيها من أحزان ويأس وتشتت. وما من شك في أن المصدر الأوحد لهذا التراث الأدبي هو الصحافة والمجلات،على وفرتها وتعددها، مما اضطرني إلى متابعة مئات الصحف، وتصفح بضعة آلاف من الصفحات، ومع كل ما يعانيه أي باحث قدّر عليه أن يتصيد مصادره من المجهول فإنني أعتبر نفسي محظوظاً إذ أبُت بهذا الحصاد الأدبي الوفير، ولقد تعاظمت سعادتي حين أدركت أن الكثير من هذا الأدب الذي استفدتُ منه في وضع هذه الدراسة لم يكن معروفاً لدى الباحثين، كما لم يكن من اليسير بلوغه من مظانه التونسية المتشعبة والمبعثرة بين عدد من المكتبات ودور التوثيق والدور الخاصة، ولربما ساعد ظهور هذا الإنتاج الأدبي الجزائري على إعادة النظر في بعض الدراسات، التي لم تتوفر لها كل المصادر عن هذا الأدب،وخاصة المصادر التونسية التي يمكن التأكيد بأنها على جانب لا يُستهان به من الأهمية.
وباعتبار أن هذا التراث الأدبي يؤلف في مجاله الزمني، وفي حدود المرحلة التاريخية التي تأثر بها وتناولها وعايشها وأسهم في معالجة قضاياها صورة متكاملة عن واقع تلك المرحلة، فقد قمت بدراسة هذا التراث في إطار تلك المرحلة،دون أن أغفل الاستفادة مما أتيح لي العثور عليه من مصادر أدبية حديثة تناولت الأدب الجزائري أو الفكر الجزائري بصورة عامة،أو تناولت الشخصيات التي عاشت هذه الحقبة الزمنية،على أني لمست حقيقة ثابتة لابد من إبرازها وهي أن القضايا والمشكلات التي عالجها هذا الأدب في مرحلة المحنة الاستعمارية ما تزال متجددة في الأدب الجزائري الذي تلا مرحلة الأساس هذه، وهو ما يُوحي بأن المقومات الفكرية للشخصية الثقافية الجزائرية ظلت مؤسسة على حب الوطن والإخلاص له والاعتزاز بالانتماء إلى العروبة والإسلام، وأنه لولا هذه الثوابت من المقومات، ولولا أولئك الرجال الأفذاذ الذين نذروا أقلامهم وكرسوا حياتهم للذود عن الشخصية الجزائرية وجذورها العربيّة الإسلامية، لما أمكن لهذا الجيل الأدبي الجديد أن يقفز قفزته الحالية ليكون في مستوى ما يكتبه أدباء الأقطار العربية الأخرى الذين لم يعانوا مثل المحنة الجزائرية نفسها».
وقد أنجز الدكتور سعد بوفلاقة بحثاً عن هذا الكتاب بعد وفاة الدكتور الجابري نشره في مجلة بونة للبحوث والدراسات، أشار من خلاله إلى أن الدكتور محمد صالح الجابري ذكر في كتابه هذا أبرز الأدباء الجزائريين المهاجرين إلى تونس، بين سنتي:1900و1962م، وجمع أدبهم ودرسه وقد تخرج معظمهم من جامع الزيتونة، حيث وصل عدد الطلبة الجزائريين الذين كانوا يتابعون دروسهم بالمعاهد الزيتونية بتونس العاصمة أو بعض الفروع الأخرى بأنحاء البلاد سنة1952 نحو ألف وخمسمائة طالب، ومارس الأدباء خطواتهم الأدبية الأولى بالصحافة التونسية،أمثال: عمر راسم، عمر بن قدور، عبد الحميد بن باديس، إبراهيم أطفيش، إبراهيم بن الحاج عيسى(أبو اليقظان)، صالح بن يحيى، محمد السعيد الزاهري، صالح خرفي الطيب بن عيسى القرواوي، الطيب العقبي، محمد العيد آل خليفة، رمضان حمود،مفدي زكرياء، أحمد توفيق المدني، مبارك الميلي، حمزة بوكوشة ، محمد الأخضر السائحي، محمد العيد الجباري، محمد العريبي، عبد الله شريط، أبو القاسم سعد الله، عبد الله ركيبي، عبد الحميد بن هدوقة، الطاهر وطار، أبو العيد دودو، صالح خباشة وغيرهم.
وقد جاء كتاب الدكتور الجابري-بعد التقديم-في مدخل وبابين، يشتمل كل منهما على مجموعة من الفصول.
ففي المدخل، تحدث عن المؤثرات الأساسية التي ساعدت على بلورة اتجاه الأدب الجزائري في تونس،مثل تأثير جامع الزيتونة العريق،والصحافة التونسية،وكذلك الإطار الفكري، والسياسي، والوسط الثقافي الديني الذي ترعرع فيه هذا الأدب،فنشأ وطنياً عربياً إسلامياً.
أما في الباب الأول، فقد حاول أن يقدم صورة واضحة عن الشعر الجزائري والمقاومة من خلال ثلاثة فصول، تناول في الأول قضية الهوية والعقيدة وأسباب تعلق الجزائري بهما . كما تحدث في الفصل الثاني عن إسهام الشعر الجزائري في تونس، في الدعوة إلى الاستنهاض والتحريض على الثورة ضد المستعمر وتعبئة الشعب الجزائري للمقاومة واعتزاز هؤلاء الشعراء بماضي بلادهم والكشف عن الفترات المتألقة من تاريخهم، وبخاصة فترات المقاومة المتواصلة ضد الاستدمار الفرنسي الغاشم.
أما الفصل الثالث، فخصّصه للحديث عن مدى وفاء الأدباء الجزائريين للبيئة التونسية التي عاشوا فيها، وارتبطوا بمختلف أحداثها الوطنية، وشاركوا في مختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وجعل الباب الثاني لدراسة القصة والرواية الجزائريتين إبان الثورة التحريرية في الجزائر، وقد حاول في الفصل الأول أن يُبرز تعبير الكتاب الجزائريين المهاجرين إلى تونس عن ثورة بلادهم، وتناول في الفصل الثاني نضال القرية والمدينة الجزائريتين إبان الثورة التحريرية الكبرى،كما برز في نتاج الأدباء الجزائريين بتونس.
أما الفصل الثالث، فخصصه للحديث عن دور المرأة الجزائرية في المقاومة من خلال القصة والرواية الجزائريتين في تونس.
¯ يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.