دنيس كوسبرت كان مغني راب ألماني قبل أن يعتنق الإسلام ويؤسس جمعية أسماها ملة إبراهيم، غير أنه منذ سنة 2012 التحق بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارا بداعش، وصار اليوم يعرف باسم أبي طلحة الألماني. تقول المخابرات الألمانية إنها تعرفت على أبي طلحة عندما ظهر في شريط فيديو يعرض عملية التمثيل بجثة أحد ضحايا التنظيم، وتقول أيضا إن هذا المغني السابق بات من الشخصيات القيادية في تنظيم الدولة الإسلامية ومن المقربين لقائده أبو بكر البغدادي، وهو الآن يعرف بالداعية الناطق بالألمانية بتنظيم الدولة الإسلامية. في الجزائر أيضا كان الأميون وأنصاف المتعلمين، وأصحاب المهن البسيطة من قادة التنظيمات الإرهابية، فقد كان عبد الحق العيادة يعمل في ورشة لإصلاح هياكل السيارات، وكان جمال زيتوني يشتغل ببيع الدجاج، ولم يعرف لعنتر زوابري أي مستوى ثقافي غير تدرجه على مسار الانحراف، وغيرهم كثير، وتكاد صفات الأمية والجهل تمثل قواسم مشتركة بين أعضاء هذه الجماعات على مختلف مستواياتهم التنظيمية. أصل الظاهرة قد نجده أيضا في هؤلاء المتحدثين باسم الدين، والمتصدين للفتيا، والمتسلقين المنابر ممن لا يكادون يفقهون قولا، ولا يزال كثير ممن لم يدخلوا الجامعة، أو حتى الثانوية، ينصبون أنفسهم متحدثين باسم رب العالمين، وهذه من المصائب الكبرى التي أبتلي بها الإسلام. هؤلاء هم الذين وقفوا عند ظاهر النصوص وفسروها حسب أهوائهم، وحولوا الدين إلى مطية يسعون من خلالها إلى إفراغ مكبوتاتهم، حتى أن الانتقام من المجتمع والبشرية جمعاء، أصبح يبرر بالدين الذي أراده الله رحمة للعالمين. لقد كانت التنظيمات السياسية الإسلامية منذ ظهورها الأول مع بدايات القرن الماضي تركز على جانب التنظيم، وقد اختارت الولاء والطاعة على الفهم والتدبر، وهي بذلك مهدت إلى تحويل الدين إلى نشاط سري في حين أنه في الأصل علاقة بين العبد وربه تسعى إلى تحقيق الطمأنينة والعيش في سلام. إن التنظيمات التي تستعمل الإسلام غطاء لها، تعيدنا إلى الجاهلية الأولى، وتسلمنا إلى حفنة من المجرمين والجهلة باسم الشجاعة الإقدام والإخلاص.