وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية جمال بودة    الجزائر/كندا: آفاق واعدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية في مجالات الطاقة والمناجم    رفع العلم الجزائري في مقر مجلس السلم والأمن    مزيان: سيناريوهات ومكائد لتعطيل التنمية بالجزائر    السيد مراد يشيد بجهود مصالح الحماية المدنية وبتضحيات أعوانها    وفد وزاري قطري في زيارة إلى جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا    الرئيس يتسلّم أوراق اعتماد سفراء جدد    تنصيب زهير حامدي مديراً تنفيذياً جديداً    انقطاع التيار الكهربائي بإسبانيا ودول أوروبية: عدم تسجيل أي انقطاعات في خدمة الانترنيت بالجزائر    أرقام مُرعبة من قلب حرب الإبادة    مأساة متجدّدة في المتوسط    ترامب.. رئاسة بلا سياسة وسيارة بلا مقود!    جمعية صحراوية تطالب بضمان دخول بعثات المراقبة الدولية إلى الأراضي الصحراوية المحتلة لتوثيق جرائم الاحتلال    محكمة العدل الدولية: الجزائر تدعو إلى إلزام الكيان الصهيوني بتمكين الأونروا من إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة    صعود نجم بن عكنون    غويري يبدع    باريس وآرسنال يحلمان بالنجمة الأولى    حجز 1.6 مليون قرص مهلوس قادمة من مرسيليا    ترحيل 182 عائلة إلى سكنات لائقة بوهران    50 ألف إصابة بالسرطان سنوياً في الجزائر    إشادة بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    سطيف: الملتقى الدولي الأول حول "الأدب الجزائري في مواجهة الخطاب الكولونيالي" يوم الأحد المقبل    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار المتاحة خلال الاجتماعات السنوية المقررة بالجزائر    عرض المشاريع الجمعوية المدعمة من طرف وزارة الثقافة والفنون للجمعيات بالجزائر العاصمة    حج 1446ه/2025م: بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود لإنجاح هذا الموسم وجعله متميزا    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    عميد جامع الجزائر يتحدث في أكسفورد عن إرث الأمير عبد القادر في بناء السلام    منظمة العفو الدولية : الكيان الصهيوني يرتكب جريمة إبادة جماعية "على الهواء مباشرة" في غزة    تنس الطاولة : المنتخب الوطني الجزائري يتوج بالميدالية الذهبية حسب الفرق    "كرة القدم : "اتفقنا على أفضل المقترحات لعرضها على المكتب الفيدرالي لتطبيقها الموسم المقبل    بشار..وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة – بشار    عيد الأضحى: وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم قادمة من رومانيا إلى ميناء وهران    غرداية : وفاة 6 أشخاص وإصابة 14 آخرين بجروح في حادث مرور خطير قرب المنصورة    تنصيب مجلس وطني للوقاية الصحية والأمن هذه السنة    يجب تصحيح الوضع فورا..    الجزائر تسير برؤية واضحة لتنويع اقتصادها وشركائها    خطوط مباشرة جديدة نحو إفريقيا وآسيا الشتاء المقبل    التصدي لحملات استهداف الجزائر واجب وطني    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    الكشف عن الوجه الهمجي للاستعمار الفرنسي    120 نشاط في الطبعة الثانية لمهرجان الرياضات    ليفربول يهدّم قاعدة الإنفاق الضخم بالبريميرليغ    الخلافات أصبحت من الماضي وسيعود التنس الوهراني إلى مجده    كيليا نمور تحصد المعدن النفيس في عارضة التوازن    تمديد آجال الترشح إلى 15 ماي 2025    دعوة الآباء لتشديد الرقابة على أبنائهم    تأريخ لأسماء من الرعيل الأوّل    إطلاق مسابقة الرواية القصيرة للكاتبات الجزائريات    نحو قراءة جديدة لمسارات التجربة ورهانات الحاضر    مطار باتنة الدولي: انطلاق أول رحلة لنقل الحجاج نحو البقاع المقدسة يوم 15 مايو المقبل    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    خطوات عملاقة لبناء دولة قوية اقتصاديا واجتماعيا    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العربية... والصراع الفكري
نشر في صوت الأحرار يوم 25 - 09 - 2008

أحد الأصدقاء ممن أكن لهم الاحترام والتقدير، كلمني هذه الأيام مستفسرا عن جدوى الحديث في موضوع أصابه البلى من كثرة الترديد، وقال محدثي أن موضوع اللغة العربية في الجزائر، قد استنفذ مبررات ترديده، وقال أنه يعتقد أن الأول لم يترك فيه للآخر شيئا، فقلت لصاحبي: لقد كنت أظنك أحصف رأيا في تقدير الأمور، فما الذي تغير حتى تطلب ممن يتوفز للدفاع عن لغة الأمة قد أكثرت؟
إن الإلحاح في الموضوع، وعدم السماح بإهالة التراب عليه، لهو من علامات الصحة في الأمة، لأنه ما ضاع حق ألح أهله في طلبه، وأورثه سلفهم لخلفهم، ثم إن الذين يزعجهم موضوع استرداد البلاد لأحد مظاهر سيادتها، وعلامة من علامات تميزها الثقافي عن جلادها بالأمس، هؤلاء لا تلين لهم قناة، ولا يهدأ لهم بال، ويقومون كمن يتخبطه الشيطان من المس، إذا شعروا أن أحدا أراد أن يذّكر بأن لهذا الشعب لغته، وهي غير لغة المستعمر الذي سامه سوء العذاب...
يثورون ويتحدثون في كل شيء، لكن يتحاشون الخوض في الموضوع من جوانبه التاريخية والحضارية والقانونية، يتحدثون عن إقصاء إطارات متعلمة بالفرنسية، أي والله، فالكلام عن استرداد العربية لمكانها الطبيعي، ضمن سياق الحياة الوطنية، فيه إقصاء للإطارات المفرنسة، وللحفاظ على مشاعر هذه النخبة المرهفة الحس، يجب محاصرة العربية في المنظومة التربوية، وفي وسائل الإعلام، وفي الإدارة وما أدراك ما الإدارة، بالمختصر يجب أن يسمح لهؤلاء أن يتناسلوا ويبيضوا ويفرخوا إلى ما لانهاية...
ويتحدثون عن أهمية تعلم اللغات، لكن الموضوع عند التطبيق يختزل في لغة واحدة، هي اللغة الفرنسية، وهي لغة داعبت خيال أبناء المستعمرات، وتمنوا أن ينطقوا بلغة السيد الجلاد، بل لقد عمل فصيل منهم على جعلها اللغة الرسمية بعد جلاء المستعمر، كما وقع في بعض بلدان غرب إفريقيا، وتم تقديمها على أنها اللغة الموحدة لألسنة تلك الشعوب، وهي ذات الوصفة التي يحرص بعض المهزوزين عندنا على تقديمها للجزائريين...
إن احدث الدراسات النفسية في علم اللسانيات، تؤكد أن تعلم اللغة الوطنية والتمكن منها في سنوات العمر الأولى، هو الذي يمد الطفل بمفاتيح التمكن من لغات أخرى، لكن المشكلة مع هؤلاء ليست في كم الحجج، ولا في صوابها، ولا في منطقيتها، ولا مدى مطابقتها لمنطق التاريخ والقانون، لأنهم لا يركنون إلى حجة، ولا يبحثون عن صواب، ولا يذعنون إلى منطق، وفوق كل هذا يسفهون التاريخ ويتحدون القانون !
أنا أعرف أن صديقي الذي تضايق من ترديد الموضوع ضحية، وأن المناوئين للعربية هذه المرة استعانوا بآلية ماكرة من آليات الصراع الفكري، وهي آلية معروفة غير خافية على المطلع على صراع الأفكار، لكن الحيلة تنطلي، والخدعة تمر على غير المنتبه، ويجب أن نعترف أن الخدعة نجحت ولو نسبيا، والدليل أن الذعر الذي بدا في الصحف الفرنسية في الجزائر، والمقالات النارية التي انطلقت سرعان ما سكتت، بل يقينا ربما شعر أصحابها بأنهم تسرعوا، وأنه كان يجب التريث، والاستعانة بأساليب الصراع الفكري، لأنها غير مكلفة، ونتائجها أكثر أمانا...
لأن المواجهة تجند الرأي العام، وتطيل من أمد الجدل، وهو أمر غير محبذ، لأنه قد تحدث مفاجأة ما، ربما أحدثت القضية رأيا عاما، يطالب الشعب فيه بحقه المشروع والإنساني، في أن يرى لغة الأمة والوطن هي العليا، ربما انتبه الغافل، وتشجّع الجافل، فكانت الاستعانة بالالتفاف حول الموضوع...
فسمعنا من يردد: أن إثارة الموضوع جاءت من قبل الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، والرجل كان رئيسا للحكومة، فلماذا انتظر حتى غادر منصبه ليثير القضية؟
يا الله ! هذه هي أخبث طريقة في نظام الصراع الفكري، أن تلصق بالفكرة الأساسية فكرة هامشية، ثم ينصرف النقاش من الفكرة الأساسية للفكرة الهامشية، تحول الموضوع من الحديث عن مطلب وطني، موضوعي، إنساني، قانوني، نفسي، حضاري، تاريخي، كل تلك المعاني اختزلت في من أثار الموضوع، ومادام الذي أثاره هو بلخادم فليردم وليقبر!
ولأؤلئك نقول: لو حدث العكس، لو أن السيد بلخادم تنكر لموضوع اللغة العربية، وسكت عنه أو ناصبه العداء، هل يلزمنا ذلك في شيء، ومن هنا فإثارة بلخادم للموضوع، لم تكن سوى نفضا للغبار عن حقيقة تأبى النسيان، وحق سيورثه الآباء لأبنائهم إن عجزوا عن تحقيقه في هذا الجيل، وسوف يبقى الجرح مفتوحا لا يلتئم إلا بتحقيق عهد الشهداء، عهد الاستقلال التام أو الموت الزؤام...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.