سقطت كل مبررات رفض عقد قمة عربية طارئة لبحث رد العدوان عن غزة، فقد تقرر في اللحظة الأخيرة عقد قمة شرم الشيخ التي لم يكن فيها مكان لجهة تعارض أمريكا وإسرائيل، فلم تدع إلى هذه القمة سوريا أو إيران التي يقال إنها تحرك المقاومة الفلسطينية وتتحكم فيها، وبدلا عن ذلك جاء الإيطاليون والألمان والإسبان وهم الذين لا ناقة وهم الذين لا يقدرون حتى على توجيه اللوم لمجرمي الحرب الصهاينة أو معاتبتهم، وجاء محمود عباس، الذي رفض قبل يومين فقط الذهاب إلى الدوحة، وجاء ملك الأردن لتصبح قمة شرم الشيخ اجتماعا طارئا لحلفاء إسرائيل بغطاء أوروبي. الهدف الآن هو إحياء عملية السلام، وسيكون هذا عبر نزع سلاح المقاومة وتشديد الخناق عليها، لأن الأوروبيين كانوا واضحين جدا قبل مجيئهم إلى المنتجع حيث عبروا عن حماستهم لإرسال سفن حربية لمنع دخول السلاح إلى غزة، وكأن المشكلة برمتها هي سلاح المقاومة الذي يسميه المصريون "بمب العيد" و"الصواريخ العبثية"، وبعد هذا ندخل في صميم الموضوع وهو فرض مشروع تصفية القضية الفلسطينية الذي أعاقته مقاومة الشعب الفلسطيني الباسلة. في شرم الشيخ اتضح الهدف الإستراتيجي الذي أرادات إسرائيل تحقيقه من وراء المذبحة وهو تمرير مشروع الاستسلام الذي بدأ بأوسلو وكانت أنابوليس آخر محطاته، وتسلسل سلطة عباس، المنتهية صلاحيته، إلى غزة مرة أخرى عبر قنوات الاحتلال يعني العودة إلى تنفيذ مشروع التصفية هذا برعاية أمريكية وبدور أوروبي لا يختلف في شيء عن دور الكومبارس أو شاهد الزور. الذين ذهبوا إلى شرم الشيخ، باستثناء تركيا التي دعيت لتطييب خاطرها وامتصاص غضب الشارع فيها، يمثلون وجهة النظر الإسرائيلية، وقد شاركوا بطرق مختلفة ودرجات متفاوتة في الجريمة التي ارتكبها النازيون الجدد، وهم بذلك فاقدون لأهلية التمثيل، وفاقدون لقدرة التأثير على الوضع، ومحاولة إحياء خيار التسوية الذي أحرقته إسرائيل بقنابل الفسفور الأبيض هي حلقة جديدة في مسلسل المؤامرات على الشعب الفلسطيني وقضيته والتي لم يأتها الخير أبدا من شرم الشيخ.