استطلاعات الرأي حول توجهات الناخبين الإسرائيليين تعطي الأفضلية لأحزاب اليمين، وبالنظر إلى أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية عادة ما تكون قريبة من نتائج الاستطلاعات فإن بنيامين نتنياهو ، زعيم الليكود، يبدو الأوفر حظا لقيادة الحكومة الإسرائيلية القادمة. القراءة الأولية لهذه المؤشرات تدفع إلى القول بأن الجمهور الإسرائيلي يبدو أكثر ميلا لدعم اليمين، والأمر لا يبدو مرتبطا بحسابات تكتيكية أو بأوضاع اقتصادية بل هو تعبير عن توجه عميق نحو التمسك بالمشروع الصهيوني بصيغته التقليدية التي تقوم على فكرة بناء إسرائيل الكبرى ورفض الانسحاب من أي أراض في فلسطين التاريخية والجولان، وحتى المحرقة التي نفذتها آلة الحرب الصهيونية في غزة لم تشفع لإيهود باراك وتسيبي ليفني رغم كل ما قيل عن المكاسب التي حققتها إسرائيل. الناخب الإسرائيلي يتجه نحو دعم حملة المشروع الصهيوني الذين يبدون مزيدا من التمسك برفض ما يسمونه التنازل للعرب، فنتنياهو وأفيغدور ليبرمان، الذي يتزعم حزب إسرائيل بيتنا، وعوفاديا يوسف زعيم حزب شاس الديني يدعون صراحة إلى طرد الفلسطينيين وإقامة إسرائيل الكبرى، والناخب الإسرائيلي يبدو أكثر تقبلا لهذا المشروع وهو لا يعير اهتماما كبيرا للتحذيرات التي يطلقها البعض حول المتاعب التي قد تلاقيها أي حكومة يمينية في التعامل مع الإدارة الأمريكيةالجديدة برئاسة باراك أوباما. الإسرائيليون يلتفون حول المشروع الصهيوني ويعيدون الصراع مع العرب إلى نقطة البداية، والعرب يحاصرون المقاومة ويضغطون عليها في تحد صارخ وغبي لحركة التاريخ، فالمشروع الصهيوني لا يمكن الرد عليه إلا بالمقاومة، وعدم اعتراف اليمين الديني والسياسي في إسرائيل بأي حق للعرب في فلسطين يجب أن يقابله عدم اعتراف من جانب الفلسطينيين والعرب بشرعية الكيان الصهيوني الغاصب. لقد دأبت ليفني على تقديم نفسها على أنها مؤمنة بإسرائيل الكبرى لكنها مقتنعة بضرورة التوصل إلى سلام مع العرب وإقامة دولة فلسطينية، في حين لا يعترف أمثال ليبرمان وعوفاديا يوسف بأي حق للعرب، ويبدو أن هؤلاء أكثر تمثيلا للمجتمع الصهيوني، الذي يصوره "الواقعيون" العرب كقطيع من الحملان الوديعة حتى يبرروا خنوعهم وقعودهم.