علّمتنا السليقة الجزائريّة المتوارثة أبًا عن غُلب، أن نقبّل أصبعنا عند كلّ حكّة عين، أوأن نقبّل الخبز الساقط على الأرض قبل أن نسلّمه للجبهة ثم نرفعه إلى مرتبة الجدار، كما علّمتنا السليقة ذاتها أن لا نأكل قطعة اللحم إلا في آخر وجبة الغذاء، لأن سليقتنا ذاتها عوّدتنا على أن يكون اللحم هو ذوق الختام·· ومن الأمور التي كرّستها في أذهاننا السليقة ذاتها، هي أن نثق في جودة كل ما هو ''انتاع فرانسا''·· اللباس الفرنسي، والشكولاطة الفرنسية والدواء الفرنسي ونشرة الأخبار الفرنسية و''الزين'' الفرنسي·· وكل ما هو بلون الديك الفرنسي، حتى المناهج الدراسية الفرنسية هي من مقدسات سليقتنا الحكومية، التي استوردت هذه الأيام منهاج ''أوكازيون'' من الجامعات الفرنسية لصالح الطلبة المتفوقين في أقسام خاصة بجامعات تلمسان وعنابة والجزائر العاصمة، مع العلم أن المنظومة الجامعية الفرنسية استوردت في السنوات القليلة الماضية منهاجا أمريكيا لصالح طلبتها المتفوّقين·· !! أيضا؛ ولأنّ مزاج السليقة الجزائرية، ثابت على العهد، لم يشأ خلفاء الله في أرضنا أن يحسموا أمرهم في قضية بسيطة تتعلّق بنقل أو عدم نقل مكان تنظيم صالون الكتاب، قبل اللجوء إلى رأي ''مَدام لافرونس'' التي حسمت الأمر لصالح ''مَدام خليدة''·· نعم، صدقّوا أن دور النشر الجزائرية لا تستطيع المعارضة، لأنها مرتبطة ماديا ومعنويا بدور النشر الفرنسية·· ودور النشر الفرنسية يا سادة يا كرام، ترفض المقاطعة وعلى رأسها دار ''هاشات'' التي أمرت ممثليها في الجزائر بعدم المقاطعة والرحيل إلى المكان الجديد·· هي حكاية الولاء للمستعمر، على رأي ابن خلدون، ولا داعي للتفصيل فيها أكثر، لكني أريد في ختام هذا الكاري، أن أتساءل بخبث·· هل انتبهت السليقة الجزائريّة، والعين الفرنسية، إلى أن القناة الفضائيّة الثالثة شذّت مؤخرا عن القاعدة الموروثة وكسرت الولاء الأزلي للغة موليير، من خلال عرض أفلام أمريكية بلغتها الأصلية، مرفوقة بدبلجة إلكترونية عربية على الطريقة ال''أم بي سيّة''؟؟ أكيد أن معامل الدبلجة بباريس انتبهت للأمر، وستتصرّف في الأيام القليلة اللاحقة·· رشدي رضوان