الزائر لمدينة بجاية الساحلية، لا بد له أن يعرّج على بلدية أوقاس الساحرة، التي تجمع طبيعتها بين خضرة الأشجار وزرقة المياه، مشكّلة ديكورا ربّانيا يأسر قلوب السيّاح، الذين يعشقون الغوص في أحضان الطبيعة العذراء. وبالرغم من كثرة الأقطاب السياحية الجميلة ببجاية انطلاقا من شواطئ تيشي ووصولا إلى شلالات كفريدة، تبقى أوقاس واحدة من أجمل اللوحات الطبيعية في بلادنا أول ما يخطف بصرك وأنت بمدخل بلدية أوقاس هو ذاك النفق الضيق الذي يقع بمنحدر جبل ضخم، ومباشرة بعد اجتازه تتضح لك تلك المدينة الساحلية الصغيرة بعمرانها الحديث لتغمرك بطيبة سكانها وروعة طبيعتها التي تعكس امتزاجا بين شماخة الجبال، خضرة الأشجار وصفاء مياه الشواطئ التي تسحر القلب برمالها الذهبية من أول نظرة، شواطئها تضاهي ”بلاجات” كاليفورنيا الأمريكية وبالما دي ماريوكا الإسبانية، وتتيح فرصة من ذهب لهواة ركوب الأمواج، بفضل تركيبتها التي تختلف عن باقي شواطئ بلادنا السياحية. شواطئ عائلية محروسة...لقضاء عطلة صيفية مريحة إن أجمل ما يميز مدينة أوقاس الساحلية على غرار ”المغارة العجيبة”، هو ذلك الشريط الساحلي الذي يأخذ شكل خليج تصطف فوقه عشرات المخيمات الصيفية، التي تتأهب مع كل فصل صيف لاستقبال آلاف العائلات من مختلف ربوع الوطن كلها تخيم بهذه المدينة الساحرة للاستمتاع بجوها اللطيف، وبحرها المنعش وسهراتها الغنية بالنشاطات الثقافية. فإن أردت قضاء يوم على أحد شواطئ أوقاس فلا تحمل هم أي شيء، ما عليك سوى رمي نفسك في أحضان الطبيعة الخلابة، مساحات عائلية، أمن مكثف تحرص على ضمانه دوريات الدرك الوطني، في حين يسهر أعوان الحماية المدنية على حراستك وحراسة أفراد عائلتك من أي أخطار للغرق، فيكفيك أن تدفع 50 دينارا لركن سيارتك طوال اليوم، و500 دج نظير تأجير خيمة صغيرة أو شمسية تقيك من حر الشمس. وحسب ما لاحظناه بعين المكان، فإن المغتربين هم من أشد المعجبين بهذه الشواطئ، وفي حديثنا مع أحدهم أخبرنا أنه يقيم بمدينة مارسيليا، وأنه متعوّد على تمضية عطلته الصيفية بمدينة أوقاس، رغم أنه أصلا من مدينة الأغواط الداخلية نظرا لتعلقه بطبيعتها الساحرة، لذا فهو وفيّ لهذا المكان الرائع، ويحرص على أن لا يفوت على نفسه فرصة زيارته في كلا مرة تطأ رجلاه أرض الوطن وذلك للاستمتاع رفقة عائلته الصغيرة. جمال سياحي خلاب ينقصه الاهتمام والمرافق ولعل أهم ما شدّ انتباهنا بمدينة أوقاس هو الغياب شبه التام للمرافق الفندقية، ولدى استفسارنا عن سبب نقص الهياكل السياحية، أكد لنا بعض القائمين على السياحة بولاية بجاية أن السبب يعود إلى تفضيل العائلات المخيمات الصيفية، لذا يحرص المسؤولون المحليون على توفير أكبر عدد من المخيمات بإقليم هذه البلدية، ناهيك عن ظاهرة أخرى تتمثل في كراء سكان البلدية سكناتهم للمصطافين والسيّاح طيلة موسم الاصطياف بسعر يتراوح ما بين 300 و700 ألف دينار، بحيث يوجد عدد كبير من العائلات التي تفضّل كراء شقق عوض المخيمات أو الفنادق لتتمتع بحرية أكبر. وكشف محدثونا عن وجود مشاريع على مستوى ولاية بجاية لإنشاء هياكل فندقية بكل من وسط الولاية، تيشي وأوقاس، لاستقطاب أكبر قدر من المصطافين سنويا وتوفير كل المرافق العمومية الضرورية لهم للاستفادة من مداخيل سيّاحنا الذين باتوا يفضلون قضاء عطلهم الصيفية بتونس وتركيا كونها دول تتوفر على إمكانيات فندقية ضخمة.
