شكك عدد من الخبراء في الأرقام التي قدمتها الحكومة بخصوص ما حققته الجزائر خلال 6 أشهر، باستحداث مليون وظيفة وجلب أزيد من 28 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية كتابة الدولة للتخطيط تراجع جداول البيانات للتحقق من الأرقام استنادا إلى إحصائيات يراها الخبراء غير كافية ميدانيا لبلوغ هذه الأرقام، واصفين هذه الإحصائيات بالمتراكمة والبعيدة عن الواقع، فيما تعلن وزارة الاستشراف عن شروعها في غربلة البيانات للتحقق من الأرقام. قدّمت مجموعة من الخبراء عدة تحليلات موازية لما أعلنت عنه الحكومة ومصالح الوزارة الأولى، أن الجزائر حققت وثبة شبهها هؤلاء بالمعجزة، عندما ذكر الوزير الأول أحمد أويحي أنه تم خلق مليون منصب شغل في ظرف 183 يوم، وأن الجزائر استفادت من 28.8 مليار دولار، كحجم للاستثمارات الأجنبية محليا، ما يعكس صورة إيجابية عن مناخ الاستثمار وطنيا، وإن كانت هذه البيانات الرسمية التي قدمها الوزير الأول ووزراء آخرين، تستند أيضا إلى تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين، فإن ردود الخبراء كما توضح تصريحاتهم، جاءت عكس التيار هذه المرة، معلنين غرابة هذه الإحصائيات، لأن الواقع في الجزائر،عكس ذلك. وحسبما صرح به الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، استنادا إلى ما نقله موقع إيلاف، فإنه قد اندهش لما حمله التقرير الحكومي، معتبرا ذلك أمرا لا يقبله أي مدرك لحيثيات المشهد الجزائري وتقلباته، ويشكّك مبتول في الرواية الحكومية انطلاقا من تناقضها مع الركود الكبير الذي يطبع الحياة الاقتصادية محليا، ما يسقط صفة الجدية عن بيانات الوزير الأول، أحمد أويحي، وتهليل مصالحه لما يسمونها "ديناميكية" ميّزت قطاعات الخدمات والبنوك والإدارة والزراعة والغابات والصناعة. من جهة أخرى يستفسر خبير في شؤون المالية، عبد الحق لعميري، عن الطفرة المحققة من اقتصاد يشكو الرتابة والتباطؤ، وفي ظرف قياسي، معتبرا الكلام الرسمي عن بلوغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الجزائر خلال النصف الأول من السنة الجارية سقف 28.8 مليار دولار غير واقعي، متسائلا عن هذه المجموعات الاقتصادية التي اقتحمت السوق الجزائرية، من غير المتعددة الجنسيات المهووسة بالتنقيب عن النفط فحسب. وبالنسبة لردّ الحكومة، فإن تصريحات المدير المركزي للإحصائيات على مستوى كتابة الدولة للتخطيط والإحصاء، فوزي أمقران، يوضح أن ما جرى نشره هو محض تجميع للمعطيات المقدمة من سائر الوزارات. وأشار أمقران إلى أن الصورة ستظهر اكتمالا في تقييمات نهاية السنة، قال إن المشكلة قد تكون ناجمة عما سماها "الاصطلاحات"، إذ لا يبدو واضحا إذا كانت حصيلة بعض الأسلاك القطاعية خاصة بالسداسي الأخير تحديدا، أم هناك تراكمات لسداسيات سابقة، لذا يشدد أمقران على حساسية دور وزارتهم في المتابعة والمراجعة والغربلة، لغرض إنجاز جدول اقتصادي اجتماعي يُرفع للوزارة الأولى بعد أشهر، ويتضمن تقييما للسياسات وبلورة للخطوط العريضة لمسار الاقتصاد الوطني، بما سيسهل بناء المعطيات ويؤسس لتنمية واضحة. فيما يقول الخبير، صلاح موهوبي، إن هناك خلل ما، حيث أنه لم ير يوما دولة متطورة توصلت لاستحداث مليون وظيفة خلال سنة واحدة. وعليه فإن تقرير الحكومة يمثل "معجزة" بالنسبة إليه. ويضيف أنه من الصعب تصديق أرقام، لاسيما حينما يعلم الجميع أن الرؤية الاقتصادية مغيّبة والآلة الإنتاجية معطّلة محليا، عدا قطاع الهياكل القاعدية الذي يشكل الاستثناء. ويدعو موهوبي الحكومة إلى تصحيح أرقامها، وإعادة النظر في واقع الاقتصاد الوطني، كما تشير تصريحات هؤلاء الخبراء بما فيهم ممثل كتابة الدولة للتخطيط، إلى وجود شرخ بين الواقع والأرقام وما يقدم من إحصائيات، وأمام غياب دقة الإحصاء وتقديم البيانات عن مختلف المجالات، فإن الجزائر تجدها في مؤخرة الترتيب العالمي ضمن مناخ الأعمال مثلا، حيث تقعد المقعد 136 من ضمن 183 دولة في العالم، ما يؤشر على هشاشة سوق الاستثمار محليا، ويستدعي حلولا استعجالية على المدى القريب، يراها الخبراء أكثر من ضرورية في الوقت الحالي، لانتهاز فرصة اضطرابات الدول الصناعية وسوق الدولار والأورو.