لنتوجه كلنا إلى الجنائية الدولية، ولنرفع كلنا كجزائريين قضايا نطالب فيها بمعاقبة أولئك الذين ألحقوا بالبلاد الدمار! ما دامت الجنائية الدولية لا تعترف بقوانين المصالحة التي عفت عن الإرهابيين التائبين منهم وغير التائبين، النادمين على ما اقترفوه من جرائم والمتفاخرين بما قاموا به من مجازر روعت المواطنين طوال أزيد من عشرية. فما دام الجنرال خالد نزار الذي ساهم مع القيادة العسكرية في حماية الجمهورية من القوى الظلامية، لن يفلت من العقاب مثلما جاء في بيان الجنائية الدولية أول أمس، فحتى بن حجر ومدني مزراق وعباسي مدني وكل أمراء الإجرام والذباحين وسفاكي الدماء، وكل من حرقوا البلاد، وسبوا الصبايا، ويتموا الأطفال، ونهبوا وسلبوا وأرعبوا الناس، هم أيضا لن يفلتوا من العقاب، ومن حقنا متابعتهم بسبب جرائمهم أمام الجنائية الدولية. فنحن أيضا قبلنا على مضض بقوانين الوئام والمصالحة، التي أتى بها الرئيس لوضع حد للفتنة التي غرقت فيها بلادنا، لأنه لم يكن لدينا من حلول أخرى، فليس من السهل على أم أن ترى ابن جارها الذي ذبح أمامها فلذة كبدها يتمتع بالحرية ويخرج ويدخل إلى منزله ويركب أفخر السيارات وهي لن ترى مرة أخرى ابنها ولن تأخذ قصاصه، لأنها هي الأخرى ومثل بقية الجزائريين صوتت للسلم والأمن والطمأنينة. أم أن محكمة الجنايات الدولية تكيل بمكيالين، فعندما يتعلق الأمر بمن تصدوا إلى الإرهاب وحموا البلاد من السلفية الجهادية ومن إسلام آل سعود، تسميهم مجرمي حرب وتلاحقهم في المحاكم، وعندما يتعلق الأمر بإرهابيين يقتلون الأطفال ويبقرون البطون، ويقلون الرضع في الزيت والنار، عندما يتعلق الأمر بزوار الليل الذين حصدوا وقتلوا وحرقوا في بن طلحة والرايس والرمكة وذبحوا الأساتذة، والتلاميذ أمام أبواب المدارس، عندما يتعلق الأمر بهؤلاء يصبحون مظلومين وأصحاب حق. نحن أيضا من حقنا أن نتظلم أمام هذه المحكمة على ما لحقنا على يد قوى الظلام طول أكثر من عشريتين. وأطفالنا الذين يرددون كلمة الإرهاب والموت كأنشودة مدرسية، من حقهم على الذين سرقوا طفولتهم وبراءتهم، أن نتابع هؤلاء المجرمين أمام الجنايات الدولية، فكل قرية وكل مدينة وكل شبر، وكل بيت في الجزائر عانى من الإرهاب الأصولي وما زال يعاني حتى اليوم، ما زالت وسائل الإعلام تنشر يوميا أخبار القتل باسم الدين، وما زالت التفجيرات تهزنا من حين إلى حين. فهل ستكون الجنائية الدولية بهذه النزاهة لتعالج كل هذه الملفات. وهل هي قادرة على إلحاق العقاب بمن عفينا مرغمين عنهم، لأننا أردنا أن نخرج ببلادنا من خندق الفتن؟! أم أن قرار الجنائية الدولية يخفي قرارات أخرى، يراد من ورائها تدويل القضية الجزائرية، بعدما فشلت في تدويلها أثناء الأزمة الأمنية؟! ولأن الجزائر نجت من المخطط الذي يحاول اليوم تطبيقه في سوريا والعراق وبلدان الربيع العربي، تريد اليوم الجنائية الدولية الوصول إليه بطرق ملتوية؟! إذن كلنا أمام الجنائية الدولية!؟