مثلما صنع هروبه الحدث قبل عشر سنوات عاد رجل الأعمال ”اللغز” عبد المومن خليفة ليحيي جدلا خلفته قصة تكوين ثروة طائلة في ظرف قياسي، قبل أيام من نهاية العام الجاري شغلت الرأي العام الوطني والدولي حول ظروف تسليمه التي تسبق استحقاقا رئاسيا هاما. ولم يكن الجزائريون ليدعوا خبرا مهما كان بسيطا عن أخبار ”الفتى الذهبي” مثلما تطلق عليه الصحافة، ليمر مرور الكرام دون أن يستوقفها الفضول للبحث عن كل ما يتعلق بمحاكمة أو ترحيل رجل الأعمال الهارب عبد المومن رفيق خليفة، ولا سيما أن مراقبين شككوا في صدقية ترحيله إلى الجزائر على خلفية تصريح وزير العدل وحافظ الأختام الطيب لوح، يوم 17 ديسمبر المنصرم أن السلطات البريطانية قرّرت تسليم خليفة قبل 31 ديسمبر الجاري ”إذا لم يكن هناك طعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، وهو ما تم فعلا إذ لم تكد تمر أيام حتى عاد الخليفة على متن طائرة في رحلة جوية عادية على متن الخطوط الجوية الجزائرية. وعلى أثره أعلنت وزارة العدل أن السلطات البريطانية سلّمت رجل الأعمال الجزائري الهارب عبد المومن رفيق خليفة، إلى الجزائر الثلاثاء الماضي، بعد أعوام من فراره. وللعلم فقد كانت محكمة جنايات ولاية البليدة حكمت على الملياردير الشاب بالسجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه جرائم ذات صلة بتسيير ”إمبراطوريته المالية” التي تحمل اسمه. كما كانت محكمة البليدة قررت في الثالث أفريل الماضي تأجيل النظر في قضيته إلى دورة جنائية لاحقة دون تحديد تاريخها. واتهم خليفة ب”تشكيل جماعة أشرار والسرقة المتكررة والتزوير والاحتيال وخيانة الثقة وتزوير وثائق رسمية وبنكية والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس المفتعل”. ومن بين التهم الرئيسية الموجهة إليه ”السرقات التي تمت على مستوى مختلف الوكالات التابعة للبنك (بنك الخليفة) بأمر من عبد المومن خليفة نفسه والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة والتي كانت في واقع الأمر عمليات اختلاس منظمة”. وللتذكير أنشأ خليفة ”إمبراطورتيه المالية” في ظرف أعوام قليلة امتدت من أواخر التسعينيات إلى 2005، وفرّ إلى بريطانيا في 2003، لكن السلطات البريطانية أوقفته عام 2007 بموجب مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الابتدائية بنانتير في باريس بتهمة ”إعلان الإفلاس الاحتيالي وتبييض الأموال وخيانة الأمانة”. وأصدر القاضي البريطاني، أنتوني إيفانس، في 29 أوت 2007 قراراً بتسليم خليفة إلى فرنسا، إلا أن القاضي القاضي تيموتي ووركمان، وافق على تسليم خليفة إلى الجزائر في العام 2009 في محكمة وستمنستر في لندن، إذ اعتبر بمقتضى هذا القرار أن التسليم ”لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان”. يذكر أن ”إمبراطورية خليفة المالية” تمثلت بالخصوص في بنوكه المنتشرة في الجزائروفرنسا وشركة طيران الخليفة وأعمال في مجال الأدوية وغيرها، وهو ما شكل ثروة كانت تقدّر ببلايين الدولارات.