حذّرت النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين لقطاع التربية الوطنية من ”الغلو غير المبرر” في توسيع دائرة المقررات واعتماد الإكثار من الكتب المقررة التي تربك المتمدرسين، الذي نجم عن كمية الكتب المخصصة لمادة واحدة في فصل دراسي واحد، والتي تثقل كواهلهم. يأتي هذا في ظل ”المعاناة اليومية للمتمدرسين والجهد المبذول في حمل الحقيبة المدرسية التي تحفل بما هو غير مفيد من المقررات والوقت المهدر في التنقل من وإلى المدرسة”، تضيف دراسة مقارنة صادرة عن نقابة الأسلاك المشتركة، والتي قام بها رئيسها بحاري علي الذي حذر وزارة التربية من ”أخذ التلاميذ رهينة الإصلاحات غير المدروسة”، بعد قوله ”لابد من الإشادة بأولئك النفر الذين يضعون تلك المقررات ونقدر جهدهم المقدر، ونلتمس منهم الرأفة بالعقول اليانعة بغية غرس العلم وتحقيق الأهداف التعليمية، على نحو يجعل التحصيل ميسورا لدى الطالب ليخرج بحصيلة من العلم راسخا في ذهنه، وتعريب ما يمكن تعريبه وتغريب ما أمكن تغريبه”. واعتبر بحاري أن ما وصل إليه التعليم حاليا في الجزائر ”يتحمل مسؤوليته الكل من موقعه، الدولة لها مسؤولية كبرى في هذا الجانب سواء عن قصد أو عن غير قصد ثم يأتي دور المدرسين والأساتذة وخاصة الأسرة والمجتمع… كما أن تلميذ اليوم يأخذ من خارج المدرسة أكثر من داخلها لذلك لم يعد المدرس يتبوأ موقعا مهما في ذهن المتعلم، أوفي تربيته أو في تنشئته كما في السابق”. وسلطت الدراسة التي جاءت تحت عنوان ”التربية بين الأمس واليوم في الجزائر” على دراسة 6 علاقات بين أعضاء الأسرة التربوية ساهمت في تدهور وضعية التعليم على رأسها العلاقة بين الآباء والأبناء. وقالت ”اختلفت أساليب التربية مقارنة بين ما كان ينعم به الجيل القديم وما ينعم به الجيل الحالي، فقد كانت العلاقة بين الأب والابن في الحقب التعليمية الماضية مبنية على الطاعة والإكبار للأب، وتنفيذ أوامره ولو كانت غير صائبة، فيوبخ الابن عقابا له بما يفضي إلى وجوب قبول الأمر الواقع تأدبا من منطلق تربية الآباء على النهج الديني”. وحول العلاقة بين الأبناء والمعلم، تضيف الدراسة أنه ”بالنسبة للجيل الأول كانت ولم تزل، وبعد أن تفرقت السبل بالجميع علاقة الطالب بالمعلم تتسم بالاحترام والتبجيل، وحتى تلك الهيبة والوقار التي كانت تمثلها هيئة المعلم خلقا وأخلاقا، تتماثل في أعين الرعيل الذين تتلمذ على أيديهم، ليظل المعلم أولى بالتقدير بعد الوالدين”، في حين أن العلاقة الثالثة فهي بين المعلم والآباء، حيث أضافت الدراسة ”ونزاهة المعلم من منطلق المفهوم السائد في الاستقامة، كان الآباء مطمئنون إلى مستقبل أبنائهم حتى أنه في حالة معاقبة الطالب في المدرسة لإهماله الدروس أو الحفظ أو لأي سبب آخر، فقد يعاقب الطالب مرة أخرى في المنزل على هذا الإخفاق الذي يعد في نظر الأب أو ولي الأمر”. وتطرقت الدراسة إلى تقييم المعلم، والذي كان يتم من خلال تقييم الأستاذ لنفسه بالنتائج التي يحصل عليها الطلاب في مادة ما، تحت إشراف المعلم المختص تؤول المحصلة النهائية رصيدا للمعلم، مما يجعل البذل والتضحية لتحقيق الذات سبيلاً للارتقاء بالأداء التربوي التعلمي والتعليمي، ويرتفع تلقائيا المستوى الدراسي للطلاب عكس ما هو الحال الآن، حيث يقتصر على وظيفته النبيلة. وترى الدراسة أن هذا التقصير الصادر عن الأولياء في حق الأبناء والذي ساهمت في توسيعه الملهيات الكثيرة كالتلفزيون بفضائياته المتعددة والأنترنت ووسائل الإعلام بلا محدوديتها وغيرها من المشاغل المؤثرة بقوة هائلة في التشويش على الطلاب في المذاكرة والتحصيل المعرفي، ودور الآباء هنا هو مراقبة الأبناء وتوجيههم بتنظيم أوقات المذاكرة للتوفيق بين متطلبات النفس البشرية من الترفيه والواجبات المدرسية المفروضة عليهم على طريق المستقبل.