بوغالي يترأس اجتماعاً    منصّة رقمية لوزارة الشباب    ناسدا ترافق الشباب    بوعمرة يؤكّد ضرورة التكوين المتواصل    "لن نستسلم.. والجزائر لن تتخلى أبدا عن الفلسطينيين"    وزارة العدل تنظم ورشة تكوينية حول العملات المشفرة    التحضير لاجتماع اللجنة الاقتصادية الجزئرية - المجرية    لقاء مع صنّاع المحتوى والمهتمين بالفضاء الرقمي    التجند لإنجاح المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيممون    انطلاق الدروس عبر الأرضيات التعليمية للتكوين المتواصل    مسودة قرار يطالب ترامب بالاعتراف بدولة فلسطين    شكوى ضد النظام المغربي لتواطئه في إبادة الشعب الفلسطيني    الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما    سجاتي على بعد خطوة من الذهب    "العميد" والكناري" نحو استعادة المجد الإفريقي    مدارس تطلب شهادة الميلاد رغم إلغائها    تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الموارد المائية    برنامج خاص بالصحة المدرسية    القبض على سارقي محتويات مسكن    المطالبة باسترجاع وشراء المخطوطات الجزائرية الموجودة بالخارج    التعامل مع التراث كعنصر استراتيجي للتنمية    الجزائر تندد ب الطابع "المخزي" للعريضة التي أودعتها مالي لدى محكمة العدل الدولية    المغرب: ردود أفعال منددة بتصعيد المخزن لمقاربته الأمنية عقب الحكم بالسجن على الناشطة الحقوقية سعيدة العلمي    المغرب يروي عطشه بطاقة مسروقة من الصحراء الغربية المحتلة    ألعاب القوى/ بطولة العالم (الوثب الثلاثي): ياسر تريكي يحرز المركز الرابع في النهائي    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى65174 شهيدا و166071 مصابا    عماد هلالي: مخرج أفلام قصيرة يحرص على تقديم محتوى توعوي هادف    ولاية الجزائر: تكثيف جهود الصيانة والتطهير تحسبا لموسم الأمطار    فلاحة: تطور ملحوظ و آفاق واعدة لشعبة إنتاج التفاح بولايتي باتنة و خنشلة    وزارة التضامن الوطني: توحيد برامج التكفل بالأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد    فرنسا تشهد احتجاجات عارمة ضد السياسات الاقتصادية وتشديد أمني غير مسبوق    وزير السكن: تقدم أشغال المركب الرياضي الجديد ببشار بنسبة 20 بالمائة    وزير الداخلية يشدد على تسريع إنجاز مشاريع المياه بولاية البليدة    وزير الأشغال العمومية يؤكد تسريع وتيرة إنجاز مشروع توسعة ميناء عنابة الفوسفاتي    إطلاق برنامج "الأسرة المنتجة" لدعم الأسر ذات الدخل المحدود    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    جامعة التكوين المتواصل: انطلاق الدروس عبر الأرضيات التعليمية غدا السبت    المحاور ذات الأولوية للتكفل بانشغالات المواطن محور اجتماع سعيود بولاة الجمهورية    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    غزّة تحترق    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يشبه التفاؤل: هوية سياسية خليجية صاعدة!
نشر في الفجر يوم 21 - 10 - 2014

من الصعب التكهن بالسياسة ومتغيراتها على طريقة استشراف المستقبل في مجالات أخرى، لكن من المهم توقع ما ستؤول إليه الملفات الأساسية في المنطقة، وأهمها حدث العام، وهو تكوّن وتضخم ملف الإرهاب الفوضوي الذي دشنه ”داعش” مفتتحا عصرا جديدا من الذعر المجاني. في الجهة المقابلة العديد من علامات الاستفهام حول التقارب الأميركي - الإيراني وتحويل المنطقة إلى سوق سياسية كبيرة تعرض منتجاتها في شكل أزمات، وانهيارات اقتصادية، وثورات مسروقة، وتردي أوضاع الداخل، في مقابل ضغوط خارجية باتجاه المصالحة الوطنية، أو إثارة قضايا الأقليات والحدود.. إلخ من الملفات الحقوقية التي باتت السلعة الأخطر لتهديد الداخل بما تملكه من مصداقية ونزعة إنسانوية.
الإسلام السياسي الشيعي الآن يتبجح بتفوق آيديولوجيته المتصاعدة، وأفول الإسلام السياسي السنّي الذي يحاول إعادة تكرار التجربة عبر الارتهان ل”الخليفة” الجديد إردوغان، ومحاولة خلق تحالف جديد قائم على الرعاية المباشرة والتبني السياسي وليس مجرد التوافق في الرؤى.
وإذا كان أفول الإسلام السياسي فتح الأبواب مشرعة أمام تسيّد الأصولية المسلحة للمنطقة، فإنه خلق أيضا تصورا مغلوطا عن المجتمعات السنيّة التي تعد أكبر ضحايا هذه الفوضى.
الليونة التفاوضية من قبل إدارة أوباما مع إيران، رغم ازدياد نفوذها السياسي في دول الجوار والمناطق المشتعلة بالأزمات، في مقابل الحزم الذي تعامل به الحكومة المصرية رغم أن الدولة تعيش مرحلة إعادة بناء، تحيلنا إلى أزمة حقيقية في تقدير الموقف تجاه المنطقة؛ حيث حالة ”اللاحسم” في المشهد السوري التي أسهمت في تسخين الحالة السياسية، والتراخي في دعم الاستقرار في دول مثل مصر فوّت على الولايات المتحدة فرصة إعادة حضورها إلى المنطقة.
هناك خطر شديد الآن يقترب من التهديد الوجودي للأقليات في المنطقة، ليست فقط الأقليات العرقية والدينية والجهوية؛ بل حتى الأقليات التي تمثلها مجتمعات النخبة بانتماءاتها السياسية المختلفة، التي باتت مهمشة في ظل ارتفاع صوت العنف الأصولي.
عنف اليوم حوّل كل الشعب السوري إلى أقلية، وجعل كل النخب التي تقف بصرامة ضد الإرهاب أقليات تواجه كتلا سياسية كبيرة تمارس هواية التحالف المصطنع البراغماتي، فالنظام الأسدي يستفيد من بقاء ”داعش” لأن في رحيله نهايته المحسومة، وهناك أنظمة أخرى ترى في ”داعش” عملية إنعاش قلبي للإسلام السياسي الذي تدعمه، وهناك بالطبع حلف الممانعة بقيادة إيران التي ترى في ”داعش” الداء والدواء؛ القضية المدرّة للتفاوض مع الغرب، والملف الذي قد يحسن العلاقة مع دول الخليج في ظل التحالف ضد الإرهاب، لكنها في الوقت ذاته تدرك جيدا أن استقرار المنطقة يقلّص من نفوذها المتعاظم المرتبط بالأزمات، ولذلك فكل المخاوف من التمدد الإيراني في المنطقة - بعد التحول الجديد في اليمن - مرهون ببقاء المنطقة على أتون الانقسامات والانفصال والتذرر السياسي الذي نشهده الآن.
هذه الأجواء المضطربة هي المناخ الملائم للتمدد الإيراني ولعودة الأصولية السياسية بمشروعها الانقلابي ولإعادة إنتاج مجموعات إرهابية جديدة من ”القاعدة” إلى ”داعش”، وربما نشهد غدا تنظيمات محلية صغيرة تأخذ حظها من كعكة الاضطرابات الكبيرة.
عدا هذه المجموعات الصغيرة المؤثرة في إيقاع العنف والاضطرابات الدامية في منطقتنا، فإن عموم مكونات المجتمعات العربية رهائن للميديا الشرهة تجاه المختلف والغرائبي والعنفي إلى الحد الذي بات معه كثير من وسائل الإعلام أقانيم دعائية للتطرف.
التفاؤل خطيئة سياسية، لكن يجب أن يقال إن السنوات الماضية التي بلغت فيها المنطقة حضيضها السياسي والأمني، خلقت هويّة سياسية خليجية مضادة، قائمة على معطيات الأمن المشترك، وتشمل ملفات مهمة كالحدود، والمبادرات، والمواقف المختلفة حول القضية السورية، والوضع في اليمن، والموقف من الإسلام السياسي بشقيه، والتمدد الإيراني، وتحول استراتيجيات وأولويات الإدارة الأميركية في المنطقة خلال عهد أوباما.
كما أن هذه الهويّة يمكن تعميمها على باقي الدول التي ما زالت تحتفظ بنسق ومفهوم الدولة المتماسكة كالأردن والمغرب والجزائر وكل المناطق التي لم تتغير تركيبتها السياسية بفعل ”الربيع العربي”.
سؤال الأسئلة: هل يمكن لدول الخليج التي عبرت موجة الربيع العربي وألسنة اللهب التي أوقدها، عبور الموجة الثانية وصعود التطرف المسلح والميليشيات الإرهابية ذات المنزع السني أو الشيعي؟
رغم صعوبة السؤال وافتراضه أنه يمكن لدولة أو حلف ما الانعزال عن سياق سياسي بحجم الفوضى والدمار في المنطقة، فإن من المهم إعادة الملفات إلى نصاباتها الطبيعية، فالأزمات، لا سيما تهديد الإرهاب على ضخامته، بحاجة إلى استراتيجيات فاعلة؛ من أهمها الاستثمار في المكونات الأساسية في الداخل، وأهمها ”الإنسان/ المواطن”، بما تعنيه الكلمة من إعادة تعزيز المواطنة، لا سيما في الأقليات، وكل الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها المتربصون بالسلم المجتمعي. إلا أن محاولة الانسياق وراء لحظات ”التثوير” التي يقودها الإسلام السياسي بعد فشله، ستقودنا لخسارة غير مستحقة للمكونات الصغيرة سياسيا ومجتمعيا، لا سيما أنها تحظى بآثار التنمية الاقتصادية الهائلة التي تعيشها دول الخليج. هذا الحد الأدنى من المستوى الاقتصادي هو العامل الأكثر أهمية في تماسك وبقاء وترجمة مفاهيم المواطنة والولاء السياسي من الخطابات المثالية التي تقفز على إرث جذري وعميق من الطائفية والعنصرية والجهوية غير المرتبط بالضرورة بسياق ديني أو فكري. فكرة المواطنة الكاملة هي المذيب الوحيد لأي عنصر ثانوي والضامن الأساسي لعدم اختطاف الأمن المجتمعي من أي فصيل أو جماعة تحاول الاصطياد في المياه العكرة.. وما أكثرها اليوم. تفاؤلنا الوحيد اليوم هو بهذه الهويّة السياسية والاجتماعية الخليجية الجديدة الطامحة لعيش حياة كريمة ومجتمع رفاه وتواصل أمثل مع العالم.. هذه محددات الأجيال الجديدة التي ولدت في ما بعد مرحلة أفول ”الصحوة”، وشواهد هذه الهويّة لا تخطئها العين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.