قوجيل: مجازر 8 مايو 1945 كانت مأساة للأمة وللوطن    نظمه المعهد العسكري للوثائق والتقويم والإستقبالية لوزارة الدفاع الوطني.. "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي.. " محور ملتقى    لإعادة إدماجهم في المجتمع..ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني في مرافقة نزلاء المؤسسات العقابية    الأمم المتحدة: مخزونات الغذاء بغزة تكفي من يوم إلى 4 أيام فقط    ذكرى 8 مايو 1945 محطة لفضح جرائم المستعمر لفرنسي    ضبطت بحوزته كمية معتبرة من الكوكايين والبريغابالين.. 7 سنوات حبسا نافذا لمروج مخدرات بالعاصمة    إختتام المناورة الدولية للحماية المدنية بالبويرة    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تزامنا وشهر التراث.. أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    أيام قبل فصل الصيف : رفع العجلات المطاطية والقضاء على الأحراش بغابات عنابة    كما عقد لقاء مع ممثلي المجتمع المدني : وزير الداخلية يقف على مدى تنفيذ البرنامج التكميلي بخنشلة    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    انطلاق امتحان اثبات المستوى للمتعلمين عن بعد في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي    قوات الاحتلال تحتل كامل معبر رفح البري ما أدى إلى توقف دخول المساعدات إلى غزة    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بنيروبي: تبون يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    وكالة "النفط" و"ايكينور" النرويجية يوقعان اتفاقية من أجل دراسة الامكانات الجزائرية في المحروقات    كرة القدم/ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا: تعيين الجزائري غربال لإدارة مباراة الترجي التونسي والأهلي المصري    الأمم المتحدة: غوتيريش يطالب الكيان الصهيوني بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم فورا    زعماء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار كانوا متحكمين في فنون الحرب        القادسية السعودي يدخل سباق التعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو    تكوين وتعليم مهنيين: تكريم الفائزين في مسابقة شهر رمضان    هول كرب الميزان    كأس العالم للحمل بالقوة لذوي الاحتياجات الخاصة: دخول ثلاثة جزائريين المنافسة بنية الاقتراب من التأهل للالعاب البرالمبية    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    ماذا بقي في رفح؟    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    تحسين الأداء والقضاء على الاكتظاظ الموسم المقبل    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا: فائض النقص هاجماً علينا
نشر في الفجر يوم 20 - 10 - 2015

يتحدّث البعض، من موقع الرفض للسياسات الروسيّة، عن ”استعمار روسيّ”. ويحضر من البراهين، فضلاً عن المغامرة السوريّة، ما يحصل في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وما قد يحصل في طاجيكستان من نشر لقوّات روسيّة. وثمّة من يعود بالذاكرة إلى أفغانستان، أو إلى الشيشان، أو إلى ما قبل ذلك في الزمن اللينينيّ-الستالينيّ أو حتّى في الزمن القيصريّ.
لكنّ المشكلة أنّ روسيا ليست استعماراً لأنّها لا تملك شروط الاستعمار بصفته نتيجة فائض في الداخل. وهي إذا امتلكت من شروطه القسوة والفظاعة والنهب، افتقرت إلى القدرات الأخرى، كمدّ سكك الحديد وبناء المدارس وتخريج طواقم حديثة التعليم ونشر لغات حيّة للإنتاج والتقنيّة.
وأن تعجز أمّة عن أن تكون استعماريّة فهذا ليس دائماً فضيلة. ذاك أنّ الافتقار إلى الشرط الاستعماريّ في حالة ألمانيا كان من العوامل المفضية إلى النازيّة. وروسيا ليست نازية بالطبع، إلاّ أنّ احتلالها بلداً تعبير عن فائض نقصٍ متراكم، لا عن فائض إنتاج وقوّة، كما حال الاستعمار. فليس عديم الدلالة مثلاً أنّ جمهوريّات سوفياتيّة سابقة، كأوزبكستان وتركمانستان وأذربيجان، ما إن استقلّت حتّى استبدلت الأبجديّة الكيريليّة بالأبجديّة اللاتينيّة.
ولئن لاقى هذا الإجراء اعتراض إسلاميّين دافعوا عن تبنّي الأبجديّة العربيّة–الفارسيّة، فأحدٌ لم يدافع عن التمسّك بالكيريليّة. صحيح أنّ أوكرانيا استثناء لأنّ خُمس الأوكرانيّين روس، لكنّ عدد الروس في أوكرانيا وفي سواها حجّةٌ للتمدّد السكّانيّ أكثر منه حجّة لتقدّم النموذج السوفياتيّ فالروسيّ.
وقد عرفت بلدان عربيّة علاقات وثيقة مع موسكو، كانت مادّتها الأساسيّة السلاح، بسبب ضعف روسيا، وقبلها الاتّحاد السوفياتيّ، في أيّ شيء آخر. أمّا عشرات آلاف العرب ممّن درسوا هناك فلم يُحدثوا أيّ تغيير يتعدّى نيلهم الشهادات وممارستهم المهن، وسط منافسة غير متكافئة بتاتاً مع خرّيجي الجامعات الغربيّة.
لقد تراكم فائض النقص في روسيا الاتّحاديّة، فكان، أوّلاً، سياسيّاً جسّده العجز عن إنشاء نظام ديموقراطيّ يتجاوز الآليّة الانتخابيّة. وهذا لئن افتتحه يلتسن بقصفه البرلمان، فقد توّجه بوتين بصيغته الغريبة التي يتناوب فيها، هو وميدفيديف، على رئاسة الدولة. وكان، ثانياً، نقصاً اقتصاديّاً يجلوه العجز عن اقتحام ثورة المعلومات والبقاء في أسار الموادّ الأوّليّة، والخضوع تالياً لتقلّب أسعارها. كذلك كان نقصها، ثالثاً، روحيّاً، ليس فقط لأنّ كنيستها الأرثوذكسيّة لم تتعرّض عميقاً للإصلاح، بل لأنّ ”الرسالة” التي مثّلتها ماركسيّة متخشّبة أخلت مكانها لتلك الكنيسة، لا تنافسها إلاّ ثقافة المافيا وقيمها. وفاقمَ النقصَ الروسيّ، رابعاً، تزايدُ الابتعاد عن أوروبا، خصوصاً بسبب انفصال دول البلطيق الثلاث، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، واجهتها على الشمال والغرب، ما قوّى الطابع الآسيويّ للبلاد ومكّنه. وبدورها عملت مسألة الهويّة، خامساً، على إحداث إنقاص ثقافيّ متعدّد الأوجه كان للنزاع حول أوكرانيا أن سلّط أضواء باهرة عليه.
فانفصال الأخيرة عن الاتّحاد السوفياتيّ أصاب الذاكرة الروسيّة بتصدّع مزدوج لم يبرأ منه الروس: فعبرها تطلّ موسكو على البحر الأسود، فيما كييف عاصمة روسيّا التاريخيّة قبل أن تصيرها موسكو.
وأبعد من ذلك، أنّ الحياة الثقافيّة لا تزال مضبوطة على إيقاع ذاك الصراع القديم بين السلافيّة والتغرّب. والسلافيّة، المؤثّرة في دوائر السلطة، أصوليّة من حيث بحثها عن نقطة في الماضي هي نقطة النور التي يهتدي بها المستقبل. ووفقاً لأحد روّاد هذه النزعة، الروائيّ سولجنتسين، ليس العصر الذهبيّ سوى الحقبة النوفغوروديّة، حين وقفت مدينة نوفغورود، بقيادة ألكسندر نيفسكي، في وجه مغول القرن الثالث عشر. أمّا الانحطاط فابتدأ مع آل رومانوف، مطالع القرن السابع عشر، وكان أسوأهم بطرس الأكبر لتأثّره بالغرب ونموذجه.
فالحياة الثقافيّة عندهم ليست أفضل إلاّ قليلاً منها عندنا. وما ينطبق عليها ينطبق على أوجه الوجود الاجتماعيّ الأخرى المشوبة كلّها بنقص فادح، إلاّ أنّه نقص مسلّح يصرّ على الهجوم علينا، وبطريقة الأرض المحروقة شيشانيّاً، كما يصرّ طبعاً على كونه مقدّساً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.