أحيط إعلان وزارة الشؤون الدينية بخصوص إنشاء مرصدين لتجريم فعل الانحراف النحلي والتشدد الديني، بتساؤلات حول المغزى من الاجراء الذي يعتمد على آليات تجاوزها الزمن، فيما طالب مختصون بالاعتماد على تكوين الإطارات والأئمة لحماية الهوية الوطنية. وقال المستشار السابق لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عدة فلاحي، في تصريح ل”الفجر”، إن الأفكار أصبحت عابرة للقارات، إذ لا يمكن في عصر الأنترنت ضبط الأمور بمرصد لمكافحة التشدد، معتبرا الإجراءات المتخذة شكلية لأن الإدارة تعمل على آليات تجاوزها الزمن، وقال إنه في ظل تعدد الفضائيات والاتصالات يمكن الترويج للنحل المختلفة حتى بالجوال، وبالتالي فإن إنشاء المركز ليس له أي مفعول، وهو من باب أن الوزارة تعمل على محاربة ظاهرة التشيع. وكشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، عن مشروع قانون قيد الدراسة لمكافحة التطرف الديني في الجزائر، حيث يعمل حاليا مع وزارة العدل لتحضير مشروع قانون لحماية الجزائريين من التطرف الديني الذي يمس بالمرجعية الدينية الوطنية، كما ينظم ويرسم معالم المرجعية الوطنية الدينية التي لم يحد عنها الشعب والتي التف حولها عبر التاريخ. وأشار النائب البرلماني السابق إلى البيان الذي نشرته سفارة العراق حول تشجيع التشيع، وقال ”لقد استهجنته شخصيا واعتبرته أمرا غير مقبول ويعمق من تشنج الأوضاع، وعجل من قرار إنشاء المرصد”، مضيفا أن المرصد في كل الحالات ليس آلية أو وسيلة لجمع الأفكار، وتابع بأنه كان من الأجدر بالوزارة أن تقدم على تكوين الإطار لحماية الهوية الوطنية، وإذا لم تستطع تخريج إمام أو إطار يبلغ الأفكار فلن ينجح المشروع”، منتقدا تحدث الوزارة عن مرصد في وقت لا تملك موقعا إلكترونيا متطورا من حيث المضمون والشكل وحتى المعلومات. وكشف فلاحي عن تقرير رسمي لما كان بوعبد الله غلام الله وزيرا، أكد أن التيار الشيعي لا يشكل خطرا وإنما التيار السلفي هو من يشكل خطرا على النسيج الاجتماعي عبر امتداده في الشارع وتحديهم لقوانين الجمهورية. ومن المقرر إعادة رسم المرجعية الدينية الوطنية من خلال إنشاء هيئتين لمحاربة الظاهرة، أولهما المجلس الوطني للتوجيه الديني ويترأسه إمام مسجد الجزائر، والذي يضم 48 مسجدا قطبا ومدرسة قرآنية نموذجية، بكل ولاية، ويهدف إلى تحرير المجال الديني من الإدارة والسياسة، وثانيهما مرصد تجريم فعل الانحراف النحلي والتشدد الديني. من جانبه، أوضح الأمين العام لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل الإفريقي، يوسف مشرية ل”الفجر”، أن إنشاء مثل هذه المراكز مهم جدا، لإحصاء الظواهر الدخيلة على المجتمع رغم أنه مسلم ومالكي وسني، لكنه يتفاعل مع الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي، بمعنى وجود حراك فكري في المجتمع بدليل، وفق مشرية، نشر سفارة العراق تسهيلات لمن أراد السياحة الدينية ممن يحملون الفكر الشيعي، وهذه الأفكار مثل الشيعية أو الاحمدية وغيرها من الطوائف، مادامت موجودة في المجتمع الجزائري لابد من إحصائها، ولكن الإشكالية تبقى في الدستور الذي يكفل حرية الرأي والمعتقد، فإن كانت الأفكار تشوش وتخلق نوع من الفتنة هنا يكمن الخطر.