اختتم ليلة أول أمس فيلم "عيون الحرامية" للمخرجة الفلسطينية نجوى النجار، برنامج ليالي سينما الهواء الطلق المنظمة من طرف الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بفضاء رياض الفتح. السهرة الختامية كانت بدايتها بعرض الفيلم القصير "باساج أنيفو" للمخرج أنيس جعاد، ويحكي هذا الفيلم الذي أخرج في 2013 ومدته 23 دقيقة عن عزلة حارس حاجز للقطارات متقدم في السن يؤدي دوره رشيد بن علال وحياته البائسة والروتينية، من خلال سهره على تأمين المسار نهارا وليلا بقرية جزائرية، غير أنه يتلقى رسالة سرعان ما ستغير يومياته. في فيلم "عيون الحرامية" أعادت المخرجة نجوى النجار إلى الأذهان صور الانتفاضة والمقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني. "عيون الحرامية" هو الفيلم الثاني الذي تخرجه نجوى النجار، بعد أولّ عمل لها بعنوان "المرّ والرّمان"، أدّت بطولته الفنانة الجزائرية سعاد ماسي والمصري خالد أبو النجا، صورّ بفلسطين، واقتبس عن قصة حقيقية تعود وقائعها إلى انتفاضة الأقصى سنة 2002، أين نفذت عملية قنص في أحد وديان الضفة الغربية واستهدفت حاجزا عسكريا إسرائيليا. فقام منفذّ العملية بإطلاق الرصاص على الجنود الإسرائيليين، من بندقية أمريكية الصنع، ما جعل الأمن الإسرائيلي يرجح بأنّ منفذ العملية شيخ مسنّ سبق له المشاركة في الحرب العالمية الثانية، فيما رجح احتمال آخر بأنّ القنّاص مقاتل شيشاني محترف، وبعد مرور عامين على الحادثة اعتقل منفذّ العملية واتضح أنه شاب فلسطيني، فحكم عليه بالمؤبد. ويرصد الفيلم في زمن قدره 130 دقيقة، قصة طارق "خالد أبو النجا"، الذي اعتقل 10 سنوات كاملة، في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وبعد الإفراج عنه يعود طارق إلى بلدته ويفاجأ وقتها بموت زوجته وتشرد ابنته "نور" التي تبنتها "ليلى" (سعاد ماسي) فتاة تشتغل خياطة وتعيش بنابلس، فيبدأ فصلا آخر من حياته، حيث اشتغل سمكريا لدى المقاول عادل ليتقرب من "ليلى" بهدف استعادة طفلته التي لا يعرفها أبدا. يكتشف طارق أن عادل منحاز للصهاينة، بحيث كان يمدهم بالمياه دون علم أبناء بلده، ففضحه في النهاية، ما جعل أهالي البلدة يتخلون عن عادل الذي خانهم بطريقة أو بأخرى. أمّا "طارق" فواصل طريقه والشكوك تراوده حول ما إذا كانت "ملك" التي رعتها "رشيدة" و"ليلى" ابنته أم لا. أرادت المخرجة نجوى النجار عبر هذه القصة تسليط الضوء على المعاناة اليومية والواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت رحمة الاحتلال، فرغم أملهم الكبير في الحياة إلا أنّ صدى المقاومة لا يفارقهم أبدا. وعن الفيلم تقول نجوى النجار أنه مقتبس من قصة حقيقية، تزامنت واندلاع انتفاضة الأقصى سنة 2002، لذا دفعتني عديد الأسباب لكتابة سيناريو العمل بهذه الطريقة، منها الثورة الجزائرية، وأشياء أخرى، وفي الوقت نفسه: "لم نكن نملك الحرية الكبيرة في فلسطين، لذلك ظلت هذه القضية التي حدثت في 2002 ونفذها شاب 24 سنة وقتل الجنود ولم يقل المرأة رغم أنها مستوطنة إسرائيلية، فكانت محاكمته ليس كإرهابي بل كسجين حرب لأنّه قتل جنودا على أراض فلسطينية، في ظل غياب حماس أو فتح والتي تعمل وقتها شيئا وطنيا". وتضيف النجار أن العمل ليس وثائقيا، لأنّه مستمد من قصة حقيقية "عيون الحرامية"، قائلة: "بحثنا كيف هو حال الوضع، فيمكن أنّه سنة 2002 يعرف العدو بصفة أكثر من هو؟، أمّا اليوم فهناك معطيات وتبعات أخرى، لأنّ الأمراض التي تبعت الاحتلال برزت أكثر في هذه الفترة، وهذه قصة إنسانية تصور جوانب مختلفة من حياة الشعب الفلسطيني، فمثلا لما تكون في المقهى وتحكي تتجلى تلك الروح الوطنية والنضالية". وعن اختيار الممثلين تقول نجوى النجار: "صنعنا شيئا لم يحدث سابقا، ووقع اختيارنا على أحسن شيء من أجل الفيلم، ففي بلادي لا يتاح المجال بسهولة لاختيار ممثل مصري أو من دولة عربية أخرى، سوى في هذا الفيلم "عيون الحرامية"، فضلا على أنّ سعاد ماسي تعدّ صديقة عزيزة بالنسبة لي، وهي تسجلّ أولّ مشاركة لها في عمل سينمائي، واختيارها كان لسبب بسيط، لأنّها تستطيع الوقوف أمام 10 آلاف شخص، بحيث استطعت إقناعها من أجل المشاركة في هذا الفيلم، ولهذا أنا فرحة أكثر خاصة وأنّ الاثنين "ماسي وأبو النجا" تقبلا الدورين واشتغلا على أرض فلسطينية محتلة".