الأحزاب غير قادرة على الدفع بنخبة للمجلس الوطني وعلى البلد الاعتماد على مؤسسات سيادية أخرى يرى الدكتور محمد طيبي أستاذ علم الاجتماع والباحث السوسيولوجي بجامعة وهران في هذا الحوار القصير ل"النصر" أن الأحزاب السياسية عموما باستثناء القلة منها لن تقدم خلال الانتخابات التشريعية المقبلة مرشحين يحملون تصورا استراتيجيا وفكرا سياسيا يستجيب لمتطلبات العصر ورهانات المرحلة التي تمر بها الجزائر اليوم، لذلك يقول لابد من الاعتماد على مؤسسات سيادية أخرى لحماية البلد، و من هذا المنطلق يعتقد أن المجلس الشعبي الوطني المقبل لن يكون قادرا لوحده على أن يدفع بالبلد نحو الإصلاح الحضاري المنشود إنما سيكون جزء من الحل فقط. - النصر: يتحدث الجميع سلطة وأحزابا عن أهمية المجلس الشعبي الوطني المقبل بالنظر للدور الذي سيناط به في المرحلة المقبلة من حياة البلاد خاصة ما تعلق بوضع دستور جديد للبلاد ينظم الحياة السياسية والعامة، حتى أن وزير الداخلية وصفه بمثابة مجلس تأسيسي، هل تعتقدون أن الأحزاب ستدفع اليوم بمرشحين من النخبة قادرين على رفع رهانات المرحلة المقبلة؟. الدكتور محمد طيبي: بالنظر للمعاينة التي قمت بها وما لاحظته من خلال السلوك السياسي والأفكار المطروحة في الساحة السياسية بصفة عامة، فباستثناء الأحزاب ذات التقاليد العريقة التي تريد أن تحافظ على البقاء فأنا لا اعتقد أن شبكة الأحزاب المبتدئة قد ترشح أفرادا يحملون تصورا استراتيجيا وفكرا سياسيا يستجيب لمتطلبات العصر ورهانات المرحلة الحالية، فحتى الآن يبقى هناك نوع من الحذر لذلك على البلد أن يعتمد على مؤسسات سيادية أخرى لحماية نفسه وحماية مصالح المواطنين. وعليه فأنا لست ميالا للاعتقاد بأن المجلس الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية للعاشر ماي القادم في اللحظة الحالية قادر لوحده على أن يدفع بالبلد نحو الإصلاح الحضاري المنشود ورفع تحديات المرحلة، قد يكون جزء من الحل فقط. - النصر : برأيك ما هو السبب في هذا المأزق الفكري والسياسي على السواء؟ الدكتور محمد طيبي: السبب انه ومنذ تقريبا عشرين سنة والبلد يمر بمرحلة عطل سياسي حقيقي ترجم بتفقير الحقل السياسي والفكري، وترتب عن هذا تفكك العلاقة بين المواطن والسلطة، وتراجع الثقة بين الدولة والمواطن، ونتج عن كل هذا أيضا أحزابا ناشئة لا تزال تحبو، ونحن اليوم أمام مشهد لا يرقى للتراث السياسي القديم الذي عرفته البلاد والنخب المرتبطة بمؤسسات السيادة، إذن فنحن اليوم لا زلنا بعيدين عن النخب التي من شأنها أن تدفع بالبلد نحو دولة مدنية، ونحو خلق اقتصاد تنافسي والدفع بقوة البلاد خارج الحدود ومحاورة القوى العظمى. - النصر: إذن من خلال التحليل الذي قدمته دكتور الأحزاب الجديدة التي تظهر اليوم بعد الإصلاحات الأخيرة لن تضيف شيئا للساحة السياسية وللفكر السياسي عموما؟ الدكتور محمد طيبي: اعتقد أنها لن تضيف شيئا لأسباب عدة منها أولا طغيان الجانب الزبائني للسياسة اليوم الذي يلاحظه الجميع، وثانيا هشاشة الخطاب السياسي نفسه، وأخيرا أن الأحزاب لا تزال في مرحلة النشأة وهي جزء من مشهد عام والبلد بحاجة اليوم إلى أكثر من ذلك.