وزير الداخلية: الحركة الجزئية الأخيرة في سلك الولاة تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لإضفاء ديناميكية جديدة    الفريق أول شنقريحة يترأس أشغال الاجتماع السنوي لإطارات المنشآت العسكرية    فايد: نسبة النمو الإقتصادي بالجزائر بلغت 4,1 بالمائة في 2023    وزير النقل : 10 مليار دينار لتعزيز السلامة والأمن وتحسين الخدمات بالمطارات    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى عبر مختلف مناطق الوطن    عنابة: فندق "سيبوس" يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي حول الاستثمار    العدوان الصهيوني على غزة: سبعة شهداء جراء قصف الاحتلال لشمال شرق رفح    الرابطة الأولى: مولودية وهران أمام منعرج حاسم لضمان البقاء    الدوري البلجيكي : محمد الأمين عمورة في مرمى الانتقادات    بن ناصر يخسر مكانه الأساسي في ميلان وبيولي يكشف الأسباب    عين ولمان في سطيف: تفكيك شبكة ترويج المخدرات الصلبة "الكوكايين"    جيدو /البطولة الافريقية فردي- اكابر : الجزائر تضيف ثلاث ميداليات الي رصيدها    بوغالي يؤكد من القاهرة على أهمية الاستثمار في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي    محسن يتكفل بتموين مستشفى علي منجلي بخزان للأوكسيجين بقسنطينة    الذكرى ال60 لتأسيس المحكمة العليا: طبي يبرز أهمية الإصلاح الشامل لتكريس العدالة الإلكترونية    أفلو في الأغواط: حجز 19.5 قنطار من اللحوم البيضاء غير صالحة للاستهلاك    حوادث المرور: وفاة 16 شخصا وإصابة 527 آخرين بجروح خلال 48 ساعة الأخيرة    برج بوعريريج : فتح أكثر من 500 كلم المسالك الغابية عبر مختلف البلديات    جسدت التلاحم بين الجزائريين وحب الوطن: إحياء الذكرى 66 لمعركة سوق أهراس الكبرى    ألعاب القوى/ الدوري الماسي-2024 : الجزائري سليمان مولة يتوج بسباق 800 م في شوزو    ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    الدورة الدولية للتنس بتلمسان : تتويج الجزائرية "ماريا باداش" و الاسباني "قونزالس قالينو فالنتين" بلقب البطولة    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    قصص إنسانية ملهمة    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصر من عند الله تعالى وهذه أسبابه
نشر في النصر يوم 08 - 04 - 2023

كشفت غزوة بدر أن النصر من عند الله تعالى؛ فهو وحده الذي يمنحه لمن يشاء ويصرفه عمن يشاء؛ ذلك لأن المنطق العددي وقتئذ كان يرجح كفة قريش للانتصار في المعركة؛ لما لها من أفضلية عددية، حيث بلغ عدد جنودها ثلاثة أضعاف عدد جند المسلمين، لكن لأن الله تعالى حكم وقال: ((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10))) [الأنفال]؛ فإن منطق العدد المادي لم يعد هو المعيار الوحيد لترجيح الانتصار في المعارك؛ فحين تكون إرادة الله تعالى تتجلى سنته في المجتمعات ((كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249))) [البقرة].
وتجسيدا لهذه السنّة انتصر المسلمون في بدر وهم اٌقلية عددية، فمنّ الله تعالى عليهم بهذا النصر فقال: ((وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123))) [آل عمران]، فانتصر 314 مقاتلا من المسلمين على قابة 1000 مقاتل من المشركين فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، ولذلك فإن المسلمين مطالبون بالاعتقاد أن النصر لا يتحقق بمجرد تكثير سواد الجند وتعزيز عتاد الجيش بل بالثقة أولا في نصر الله تعالى واستمداده منه؛ ولا أدل على ذلك مما وقع هنا ووقع مثيله في تاريخ المسلمين، وعلى غرار ما وقع في ثورة التحرير الجزائرية؛ فقد كانت الكفة ترجح عدديا وماديا الجيش الفرنسي للانتصار؛ لكن إيمان المجاهدين بنصر الله تعالى والتحام الشعب بهم حقق لهم نصرا تاريخيا لم يشهده المسلمون منذ قرون.
لكن النصر وإن كان من عند الله تعالى إلا أنه لا يعني أن يتواكل المسلمون ويذهبون لمواجهة عدوهم بصدور عارية وأيد خاوية، بل لا بد قبل ذلك من تقديم أسباب لهذا النصر أمر بها الله تعالى في آيات كثرة، منها:
(أولا). إعداد العدة البشرية والمادية للمعركة؛ لقوله تعالى: (( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)))، ولكل عصر ما يتطلبه من جند وأسلحة وعتاد تسخر من أجله الأموال، والمسلمون مطالبون في كل عصر أن يكونوا في مستوى تحديات ذاك العصر وفي مستوى أقوى الأمم تسليحا، فلا يكتفوا بأقل عتاد بل يبذلوا قصارى جهدهم وأموالهم في إعداد العدة للقتال في أي ظرف؛ بل إن الاستعداد للحرب حرب، والاستعداد للحرب تحقيق للسلام، وبعد إعداد العدة واستفراغ الجهد في ذلك يأتي مدد الله تعالى ليكمل النقص إن وجد؛ لذلك قال الله تعالى: ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9))) [الأنفال].
(ثانيها). الالتزام ببعض شروط النصر أثناء المعركة؛ جمعها قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47))) [الأنفال]
فمن شروط ذلك الثبات في المعركة وعدم الفرار عند لقاء العدو أو التولي يوم الزحف لأن هذا من الكبائر، ومن شأنه إدخال الشك والريبة والانشقاق في الجيش وتثبيط عزيمته، وبث روح الانهزام في صفوف أفراده؛ وكذا ذكر الله تعالى لأن المؤمن يعتقد ما سبق تقريره أن النصر من عند الله تعالى وحده، فلا يغفل عن هذه الحقيقة قيد أنملة، وقد غفل بعض المسلمين عن هذه الحقيقة يوم حنين حين ركنوا إلى قوة عددهم فانهزموا فقال الله تعالى: (( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26))،وكذا طاعة الله ورسوله، وطاعة الله تعالى هنا بالتزام حدوده وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بالتزام أوامره لاسيما اثناء المعركة باعتباره قائدا لها.
ومن شروط النصر أيضا: عدم التنازع لأن التنازع يعني الفرقة وذهاب القوة والانهزام أمام العدو، والفشل في تحقيق النصر الذي هو غاية المعركة، فالمسلمون تجتمع كلمتهم ويقاتلون صفا واحدا متينا، كما قال الله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4))) [الصف]، ففي التنازع ذهاب للجيش؛ بل ذهاب للدولة كلها؛ ولذلك قال بعض المفسرين إن المراد بقوله تعالى: ((وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)) أي تذهب دولتكم، وكذا والصبر؛ لأن النصر صبر ساعة كما يقال؛ فالمعركة فتنة تتطلب نفسا طويلا وجلدا وصبرا على مشاقها وعدم الاستسلام أو التراخي حتى يتحقق النصر، والجيش الأكثر صبرا هو الذي يحقق النصر في نهاية المطاف، ولذلك أمر الله تعالى بها المؤمنين، والإخلاص وعدم الرياء والكبرياء لأن ذاك من عادة غير المسلم الذي يبتغي الجهاد في سبيل الله تعالى؛ لإعلاء كلمة الله؛ ولذلك جاء في الحديث: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (سُئِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله) [متفق عليه]
فهذه هي أهم شروط النصر، التي ينبغي تحقيقها ثم التوكل على الله تعالى الذي بيده النصر، وقد استوفى المؤمنون هذه الشروط في بدر فانتصروا؛ لكنهم تراخوا عنها في غزوة أحد وتركوا بعضها فانهزموا فلم يتصفوا به، لأن أي شرط يتأخر منذر بالخسران؛ فقال الله تعالى مخاطبا المؤمنين المنهزمين في أحد: ((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا و َمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ (152))) [آل عمران]، فقد بين لهم أن من أسباب الانهزام في تلك المعركة التنازع ترك الطاعة والصبر والثبات والإخلاص ، وهو درس للمسلمين في كل عصر؛ لكي يحافظوا على شروط النصر في معاركهم العسكرية والحضارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.